مصطلح التجديد من المصطلحات الحديثة والتي ظهرت في الآونة الأخيرة، ويراها البعض بأنها من الضرورات الملحة في هذا العصر، فما مفهوم عملية التجديد وما هي الضرورة لهذه العملية، هذا ما سنعرفه في المقال التالي:
هو تصيير الشيء جديداً، وجد الشيء أي صار جديداً، وهو خلاف القديم، وجدد فلان المر وأجده واستجده إذا أحدثه.
هو وجود شيء كان على حالة ما، ثم طرأ عليه ما غيره، فإذا تم إعادته على حالته الأولى التي كان عليها قبل أن يصيبه البلى والتغيير كان ذلك جديداً.
أما فيما يتعلق بالمعنى اصطلاحاً وشرعاً: فتعددت تعريفات العلماء للتجديد فمنهم من عرفه إحياء ما انطمس، من معالم السنن ونشرها من جديد بين الناس، وحمل الناس على العمل بها، ومن من عرفها على أنه قمع البدع والمحدثات، وتعرية أهلها وإعلان الحرب عليهم، وتنقية الإسلام عليه من شوائب الجاهلية، والعودة لما كان عليه زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، أما التعريف الثالث فهو تنزيل الأحكام الشرعية على ما يجد من وقائع وأحداث ومعالجتها معالجة نابعة من هدي الوحي.
وأنا أرى أن تعريف التجديد هو حصيلة للتعريفات الثلاثة السابقة، فإحياء ما انطمس هو تجديد، وقمع البدع والمحدثات هو تجديد، وتنزيل الأحكام الشرعية وملائمتها للواقع لموجود فهو تجديد، أي أن مصطلح التجديد واسع وشامل، ولا بد من التنويه أن الفرق كبير بين التجديد والتجدد، فالتجديد ما تم تعريفه سابقاً، أما التجدد فهو صبغ الإسلام، بحيث لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ومعناه هي التحولات التي تطرأ تلقائياً على المنظومات الفكرية نتيجة تغير الأحوال الاجتماعية، والهدف منه حرف الناس عن فلاحهم وهدايتهم.
قبل الحديث عن التجديد وأسبابه وشروطه، لا بد من الوقوف على حكم التجديد هل هو من الناحية الشرعية يجوز أو لا يجوز، ومن خلال التفحص في آيات القرآن الكريم والكشف عن معانيها ودلالتها فيما يخص موضوع التجديد وجد أن حكم التجديد في الفكر التربوي هو جائز بل هو ضرورة ملحة في العصر الحالي، حيث يوجد أدلة في القرآن الكريم والسنة النبوية تؤكد على جوازه.
من القرآن الكريم: يقول الله تعالى: “ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ” (آل عمران: 104)
من السنة النبوية: ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه سلم يقول: إنَّ اللَّهَ يبعَثُ لِهذِه الأمَّةِ على رأسِ كلِّ مائةِ سَنةٍ من يجدِّدُ لَها دينَها” حيث يعتبر هذا الحديث هو عمدة التجديد وأساسه.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو لماذا التجديد…إن التجديد هي حاجة ملحة في العصر الحديث، وتتميز عملية التجديد بمجموعة من الخصائص التي تؤكد على لزوميته وهي كالتالي:
كما إن للتجديد دواعي جعلت منه أمراً ملحاً في العصر الحالي أي العصر الحديث وهي ضعف الوازع الديني لدى الكثير من الأشخاص، والانخراط عكس التيار الإسلامي وتأثرهم بالثقافات الغربية، إضافة إلى جهلهم بالإسلام وباللغة العربية، أي جهلهم بالعبادات والأحكام الشرعية، وجهلهم بأساسيات اللغة العربية والتي هي من أهم الأمور التي تعمل على الفهم الصحيح للدين الإسلامي وللقرآن الكريم، والغزو الثقافي والعسكري للبلاد المسلمين هو الذي جعل الكثير من الأفكار الخاطئة تجاه الدين الإسلامي في عقولهم، حيث كان الهدف الأساسي من هذا الغزو هو غزو العقول وحرفها عن طريق الدين الصحيح.
