الصديق الفتاة

بقلم: عمر شوقي

أجل أيها القارئ ، أنت لم تخطئ في قراءة العنوان بصورة صحيحة ، و أيضا لايوجد خطأ كتابي ، فصديقي المقرب فتاة. منذ نعومة أظافري لم تسمح لي الفرصة لتكوين صداقات، لم أنل الحظ الوافر لتكوين صداقات طولية الأمد ، إما أنه الحظ و القدر أو هو مظهري و شخصيتي السازجة ، فأنا شخص هزيل الجسد يحب التحدث عن أغرب و أتفه المواضيع ، لا أنكر أنها طبيعتي التي خلقت بها ، فيجزبني كل ماهو غريب و مريب و عجيب

صديقي المفضل

ابتداءا من مرحلة الاساس كنت شخصا غريب الاطوار صديقه المفضل هو التلفاز و الهاتف النقال ، بسبب جسدي الهزيل كنت ضحية للتنمر باقسى الانواع

مساعدة أخي لي

هذا انا ، فمن جانب العائلة فلي اخ اكبر سنا ، كان كالملاك الحامي ، فكلما افتعل مشكلة اجده حاضرا حضور بطل خارق يبطش ولا يبالي ، لم يساعدني هذا للاعتماد على نفسي في المواقف الصعبة في بادئ الامر ولكن رويدا رويدا ، تعلمت القليل عن ذلك ، ساعدني اخي في هذا الجانب كثيرا وبعض الجوانب الاخرى ولكنه لم يساعدني لكي اصبح شخصا اجتماعيا مثله ، فاخي له الكثير والكثير ثم الكثير من الاصدقاء ، مختلف الشخصيات الرائعة منها و السيئة بنظري .

مشاغل أبي التي لا تنتهي وغيابه عني

اما بالنسبة لوالدي فكان دائما في دائرة مشاغل هذه الدنيا باحثا بلا كد و لا ملل لاشباع رغباتنا و التاكد من عدم حوجتنا لاي شئ ، لم اجالس او احادث والدي لفترات طويلة حتى اصبحت شابا فاطول محادثة هاتفيه اجريتها معه كانت مدتها نصف ساعة ، من فينة لاخري كان لابي نصيبا في اخز الاستراحات فكان ياتي للديار احيانا ، ولكن زياراته كانت ليست بكافية لاشباع الفراغ الداخلي الزي خلفته فتره سفره خارجا ، فكانت زياراته اقصر من قصيرة ، فلم انعم باي من النصائح التي كانت ستجعلني شخصا اخر لحد ما ، شخصا يستطيع تكوين الصداقات.

صداقتي التي لم تدم طويلاً

هذا انا صاحب الاربعة وعشرون ربيع اجد نفسي بين جدران ما يسمي بالجامعة ، حيز من المكان يشمل العديد من الشخصيات اشكالا ، الوانا ، افكارا ، ادركت حينها انه سوف اصنع الكثير من الصداقات فهذه هي فرصة العمر بلا شك ، فكل ما يرتبط بزكر الجامعة هو الصداقة ، مرت الايام و الشهور ، فوجدت نفسي محاطا بمجموعة من الشباب مختلفة الاعراق و الثقافات.

ولكن دائما كان هناك ما ينقصني فلكل شخص مساوي تحيل بينه و بين صداقتي الحقيقة له ، فمن له محاسن ، تمحوها له مساويه ، لم استطع مجارات تلك التمثيلية اكثر ، فها انا بعد التخرج بعدد اربعة من المعارف فقط ، ومع مرور الزمن تلاشي الاربعة تدريجيا ، ليس بسبب البعد فقط و انما بسبب المواقف ايضا .

الاكتئاب والقلق الذي كنت أعيشه

مبادئ ما يسمي بالإكتاب و القلق كانت تطرق الباب في تلك الفترة التي تلت الجامعة ، فللحد بيني وبين الاعداء تلك ، اجد نفسي بين صفحات اعلان الوظائف ابحث عن ما ينقصني ، فاذا بي اجد نفسي في استقبال احد فنادق العاصمة براتب متيسر ، فاقسمت بيني و بين نفسي اني بالتاكيد سانجح هذه المرة بتكوين صداقة ناجحة بغض النظر عن الجندرية ، مرت الايام وفترات العمل الطويلة ، فزاد الارهاق و وجدت نفسي احارب اعدائي مرة اخرى فالإكتئاب و القلق من اخطر و اسوء الاعداء ، مرت الايام وبدأ الامل يتلاشى ولم اجد ضالتي.

طبيعة عملي

طبيعة عملي كانت ممتلئة بالاجتماعيات ، فلن استطع العمل ما لم اتعامل مع موظفي الفندق مع مرور الايام كنت انقي الاشخاص تنقية دقيقة ، فكان هنالك مجموعة من الاشخاص الذين يتصفون بالسمية ، فكلامهم سام و افعالهم اشد سما ، فهم ابناء عمومة الثعابين.

ولكن لكل قاعدة شواذ فمن من مجموعة الموظفين تلك كان هنالك شخصا يتصف بكل الصفات الحميدة و الجيدة ، تلك الشخصية كانت كذهرة دوار الشمس التي تشرق صباحا ثم تسر كل من حولها طوال اليوم ، فاذا بي لاول مرة اتقدم خطوة للامام . فللمرة الاولى احرز هدفا في مرمى الفراغ و الوحدانية.

الفتاة التي شاهدتها

كانت ، نعم كانت عزيزي القارئ فتاة رتيبة المظهر رتيبة الكلام ، لاتجرح شخصا بالكلام ، ولا تكسر وعدا ابدا ، كانت شخصية ممتلئة بالثقافة من شتى المجالات فكلما احاول ان اجد موضوعا غريبا للتحدث عنه لانعم بلذة الانتصار ، اجدها حاضرة وبيدها مطرقة تضربني بها بمعلومات كثيرة.

عقلي لا يكاد ان يصدق ان هنالك شخصا بهذه الدنيا يستطيع مواكبة ما كنت افعله طوال سنين عمري ، كان الحماس و البساطة حاضرة بكل جلسة مع صديقي ، لم اشعر بالملل او التصنع ابدا ، كانت الحقيقة و المنطق تطوف بالاجواء في كل الاوقات التي تجمعنا.

الحيرة التي وقعت بها تجاه تلك الفتاة

تدور المجرة و الكواكب و يجري الزمن بسرعة لانستيطع مواكبتها ، اجد نفسي في موقف لايحسد عليه ، فالطبيعة البشرية علميا لاتستطيع مواكبة تلك الصداقة ، فلا تنشئ صداقة بين جنسين بتاتا ، انما علاقة زوجية فقط. فوجدت نفسي بين هاويتين ، خسارة صديقي صاحب الثمانية شهور والتي كانت بمثابه ثمانية سنين ، او الولوج بعلاقة التي انا او صديقي لن نخوضها فتلك من المستحيلات.

فها انا اجد نفسي اسقط في الهاوية الاولى ، حفاظا وصيانتا لفطرتنا الانسانية ، فانا لم افكر قط في خوض ذلك النوع من العلاقات فقد كنت معمى بهاجس الصداقة . كانت تلك الثمانية شهور صداقة حقيقية تمت كتابة حكاياتها بقلم الحقيقة ولاشئ غير الحقيقة ، بعيدا عن اي تصنع او تزييف. الان كل ما استطيع التفكير به هو اطفالي المستقبليين ، فلن اجعلهم يقعون في ذات الاخطاء التي احاطت والدهم المسكين

بقلم: عمر شوقي

 

أضف تعليقك هنا