الطيبة تحتاج إلى تعزيز لتكون صفة حسنة

الجندي رؤوف

عندما نشبت الحرب، تم استدعاء الرجال القادرين على حمل السلاح، وكان من بينهم رؤوف رجل طيب، يحب المساعدة، معروف بطهارة قلبه، حمل السلاح للدفاع عن وطنه، قاتل بشجاعة مع الجنود في كتيبته، وفي احدى المعارك الضارية، هجم رؤوف برفقة أصحابه على خنادق العدو، وبسبب قوة الهجوم ترك العدو الخنادق وهرب نحو الغابة.

كان طريق الغابة فيه الكثير من الاشراك ومخلفات الانفجارات وهياكل الحديد والكثير من الجلمود الخشن، وكان الطريق معرجاً حيث كانت انعطافاته مملوءة بالطين والمياه، فكان جنود العدو يتساقطون وهم يتجنبون اسياخ الحديد الحادة والجارحة، ويتجنبون ايضاً التواء اقدامهم بتلك الحجارة غير منتظمة الشكل.

كان من بين هؤلاء الأعداء الهاربين شاب بدين بعض الشيء، لا تكاد قدماه تحملانه للركض، وفي احدى تلك المنعطفات زلقت قدمه فهوى جانباً، فنبتت في خاصرته احدى تلك الاسياخ، فبقي على الأرض يتلوى من الألم، وقد كان رؤوف الطيب قد وصل اليه، وتوقف عنده.

وجده يتألم بشدة، ويصرخ وهو يحاول اخراج سيخ الحديد من خاصرته، طيبة قلب رؤوف دعته لمساعدته، نادى على بعض الجنود الآخرين لمد يد العون له، ولما شرعوا بسحب الجندي وتخليصه من ذلك السيخ الحديدي، ظهر أنه كان متشدداً جداً في عقيدته، فهمَّ أن يفجر قنبلة يدوية في رؤوف واصحابه، ولكن احد أصدقاء رؤوف كان منتبهاً له، فارداه قتيلاً قبل أن ينزع فتيل القنبلة.

جاء قائد الكتيبة لما علم بما جرى مع جنوده، نظر الى رؤوف وقال له “رؤوف … لقد كادت طيبتك التي أحبها الكثيرون من زملائك في هذه الكتيبة أن تزهق ارواحهم اليوم، طيبتك إن لم تتحلى بالفطنة والحذر ستتحول الى نقمة عليك، كن حذراً يا رؤوف في المستقبل، انت طيب وفي نفس الوقت مغفل”

حليم سائق الأجرة

خرج حليم كالعادة مساءً بسيارته الأجرة للعمل، كان يسير بين الازقة باحثاً عن زبائن، في ذلك اليوم لم يكن هناك الكثير من الزبائن، فعرج الى محلٍ للأطعمة الجاهزة، توقف عنده وطلب بعض الطعام، كان الوقت قد تأخر وقلت حركة الناس، فجلس خارج المحل وبيده طعامه، فتوقف عنده كلب كان يقف في ركنٍ مظلم لا يكاد يبين منه الا بعض ملامحه، أراد حليم أن يكمل اكله ولكن طيبته جعلته يحس بالذنب لأنه يأكل ولا يقدم لهذا الكلب المسكين بعض الطعام، فرمى له شيءً من طعامه.

الكلب بطبيعته يحب أن يبين امتنانه لمن يقدم له يد العون، فتقدم نحو حليم، ومسح بجسمه على ساقي حليم، انتبه حليم وهو متفاجئ وتحرك بسرعة وخوف، فعرف أن الكلب جاء لشكره، فمد يده ومسح على رأسه، وبعدها ذهب ليغسل يديه، ومن ثم عاد الى البيت، وفي منتصف الليل سمع ابنته تبكي، وتشعر بألم وحرقة في رقبتها، لما كشف عن المنطقة وجد قرصة لحشرة وقد احمرت بعض الشيء، ظن انها بعوضة او ذبابة، عقم لها مكان القرصة وانتهى كل شيء، في الصباح كانت ابنته ليست على ما يرام، وبعد ساعات بدأت أوضاعها تسوء، الى أن ارتفعت حرارتها، نقلوها للمستشفى، وبعد اجراء التحليل عرفوا السبب، لقد أصيبت بعدوى فايروس ينتقل من الحيوانات عن طريق الحشرات، جلس حليم يحاول أن يعرف من اين جاءت هذه الحشرة.

كثرت حالات الإصابة في المستشفى، وبعد التحري علم ان ذلك الكلب المسكين كان مصاباً وكان جسمه مغطى بحشرة القراد، وقد التصقت به واحدة من هذه الحشرات وتسببت بمرض ابنته، جاءه الطبيب بعدما علم بالسبب وقال له: “اخ رؤوف … طيبتك كان لابد لها أن تتوقف حيث اعطاءك للطعام لذلك الكلب المريض، ولكن ان تتركه يقترب منك وهو كلب سائب فتلك ليست طيبة بل حماقة منك، لقد تسببت طيبتك بمرض ابنتك، كن حذراً يا رؤوف في المرة المقبلة، انت طيب وفي نفس الوقت أحمق”

شفيق الحداد

في احدى القرى كان هناك مجموعة من الاقطاعيين، كانوا بمثابة عصابة منظمة تأخذ من الناس ما يشاؤون، كان كثير من الناس يعطون الأموال ليتجنبوا شرهم، وكان شفيق طيب القلب، وعطوف، ولا يحمل حقداً او ضغينة على احد، وكان هؤلاء الاقطاعيون يأخذون منه الأموال بشكل مستمر، وفي احدى الليالي هجمت مجموعة من قطاع الطرق على تلك القرية، وتصدى لهم الاقطاعيون ودفعوهم عن حدود القرية، احد هؤلاء الاقطاعيين طرق الباب على شفيق، أراد ان يصعد على السطح ليراقب الطريق كون بيت شفيق يشرف على تقاطع طرق خارج القرية، ولان شفيق طيب ونواياه طيبة سمح له بالصعود.

تكرر الموضوع كثيراً، واصبح يأتي ثلاثة او اكثر للصعود على السطح يومياً بحجة المراقبة، جلبوا معهم الخمر وأدوات القمار، حتى اخذوا يتجولون في باحة المنزل، وما مرت الأيام الا وهم يطلبون من شفيق ان يترك البيت ويسافر في مهمة وقد وعدوه ان يهتموا باهله، ولما رجع وجد زوجته متكدرة وحزينة، حاول ان يعرف منها ولكنها لم تخبره بالسبب، وبعد الحاح منه اخبرته انهم اغتصبوها، شعر بالغضب أراد ان يخرج اليهم فوجدهم عنده، رأى عددهم وعدتهم فخاف منهم، فتنحى جانباً ودخلوا الى بيته وفعلوا ما اعتادوا فعله.

ولما خرجوا دخل على زوجته يحاول أن يواسيها او ان يبين لها عذره، ولكنها نظرت اليه باشمئزاز وقالت له: ” اسكت يا شفيق، لطالما كنت معجبة بك لأنك طيب القلب، ولكن ما فائدة الطيبة التي لا تزينها الشجاعة، طيبتك هي من جعلتهم يغتصبوني يا شفيق، لأنك طيب وفي نفس الوقت جبان”

  • رؤوف طيب وشجاع ولكنه مغفل
  • حليم طيب ومعطاء ولكنه أحمق
  • شفيق طيب وعطوف ولكنه جبان

الطيبة لوحدها لا تنفع ما لم تزنها صفات حسنة أخرى، والا ستكون عبءً على صاحبها وسيعض يد الندامة بسببها يوماً ما لا محالة.

فيديو مقال الطيبة تحتاج إلى تعزيز لتكون صفة حسنة

 

https://youtu.be/fBIJtYKcflU

أضف تعليقك هنا

نجم الجزائري

السيرة الشخصية:
نجم عبد الودود الجزائري، ولدت في العراق في محافظة البصرة عام 1980، من ابوين عراقيين، حصلت على شهادة الدبلوم في تقنيات الهندسة المدنية عام 2000، وفي عام 2007 حصلت على شهادة البكالوريوس في ادارة الاعمال من جامعة البصرة، وظفت في جامعة البصرة وما زلت اعمل فيها.

مهاراتي:
* اجيد استخدام الحاسوب وصيانة الحاسبات
* اجيد استخدام البرامج الخاصة بالطباعة والتصميم والرسم الهندسي
* اصمم مواقع الكترونية بسيطة
* كاتب مقالات عامة
* اجيد تصميم البرامج الحسابية وقواعد البيانات باستخدام برامج المايكروسوفت اوفيس
* اجيد فنون الدفاع عن النفس واستخدام السلاح الابيض والخفيف والمتوسط
*