وكما بينا سابقاً أن التجديد هو ضرورة ملحة، ووصلنا لأنه يتميز بمجموعة من الخصائص، لكن يوجد بعض الأمور توضح ضرورة التجديد وهي كالتالي:
ولا بد من التنويه إلى هناك بعض المجالات والتي تتم فيها عملية التجديد، وحدد العلماء هذه المجالات، بالمجالات الخمسة التالية وهي الحفاظ على نصوص الدين الأصلية صحيحة نقية، ونقل المعاني الصحيحة للنصوص وإحياء الفهم السليم لها، الاجتهاد في الأمور المستجدة وإيجاد الحلول لها، تصحيح الانحرافات، وهذه الانحرافات قد تكون انحرافات في القيم أو السلوك، والمجال الأخير هو حماية الدين والدفاع عنه والجهاد في سبيله.
ومن المعلوم أن عملية التجديد ستكون على أيدي مجددين، ويجب توافر بعض الشروط في المجدد حتى يكون صالحا لأن يجدد في الفكر الإسلامي والشروط كما يأتي:
بعد الحديث عن شروط المجدد، لا بد من معرفة الضوابط التي تحكم عملية التجديد بحيث لا يتجاوز هذه الضوابط والضوابط كالتالي:
هو كل ما يدخل ضمن التجديد ويشمله، أي هو كل ما يعتبر خللاً في موقف المسلم من الإسلام ومخالفا لأحكام الإسلام أيضاً.
الخلل في مرجعية المسلمين: المقصود بمرجعية المسلمين هي المرجعية التي يرجعون إليها لمعرفة الحكم الشرعي لما يريدون فعله أو يريدون تركه، ولكن ما هي أوجه الخلل في مرجعية المسلمين في الوقت الحالي:
الخلل في موقف المسلمين من الدنيا والآخرة: ويتضمن هذا الخلل اغترارهم بالحياة الدنيا بحيث يصبح أكبر همه الحصول على ملذات الحياة الدنيا، وانخداعه بها، بحيث يظن نفسه لن يموت ويعيش فيها للأبد وهذا يدفعه للوقوع بالكثير من المعاصي، وغفلتهم عن الآخرة وهذه نتيجة اغترارهم بالدنيا حيث أنهم ينسون اليوم الآخر وينسون يوم الحساب، وهو بذلك غائب عن الآخرة غافل عنها، فكان لا بد من التجديد في الدين للإسلامي لإرجاع الناس لله عز وجل وتذكيرهم بالآخرة، وتحذيرهم بالدنيا ومن اغترارهم بها.
الخلل في مفاهيم المسلمين: لكل شخص منا مفاهيم مهمة بحياته وهي السعادة والشقاء والفوز والخسارة والفلاح والربح، ويجب على الفرد المسلم أن تكون هذه المفاهيم في ضوء الإسلام لا في غيره، فمثلا الفوز يكون هو الفوز برضا الله عز وجل والفوز بجنته، والربح هو ربح الحسنات هذا هو الربح الحقيقي، والخسارة هي خسارة رضا الله عز وجل وخسارة جنة عرضها كعرض السموات والأرض.
وعملية التجديد كانت لتصحيح المفاهيم للناس، وذلك لأن تصرفات الإنسان مرتبطة ارتباطا وثيقاً بمصطلحاته، فإن كانت مفاهيمه في ضوء الدين الإسلامي فسيكون عمله وتصرفاته لنيل رضا الله عز وجل.
