البحث العلمي والمبالغة في الاقتباسات الوطنية Over Country Citation Ratio

بقلم: الأستاذ الدكتور علاء عبدالحسن عطيه الزغيبي

ما الاقتباس؟

الاقتباس هو إشارة إلى مصدر المعلومات المستخدمة من قبل الباحث العلمي في المقالة العلمية عندما يتم إعاده صياغة أو تلخيص العناصر الأساسية لفكرة شخص آخر في عمله، والاقتباس في النص هو تدوين موجز في نص المقالة أو العرض التقديمي يلتزم به الباحثون ويعتبر ركنا أساسيا في أخلاقيات البحث العلمي. ولقد عمدت أغلب قواعد البيانات العلمية المعروفة إلى إطلاق مؤشر الاقتباس للأبحاث المنشورة فيها لغرض تسليط الأضواء على قوة تأثير هذه الأبحاث، وبناء على ذلك تحفز الباحثون والأكاديميون حول العالم لمراقبة هذا المؤشر والعمل على تطويره وأصبح أداة للتنافس ليس بين الباحثين فحسب وإنما بين الجامعات، بل الدول.

ما خطورة الاقتباس من أبحاث علمية لباحثين من نفس البلد؟ 

أدركت الإدارات الاكاديمية مؤخرا خطورة هذا المؤشر وخصوصا مسألة المبالغة في الاقتباس بالأبحاث التي أجراها باحثوها خلال مسيرتهم البحثية بأبحاث زملائهم في نفس المؤسسة أو البلد. وبدأت تثقف باحثيها بتجنب هذه الظاهرة والتركيز على الاستشهاد بالأبحاث العالمية. ومن المهم أن نعلم أنّ نسبة الاقتباس المفرط في البحث العلمي أو ما يرمز إليه (Country Over Citation Ratio) وهو يعني ببساطة عدد المرات التي يتم فيها الاقتباس من البحوث التي أجراها باحثي بلد معين بواسطة أوراق بحثية من نفس البلد.

وبمعنى اخر إذا كان هناك بحثا منشورا لبلد ما في مجال علمي معين يمثل (على سبيل المثال) 1٪ من الناتج البحثي العالمي، فإن الحصة “العادلة” للاقتباسات من نفس البلد ستكون 1٪ من الإجمالي وهذا غالبًا ما يكون أكثر من هذا بكثير، لذلك نقول إن النسبة المئوية للأوراق المقتبسة، مقسومة على وجود البلد في الميدان البحثي، هي نسبة الاقتباس المفرط، والمشار إليها على أنها OCR في اعلاه.

الاقتباسات الذتية

إن الأهم للمؤسسات البحثية والأكاديمية أن تراقب النسبة المئوية للاقتباسات التي تأتي من بلدان أخرى، والتي يمكن أن تكون مؤشرًا على التأثير الدولي لأبحاثها إذ أن المجتمع الأكاديمي يعي الفرق بين البحوث الأساسية والتطبيقية والسريرية وتلك التي تحظى بالاهتمام المحلي أو الوطني بصورة نسبية مثل مراقبة الامراض السارية والمستوطنة. ويمكن أن يحدث الاقتباس الذاتي على عدة مستويات مختلفة. لكن يبدو أن الاقتباسات الذاتية للمؤلف قد تكون مرتبطة باقتباسات أعلى من قبل الآخرين كما انه يمكن أن يحدث الاقتباس الذاتي أيضًا على المستوى المؤسسي وعلى مستوى اللغة، خاصة في العلوم الاجتماعية.

وللأسف نلاحظ مؤخرا ان بعض المجلات العلمية تسعى إلى تحسين عوامل تأثيرها من خلال تشجيع الاقتباس الذاتي لمحتواها المنشور، أو نشر الافتتاحيات والرسائل التي يتم احتساب اقتباساتها في البسط، ولكن أرقامها لا تُحتسب في مقام حساب عامل التأثير. وقد اعترفت شركة (تومسون رويترز او كلارفيت حاليا) بأن معامل التأثير الخاص بها لا يعكس نوعية ورصانة البحث المنشور في المجلة العلمية وإنما يقيس إنجاز المجلة نفسها.

كثرة الاقتباسات تعد مؤشر ضعف للبحث العلمي

والقسم الآخر من المجلات يلجأ إلى حساب معامل التأثير على أساس قسمة مجموع الاقتباسات على عدد الأبحاث القابلة للاقتباس بها، ويمكن لبعض المجلات أن تقلل من عدد هذه الأبحاث التي تعتبرها قابلة للاقتباس من أجل زيادة معامل التأثير.   كما أن لوائح الترقيات العلمية وكذلك تقييم الأداء بالنسبة للتدريسيين مصممان لمكافأة معامل التأثير، دون النظر إلى الرصانة العلمية للأبحاث المنشورة التي يقدمها عضو هيئة التدريس، وكما ذكرنا سابقا ً بأن معامل التأثير ليس له ربط بالرصانة العلمية للأبحاث وإنما علاقته بالمجلة التي تنشر بها الأبحاث وعدد الاقتباسات التي حصلت عليها فربما ينشر الباحث في مجلة ذات معامل تأثير عالي ولا يحصل على أي اقتباس على سبيل المثال.

أخيرا، ووفقا للأدبيات الاكاديمية فإن البلد الذي تكون فيه نسبة الاقتباس المبالغ به وطنيا (OCR) عالية، فإنه يؤشر ميلا شديدا لباحثيه إلى الإفراط في الاقتباس من الأوراق البحثية المنشورة من قبل مواطنيهم ونساء بلدهم مقارنة بنسبة وجود أوراقهم في الناتج العالمي في نفس المجال وهذا يعد مؤشرا لضعف التأثير الدولي للناتج البحثي لهذه البلد.

بقلم: الأستاذ الدكتور علاء عبدالحسن عطيه الزغيبي

 

أضف تعليقك هنا