يوجد عدة مجالات للتجديد هي بحاجة إلى تجدي دائم، وهذه المجالات كالتالي:
هذا فيما يتعلق بالتجديد الصحيح.. لكن ذكرنا سابقاً الفرق بين التجديد والتجدد، وبينا أن التجدد هو الزيادة أو الحذف من هذا الدين حتى يناسب المفاهيم الشائعة التطور الحاصل، والذي يقوم على تقديم العقل على النقل والنصوص الدينية، وهي نتاج حركات التطور التي ظهرت حديثاً مثل العلمانية والنصرانية،
لكن من المؤسف نجد أن المسلمين تجاري مثل هذا التجديد والذي يطلق عليه التجديد المنحرف، فمن خلال البحث تبين أن هناك عدة أسباب تجعل المسلمين يقبلون مثل هذا التجديد، وهذه الأسباب:
والسؤال الذي يبقى مطروحاً الآن هل نجحت جهود التجديد في العصر الحالي؟ حين سمعنا بالحديث النبوي الشريف ” بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء” لم نتخيل أن الغربة في الدين ستصل بنا إلى هذا الحد، فالانجرار وراء الغرب ووراء المعاصي أمر ظاهراً في العالم الإسلامي، وأصبح من السهل جداً أن يبلع بعض المسلمون الطعم والسم الذي يضعوه لنا.
سواء أفكار تشويه الدين الإسلامي ووصفه بالإرهاب، أو وسائل التواصل الاجتماعي والتي أسمى أهدافها بث الفتنة وعرض المعاصي، ولا أشد خطراً من زرع حرية العقيدة فيصبح الواحد منا يتباهى بالمعصية ويجاهر بها تحت مسمى الحرية الدينية، نحن بحاجة إلى عمليات تجديد مستمرة ومتواصلة حتى تستطيع إرجاع المسلمين إلى الدين الإسلامي الصحيح.
وبناء على ما سبق ذكره في المقال.. * توصلت إلى أن عملية التجديد هي ضرورة ملحة في الوقت الحالي، بل إن بلاد المسلمين بحاجة ماسة إلى التجديد في دينهم، حتى يعودوا إلى الدين الحق، بدلاً من انغماسهم في الأفكار الغربية البعيدة كل البعد عن الدين الإسلامي.
* تحكم عملية التجديد ضوابط لا بد من الالتزام بها، وشروط يجب أن تتوفر بالمجدد حتى تكون عملية التجديد عملية صحيحة تؤتي أكلها.
* لا بد من الانتباه من التجديد المباح والمطلوب، والتجديد المنحرف، فالتجديد المنحرف لا يهدف إلا لإبعاد الناس عن هذا الدين، وزرع أفكار خاطئة تجاه الدين الإسلامي من أجل زرع الكراهية في قلوب المسلمين.
* لا بد من الانتباه من تلك الأفكار المنمقة والتي تبث في عقول المسلمين، على أساس أنها أفكار راقية لا تخالف الدين الإسلامي، وما هي إلا تطبيقا لمقولة ” وضع السم في العسل” مثل ما يطلق عليه العلمانية والتي من خلالها يتم فصل الدين عن الدولة وعن المعاملات المالية واقتصاره على العبادات فقط، وهذا ما هو عدم تطبيق تدريجي للدين في مناحي حياتنا.
* نحن بحاجة ملحة وكبيرة للتجديد في هذا الدين نظراً لما وصل له المجتمع في العصر الحاضر من بعد كبير عن الدين وعدم القيام بأعظم العبادات كالصلاة والصوم بل والمجاهرة بتركهم.
* وحين النظر والتفحص في هذا الدين نجد أنه من أعظم الأديان وأعظم العلوم كيف لا وهو تلك الأحكام التي نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم قبل 1400 عام، وما زالت تلاؤم الواقع المعاصر رغم هذا التطور الكبير، وهذا إن دل فإنه يدل أنه من عند الله، العالم بكل ما ينفع العصور، وأي علم قد يصلح أن يطبق على عصور مختلفة بل ومتباعدة.
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد