كلمات مترابطة في القرآن الكريم (أسرى، المسجد الحرام، المسجد الأقصى)

كيف ولِمَ أسري النبي محمد إلى بيت المقدس؟

قال الله تبارك وتعالى “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الاسراء 1) وقوله تعالى: “لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى” (النجم 18). قال أبو جعفر الطبري في تفسيره: الصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى كما أخبر الله عباده، وكما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الله حمله على البراق، حتى أتاه به، وصلى هناك بمن صلى من الأنبياء والرسل، فأراه ما أراه من الآيات. ولا معنى لقول من قال: أسري بروحه دون جسده، لأن ذلك لو كان كذلك لم يكن في ذلك ما يوجب أن يكون دليلاً على نبوته، ولا حجة له على رسالته، ولا كان الذين أنكروا حقيقة ذلك من أهل الشرك كانوا يدفعون به عن صدقه فيه، إذ لم يكن منكراً عندهم ولا عند أحد من ذوي الفطرة الصحيحة من بني آدم أن يرى الرائي منهم في المنام ما على مسيرة سنة، فكيف ما هو مسيرة شهر أو أقل. وبعد فإن الله إنما أخبر في كتابه أنه أسرى بعبده، ولم يخبرنا بأنه أسري بروح عبده، وليس جائزاً لأحد أن يتعدى ما قاله الله إلى غيره. بل الأدلة الواضحة، والأخبار المتتابعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله أسرى به على دابة يقال لها البراق، ولو كان الإسراء بروحه لم تكن الروح محمولة على البراق، إذ كانت الدواب لا تحمل إلا الأجساد. قيل أن الحكمة في المعراج أن الله تعالى أراد أن يشرف بأنوار محمد صلى الله عليه وسلم السماوات كما شرف ببركاته الأرضين فسرى به إلى المعراج، وسئل أبو العباس الدينوري: لم أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس قبل أن يعرج به إلى السماء؟ فقال: لأن الله تعالى كان يعلم أن كفار قريش كانوا يكذبونه فيما يخبرهم به من أخبار السماوات فأراد أن يخبرهم من الأرض التي قد بلغوها وعاينوها وعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل بيت المقدس قط فلما أخبرهم بأخبار بيت المقدس على ما هو عليه لم يمكنهم أن يكذبوه في أخبار السماء بعد أن صدقوا أخبار الأرض.

معاني كلمة “سبحان” 

جاء في معاني القرآن الكريم عن سبحان والمذكورة في آية الاسراء: سبح السبح: المر السريع في الماء، وفي الهواء، يقال: سبح سبحا وسباحة، واستعير لمر النجوم في الفلك نحو: ﴿وكل في فلك يسبحون” (الانبياء 33)، ولجري الفرس نحو: “والسابحات سبحا” (النازعات 3)، ولسرعة الذهاب في العمل نحو: “إن لك في النهار سبحا طويلا” (المزمل 7)، والتسبيح: تنزيه الله تعالى. وأصله: المر السريع في عبادة الله تعالى، وجعل ذلك في فعل الخير كما جعل الإبعاد في الشر، فقيل: أبعده الله، وجعل التسبيح عاما في العبادات قولا كان، أو فعلا، أو نية، قال: “فلولا أنه كان من المسبحين” (الصافات 143)، قيل: من المصلين (غريب القرآن لابن قتيبة ص 374)، والأولى أن يحمل على ثلاثتها، قال: “ونحن نسبح بحمدك” (البقرة 30)، “وسبح بحمد ربك بالعشي” (غافر 55)، “فسبحه وأدبار السجود” (ق 40)، “قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون” (القلم 28)، أي: هلا تعبدونه وتشكرونه، وحمل ذلك على الاستثناء، وهو أن يقول: إن شاء الله، ويدل على ذلك قوله: “إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون” (القلم 17)، وقال: “تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم” (الاسراء 44)، فذلك نحو قوله: “ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها” (الرعد 15)، “ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض” (النحل 49)، فذلك يقتضي أن يكون تسبيحا على الحقيقة، وسجودا له على وجه لا نفقهه، بدلالة قوله: “ولكن لا تفقهون تسبيحهم” (الاسراء 44)، ودلالة قوله: “ومن فيهن” (الاسراء 44)، بعد ذكر السموات والأرض، ولا يصح أن يكون تقديره: يسبح له من في السموات، ويسجد له من في الأرض، لأن هذا مما نفقهه، ولأنه محال أن يكون ذلك تقديره، ثم يعطف عليه بقوله: “ومن فيهن” (الاسراء 44) والأشياء كلها تسبح له وتسجد، بعضها بالتسخير، وبعضها بالاختيار، ولا خلاف أن السموات والأرض والدواب مسبحات بالتسخير، من حيث إن أحوالها تدل على حكمة الله تعالى.

معاني الآية الأولى من سورة الإسراء

قال الله سبحانه وتعالى “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الاسراء 1) سبحان اسم، سُبْحَانَ الَّذِي: تنزيها لله وتعجبا من قدرته. الذي اسم موصول. أسرى فعل، أسرى إسراءً: سار ليلاً، أَسْرَى: السرى هو السير ليلا، أسرى بعبده: جعَلَ البراق يسري به صلى الله عليه و سلم. بِعَبْدِهِ: بِ حرف جر، عَبْدِ اسم، هِ ضمير، بِعَبْدِهِ: بعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم. ليلا اسم. من حرف جر، مِنْ آيَاتِنَا: من عجائب قدرتنا في الملكوت الأعلى. الْمَسْجِدِ: الْ اداة تعريف، مَسْجِدِ اسم. الْأَقْصَى: الْ اداة تعريف، أَقْصَا صفة. الذي اسم موصول. بَارَكْنَا: بَارَكْ فعل، نَا ضمير، بَارَكْنَا حَوْلَهُ: أكثرنا فيه وفي المناطق المحيطة به الزرع والثمار. حَوْلَهُ: حَوْلَ اسم، هُۥ ضمير. لِنُرِيَهُ: لِ لام التعليل، نُرِيَ فعل، هُۥ ضمير، لِنُريه: لِنرفعه إلى السّماء فنُريه. من حرف جر، مِنْ آيَاتِنَا: من عجائب قدرتنا في الملكوت الأعلى. آيَاتِنَا: آيَاتِ اسم، نَا ضمير. إِنَّهُ: إِنَّ حرف نصب، هُۥ ضمير، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ: السميع لأقوال عباده البصير بهم. هو ضمير. السَّمِيعُ: ال اداة تعريف، سَّمِيعُ اسم. الْبَصِيرُ: الْ اداة تعريف، بَصِيرُ صفة. ويروى ان اول ما صلى وتعبد في المسجد الاقصى آدم عليه السلام”وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ” (الانبياء 71) أي أنها مباركة قبل ابراهيم ولوط عليهما السلام. والمسجد الحرام له علاقة بالمسجد الاقصى قال الله تبارك وتعالى “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الاسراء 1). سأل أبو ذر رضوان الله عليه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: يا رسول الله أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ: (الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ) قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: (الْمَسْجِدُ الأَقْصَى) قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: (أَرْبَعُونَ سَنَةً). ذكرت المصادر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أسري به من المسجد الحرام في الوقت الذي كان الإسراء فيه من دار أم هاني في داخل مكة. قوله تعالى “المسجد الأقصى” (الاسراء 1): بيت المقدس، لأنه لم يكن حينئذ وراءه مسجد “باركنا حوله” (الاسراء 1) يريد بركات الدين والدنيا، لأنه متعبد الأنبياء ومهبط الوحي، وهو محفوف بالأنهار الجارية والأشجار المثمرة “لنريه من آياتنا” (الاسراء 1) العجيبة التي منها إسراؤه في ليلة واحدة من مكة إلى هناك، والعروج به إلى السماء، ورؤية الأنبياء، والبلوغ إلى البيت المعمور وسدرة المنتهى. جاء في التفاسير والمعاجم: (قصا) “قصيا” (مريم 21) بعيدا، و”القصوى” (الانفال 42) تأنيث الأقصى: البعيدة، و “المسجد الأقصى” (الاسراء 1) بيت المقدس لأنه لم يكن وراءه حينئذ مسجد. (قصا) “اقصوا ألي لا تنظرون” (يونس 71) أي امضوا إلى ما في أنفسكم من إهلاكي ولا تؤخرون.”الدنيا” (الانفال 42) و”القصوى” (الانفال 42) تأنيث الأدنى والأقصى. عن التفسير الوسيط لمحمد سيد طنطاوي: قوله سبحانه: “مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى” (الاسراء 1) بيان لابتداء الإسراء وانتهائه. أى: جل شأن الله عز وجل وتنزه عن كل نقص، حيث أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم في جزء من الليل، من المسجد الحرام الذي بمكة إلى المسجد الأقصى الذي بفلسطين. أن الرسول صلّى الله عليه وسلم بقي في بيت أم هانئ لفترة من الليل، ثم ترك فراشه عندها وذهب إلى المسجد، فلما كان في الحجر أو في الحطيم بين النائم واليقظان، أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به إلى السموات العلا. ثم عاد إلى فراشه قبل أن يبرد كما جاء في بعض الروايات. وبذلك يترجح لدينا أن وجود الرسول صلّى الله عليه وسلم في تلك الليلة في بيت أم هانئ، لا ينفى أن الإسراء بدأ من المسجد الحرام، كما تقرر الآية الكريمة. وقوله “الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ” (الاسراء 1) صفة مدح للمسجد الأقصى. أى: جل شأن الله الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، الذي أحطنا جوانبه بالبركات الدينية والدنيوية. أما البركات الدينية فمن مظاهرها: أن هذه الأرض التي حوله، جعلها الله تعالى مقرا لكثير من الأنبياء، كإبراهيم وإسحاق ويعقوب، وداود وسليمان، وزكريا ويحيى وعيسى. قال تعالى “وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها” (الانبياء 81).

تفسير كلمة “أسرى” ومشتقاتها 

عن تفسير الميسر: قال الله تعالى عن أسرى ومشتقاتها: “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” ﴿الإسراء 1﴾ أسرى فعل، أسرى إسراءً: سار ليلاً، أَسْرَى: السرى هو السير ليلا، أسرى بعبده: جعَلَ البراق يسري به صلى الله عليه و سلم. الْأَقْصَى: الْ اداة تعريف، أَقْصَا صفة، يمجِّد الله نفسه ويعظم شأنه، لقدرته على ما لا يقدر عليه أحد سواه، لا إله غيره، ولا رب سواه، فهو الذي أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وآله وسلم زمنًا من الليل بجسده وروحه، يقظة لا منامًا، من المسجد الحرام بـمكة إلى المسجد الأقصى بـ بيت المقدس الذي بارك الله حوله في الزروع والثمار وغير ذلك، وجعله محلا لكثير من الأنبياء، ليشاهد عجائب قدرة الله وأدلة وحدانيته. إن الله سبحانه وتعالى هو السميع لجميع الأصوات، البصير بكل مُبْصَر، فيعطي كُلا ما يستحقه في الدنيا والآخرة. قوله عز اسمه “وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَىٰ” ﴿طه 27﴾ أسر فعل، أسر بعبادي: سِرْ ليلا بهم من مصر. ولقد أوحينا إلى موسى: أن اخرُج ليلا بعبادي من بني إسرائيل من “مصر”، فاتِّخِذْ لهم في البحر طريقًا يابسًا، لا تخاف من فرعون وجنوده أن يلحقوكم فيدركوكم، ولا تخشى في البحر غرقًا. قوله سبحانه “وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ” ﴿الشعراء 52﴾ وأوحى الله إلى موسى عليه السلام: أَنْ سِرْ ليلا بمن آمن من بني إسرائيل؛ لأن فرعون وجنوده متبعوكم حتى لا يدركوكم قبل وصولكم إلى البحر. قوله عز من قائل “فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا” ﴿مريم 24﴾ سريا اسم، سريّاً: جدولاً صغيراً أو نهراً. و قيل: هو السيد أي السيد المسيح. و السريّ: صاحب مروءة و سخاء أو السيد الشريف. سَرِيًّا: نهرا صغيرا أو جدول ماء صغير. فناداها جبريل أو عيسى: أن لا تَحزني، قد جعل ربك تحتك جَدْول ماء.  قوله عز اسمه “وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ” ﴿الفجر 4﴾ يسر فعل، وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ: إذا أقبل. و الليل إذا يَسْر: إذا يَمضِى ويَذهَبُ أو يُسارُ فيه. أقسم الله سبحانه بوقت الفجر، والليالي العشر الأوَل من ذي الحجة وما شرفت به، وبكل شفع وفرد، وبالليل إذا يَسْري بظلامه، أليس في الأقسام المذكورة مَقْنَع لذي عقل؟ قوله عز وجل “وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ” ﴿الأعلى 8﴾ لِلْيُسْرَى: لِ حرف جر، لْ اداة تعريف، يُسْرَى اسم. ونيسرك لليسرى في جميع أمورك، ومن ذلك تسهيل تَلَقِّي أعباء الرسالة، وجعل دينك يسرًا لا عسر فيه. قوله سبحانه “فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ” ﴿الليل 7﴾ لليُسرى: للخَصـلة المؤَدّية إلى اليُسْر و الرّاحَة، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى: نيسره للخير وللعمل الصالح. فأمَّا من بذل من ماله واتقى الله في ذلك، وصدَّق بـ”لا إله إلا الله” وما دلت عليه، وما ترتب عليها من الجزاء، فسنرشده ونوفقه إلى أسباب الخير والصلاح ونيسِّر له أموره. قوله جل جلاله “قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ” ﴿هود 81﴾ فَأَسْرِ: فَ حرف استئنافية، أَسْرِ فعل. فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ: أخرج بهم ليلاً، قالت الملائكة: يا لوط إنَّا رسل ربك أَرْسَلَنا لإهلاك قومك، وإنهم لن يصلوا إليك، فاخرج من هذه القرية أنت وأهلك ببقية من الليل، ولا يلتفت منكم أحد وراءه؛ لئلا يرى العذاب فيصيبه، لكنَّ امرأتك التي خانتك بالكفر والنفاق سيصيبها ما أصاب قومك من الهلاك، إن موعد هلاكهم الصبح، وهو موعد قريب الحلول. قوله عز من قائل “فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ” ﴿الحجر 65﴾ قالوا: لا تَخَفْ، فإنَّا جئنا بالعذاب الذي كان يشك فيه قومك ولا يُصَدِّقون، وجئناك بالحق من عند الله، وإنا لصادقون، فاخرج مِن بينهم ومعك أهلك المؤمنون، بعد مرور جزء من الليل، وسر أنت وراءهم؛ لئلا يتخلف منهم أحد فيناله العذاب، واحذروا أن يلتفت منكم أحد، وأسرعوا إلى حيث أمركم الله؛ لتكونوا في مكان أمين. قوله عز وعلا “فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ” ﴿الدخان 23﴾ فأسر بعبادي ليلا: سِـرْ ليلا ببني إسرائيل. فأَسْر يا موسى بعبادي الذين صَدَّقوك، وآمنوا بك، واتبعوك، دون الذين كذبوك منهم ليلا إنكم متبعون من فرعون وجنوده فتنجون، ويغرق فرعون وجنوده. و قال الله سبحانه وتعالى عن أقصى ومشتقاتها: “وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﴿القصص 20﴾ أقصى فعل، أَقْصَى المَدِينَةِ: أبعد نواحي المدينة، وجاء رجل من آخر المدينة يسعى، قال يا موسى: إن أشراف قوم فرعون يتآمرون بقتلك، ويتشاورون، فاخرج من هذه المدينة، إني لك من الناصحين المشفقين عليك، و”وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ” ﴿يس 20﴾ وجاء من مكان بعيد في المدينة رجل مسرع (وذلك حين علم أن أهل القرية هَمُّوا بقتل الرسل أو تعذيبهم)، قال: يا قوم اتبعوا المرسلين إليكم من الله، اتبعوا الذين لا يطلبون منكم أموالا على إبلاغ الرسالة، وهم مهتدون فيما يدعونكم إليه من عبادة الله وحده، وفي هذا بيان فضل مَن سعى إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، و”بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” ﴿الإسراء 1﴾ الْأَقْصَى: الْ اداة تعريف، أَقْصَا صفة، يمجِّد الله نفسه ويعظم شأنه، لقدرته على ما لا يقدر عليه أحد سواه، لا إله غيره، ولا رب سواه، فهو الذي أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وآله وسلم زمنًا من الليل بجسده وروحه، يقظة لا منامًا، من المسجد الحرام بـمكة إلى المسجد الأقصى بـ بيت المقدس الذي بارك الله حوله في الزروع والثمار وغير ذلك، وجعله محلا لكثير من الأنبياء، ليشاهد عجائب قدرة الله وأدلة وحدانيته. إن الله سبحانه وتعالى هو السميع لجميع الأصوات، البصير بكل مُبْصَر، فيعطي كُلا ما يستحقه في الدنيا والآخرة.

معاني كلمتي “عبد” و “المسجد” الواردتين في سورة الإسراء

جاء في معاني القرآن الكريم عن عبد و المسجد والمذكورة في آية الاسراء: عبد العبودية: إظهار التذلل، والعبادة أبلغ منها؛ لأنها غاية التذلل، ولا يستحقها إلا من له غاية الإفضال، وهو الله تعالى، ولهذا قال: “ألا تعبدوا إلا إياه” (الاسراء 23). سجد السجود أصله: التطامن (التطامن: الانحناء) والتذلل، وجعل ذلك عبارة عن التذلل لله وعبادته، وهو عام في الإنسان، والحيوانات، والجمادات، وذلك ضربان: سجود باختيار، وليس ذلك إلا للإنسان، وبه يستحق الثواب، نحو قوله: “فاسجدوا لله واعبدوا” (النجم 62)، أي: تذللوا له، وسجود تسخير، وهو للإنسان، والحيوانات، والنبات، وعلى ذلك قوله: “ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال” (الرعد 15)، وقوله: “يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله” (النحل 48)، فهذا سجود تسخير، وهو الدلالة الصامتة الناطقة المنبهة على كونها مخلوقة، وأنها خلق فاعل حكيم، وقوله: “ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون” (النحل 49)، ينطوي على النوعين من السجود، التسخير والاختيار، وقوله: “والنجم والشجر يسجدان” (الرحمن 6)، فذلك على سبيل التسخير، وقوله: “اسجدوا لآدم” (البقرة 34)، قيل: أمروا بأن يتخذوه قبلة، وقيل: أمروا بالتذلل له، والقيام بمصالحه، ومصالح أولاده، فائتمروا إلا إبليس، وقوله: “ادخلوا الباب سجدا” (النساء 154)، أي: متذللين منقادين، وخص السجود في الشريعة بالركن المعروف من الصلاة، وما يجري مجرى ذلك من سجود القرآن، وسجود الشكر، وقد يعبر به عن الصلاة بقوله: “وأدبار السجود” (ق 40)، أي: أدبار الصلاة، ويسمون صلاة الضحى: سبحة الضحى، وسجود الضحى، “وسبح بحمد ربك” (طه 130) قيل: أريد به الصلاة (أخرج عبد الرزاق وغيره عن ابن عباس في الآية قال: هي الصلاة المكتوبة)، والمسجد: موضع الصلاة اعتبارا بالسجود، وقوله: “وأن المساجد لله” (الجن 18)، قيل: عني به الأرض، إذ قد جعلت الأرض كلها مسجدا وطهورا كما روي في الخبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نصرت بالرعب، وأوتيت جوامع الكلم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وبينا أنا نائم أتيت بمفاتح خزائن الأرض فتلت في يدي).

عروج النبي محمد إلى السماء ورؤيته للأنبياء

عن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي قال الله تبارك وتعالى “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الاسراء 1) “سبحان” أي تنزيه “الذي أسرى بعبده” محمد صلى الله عليه وسلم “ليلاً” نصب على الظرف والإسراء سير الليل وفائدة ذكره الإشارة بتنكيره إلى تقليل مدته “من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى” بيت المقدس لبعده منه “الذي باركنا حوله” بالثمار والأنهار “لنريه من آياتنا” عجائب قدرتنا “إنه هو السميع البصير” أي العالم بأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله فأنعم عليه بالإسراء المشتمل على اجتماعه بالأنبياء وعروجه إلى السماء، ورؤية عجائب الملكوت، ومناجاته له تعالى، فإنه صلى الله عليه وسلم قال: أتيت بالبراق وهو دابة أبيض فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته فسار بي حتى أتيت بيت المقدس، فربطت الدابة بالحلقة التي تربط فيها الأنبياء، ثم دخلت فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن، قال جبريل: أصبت الفطرة، قال: ثم عرج بي إلى السماء الدنيا، فاستفتح جبريل قيل: من أنت قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: قد أرسل إليه، ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بالخير، ثم عرج بي إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل فقيل: من أنت فقال: جبريل قيل: ومن معك قال: محمد قيل أو قد بعث إليه قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا بابني الخالة يحيى وعيسى فرحبا بي ودعوا لي بالخير ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال: جبريل فقيل: ومن معك قال: محمد فقيل: أو قد أرسل إليه قال: قد أرسل إليه ففتح لنا فإذا أنا بيوسف وإذا هو قد أعطي شطر الحسن فرحب بي ودعا لي بخير ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل فقيل: من أنت قال جبريل فقيل: ومن معك قال: محمد فقيل: أو قد بعث إليه قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بإدريس فرحب بي ودعا لي بخير ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريل فقيل: من أنت قال: جبريل فقيل: ومن معك قال: محمد فقيل: أو قد بعث إليه قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بهارون فرحب بي ودعا لي بخير ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل فقيل: من أنت فقال: جبريل فقيل: ومن معك قال: محمد فقيل: أو قد بعث إليه قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بموسى فرحب بي ودعا لي بخير ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل فقيل: من أنت فقال: جبريل قيل ومن معك فقال: محمد قيل: أو قد بعث إليه قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم فإذا هو مستند إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه، ثم ذهب إلى سدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيرت فما أحد من خلق الله تعالى يستطيع أن يصفها من حسنها قال: فأوحى الله إلي ما أوحى وفرض علي في كل يوم وليلة خمسين صلاة فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فقال: ما فرض ربك على أمتك قلت: خمسين صلاة في كل يوم وليلة قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا تطيق ذلك وإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال: فرجعت إلى ربي فقلت: أي رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى قال: ما فعلت فقلت قد حط عني خمسا قال: إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك قال: فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى ويحط عني خمسا خمسا حتى قال: يا محمد هي خمس صلوات في كل يوم وليلة بكل صلاة عشر فتلك خمسون صلاة ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة ولم يعملها لم تكتب فإن عملها كتبت له سيئة واحدة فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك فقلت:”قد رجعت إلى ربي حتى استحييت” رواه الشيخان واللفظ لمسلم وروى الحاكم في المستدرك عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم”رأيت ربي عز وجل”.

ما ورد من معاني “السميع و “البصر” في القرآن الكريم

جاء في معاني القرآن الكريم عن آياتنا والسميع والبصر والمذكورة في آية الاسراء: أيي أي في الاستخبار موضوع للبحث عن بعض الجنس والنوع وعن تعيينه، ويستعمل ذلك في الخبر والجزاء، نحو: “أياما تدعو فله الأسماء الحسنى” (الاسراء 110)، و “أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي” (القصص 28) والآية: هي العلامة الظاهرة، وحقيقته لكل شيء ظاهر، وهو ملازم لشيء لا يظهر ظهوره، فمتى أدرك مدرك الظاهر منهما علم أنه أدرك الآخر الذي لم يدركهه بذاته، إذ كان حكمهما سواء، وذلك ظاهر في المحسوسات والمعقولات، فمن علم ملازمة العلم للطريق المنهج ثم وجد العلم علم أنه وجد الطريق، وكذا إذا علم شيئا مصنوعا علم أنه لا بد له من صانع. سمع السمع: قوة في الأذن به يدرك الأصوات، وفعله يقال له السمع أيضا، وقد سمع سمعا. ويعبر تارة بالسمع عن الأذن نحو: “ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم” (البقرة 7)، وتارة عن فعله كالسماع نحو: “إنهم عن السمع لمعزلون” (الشعراء 212)، وقال تعالى: “أو ألقى السمع وهو شهيد” (ق 37)، وتارة عن الفهم، وتارة عن الطاعة، تقول: اسمع ما أقول لك، ولم تسمع ما قلت، وتعني لم تفهم، قال تعالى: “وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا” (الانفال 31)، وقوله: ﴿سمعنا وعصينا” (النساء 46)، أي: فهمنا قولك ولم نأتمر لك، وكذلك قوله: “سمعنا وأطعنا” (البقرة 285)، أي: فهمنا وارتسمنا. وقوله: “ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون” (الانفال 21)، يجوز أن يكون معناه: فهمنا وهم لا يفهمون، وأن يكون معناه: فهمنا وهم لا يعملون بموجبه، وإذا لم يعمل بموجبه فهو في حكم من لم يسمع. ثم قال تعالى: “ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا” (الانفال 23)، أي: أفهمهم بأن جعل لهم قوة يفهمون بها، وقوله: “واسمع غير مسمع” (النساء 46). البصر يقال للجارحة الناظرة، نحو قوله تعالى: “كَلَمْحِ الْبَصَرِ” (النحل 77)، و وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ” ﴿الأحزاب 10﴾، وللقوة التي فيها، ويقال لقوة القلب المدركة: بصيرة وبصر، نحو قوله تعالى: “فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ” ﴿ق 22﴾، وقال: “مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ” ﴿النجم 17﴾، وجمع البصر أبصار، وجمع البصيرة بصائر، قال تعالى: “فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ” ﴿الأحقاف 26 ﴾، ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة، ويقال من الأول: أبصرت، ومن الثاني: أبصرته وبصرت به، وقلما يقال بصرت في الحاسة إذا لم تضامه رؤية القلب، وقال تعالى في الأبصار: “لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ” ﴿مريم 42﴾، وقال: “رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا” ﴿السجدة 12﴾،”وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ” ﴿يونس 43﴾،”وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ” ﴿الصافات 179﴾،”بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ” (طه 97) ومنه: “أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي” (يوسف 108) أي: على معرفة وتحقيق. وقوله: “بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَة ” ﴿القيامة 14﴾ أي: تبصره فتشهد له، وعليه من جوارحه بصيرة تبصره فتشهد له وعليه يوم القيامة، كما قال تعالى: “يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ” (النور 24). والضرير يقال له: بصير على سبيل العكس، والأولى أن ذلك يقال لما له من قوة بصيرة القلب لا لما قالوه، ولهذا لا يقال له: مبصر وباصر، وقوله عز وجل: “لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ” (الانعام 103) حمله كثير من المفسرين على الجارحة، وقيل: ذلك إشارة إلى ذلك وإلى الأوهام والأفهام، كما قال أمير المؤمنين رضي الله عنه: (التوحيد أن لا تتوهمه) وقال: (كل ما أدركته فهو غيره).

تفاسير حول “المسجد الحرام” و “البيت الحرام” 

قال عز من قائل حول البيت الذي يشير الى بيت الله الحرام في مكة المكرمة في آيات قرآنية “وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴿الحج 26﴾، و”رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا” ﴿نوح 28﴾،”لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ” (الحج 33)، و”وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ” (الحج 29)، و”وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا” ﴿المائدة 2﴾، و”جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ” ﴿المائدة 97﴾. ان مصطلح الاسلام والمسلمين له علاقة ببناء البيت العتيق او الكعبة اي رفع قواعد البيت كما قال الله تبارك وتعالى “وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)” (البقرة 127-129). جاء في موقع اسلام ويب عن الفرق بين المسجد الحرام والبيت الحرام: فالمسجد الحرام هو أول مسجد وضعه الله في الأرض، وهو بهذا الاعتبار هو البيت الحرام نفسه، قال الله تعالى: “إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ” (ال عمران 96)، وقال تعالى: “فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ” (البقرة 149)، والمقصود هنا البيت، كما يمكن أن يطلق المسجد الحرام على الحرم كله، قال الله تعالى: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى” (الاسراء 1)، ففي أحكام القرآن للجصاص: روي عن أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به من بيتها تلك الليلة، فقال تعالى: من المسجد الحرام لأن الحرم كله مسجد. وورد ذكر البيت والمقصود به الحرم كله، قال تعالى: “وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً” (البقرة 125) انظر أحكام القرآن لابن العربي. وعليه فالبيت الحرام هو المسجد الحرام عينه، سواء قصد بأي من العبارتين المكان الخاص أو الحرم كله، ويمكن أيضاً اعتبار البيت الحرام الكعبة الشريفة التي فيها الحجر الشريف، والمسجد الحرام هو المسجد المحيط بها من كل الجهات، وقد اختلف أهل العلم في تضعيف الصلاة إلى مائة ألف، الواردة في المسجد الحرام، هل المقصود بها ذات المسجد أو الحرم كله، قال ابن مفلح: وظاهر كلامهم في المسجد الحرام أنه نفس المسجد ومع هذا فالحرم أفضل من الحل. إلى أن قال: وقد يتوجه من هذا حصول المضاعفة بالحرم كنفس المسجد.

معاني الكلمات “ليلاً” و “باركنا” و “حوله” الواردة في سورة الإسراء

جاء في معاني القرآن الكريم عن ليلا و باركنا و حوله والمذكورة في آية الاسراء: ليل يقال: ليل وليلة، وجمعها: ليال وليائل وليلات، وقيل: ليل أليل، وليلة ليلاء. وقيل: أصل ليلة ليلاة بدليل تصغيرها على لييلة، وجمعها على ليال. قال الله تعالى: “وسخر لكم الليل والنهار” (ابراهيم 33)، “والليل إذا يغشى” (الليل 1)، “وواعدنا موسى ثلاثين ليلة” (الاعراف 142)، “إنا أنزلناه في ليلة القدر” (القدر 1)، “والفجر * وليال عشر” (الفجر 1-2)، “ثلاث ليال سويا” (مريم 10). برك أصل البرك صدر البعير وإن استعمل في غيره، ويقال له: بركة، وبرك البعير: ألقى بركه، واعتبر منه معنى اللزوم، فقيل: ابتركوا في الحرب، أي: ثبتوا ولا زموا موضع الحرب، وبراكاء الحرب وبروكاؤها للمكان الذي يلزمه الأبطال، وابتركت الدابة: وقفت وقوفا كالبروك، وسمي محبس الماء بركة، والبركة: ثبوت الخير الإلهي في الشيء. حول أصل الحول تغير الشيء وانفصاله عن غيره، وباعتبار التغير قيل: حال الشيء يحول حؤولا، واستحال: تهيأ لأن يحول، وباعتبار الانفصال قيل: حال بيني وبينك كذا، وقوله تعالى: “واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه” (الانفال 24)، فإشارة إلى ما قيل في وصفه: (يا مقلب القلوب والأبصار) (الحديث عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. أخرجه أحمد 3/112)، وهو أن يلقي في قلب الإنسان ما يصرفه عن مراده لحكمة تقتضي ذلك، وقيل: على ذلك: “وحيل بينهم وبين ما يشتهون” (سبأ 54)، وقال بعضهم في قوله: “يحول بين المرء وقلبه” (الانفال 24)، هو أن يهلكه، أو يرده إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا (انظر غرائب التفسير وعجائب التأويل 1/438)، وحولت الشيء فتحول: غيرته، إما بالذات، وإما بالحكم والقول، ومنه: أحلت على فلان بالدين. وقولك: حولت الكتاب هو أن تنقل صورة ما فيه إلى غيره من غير إزالة الصورة الأولى، وفي المثل (الأمثال لأبي عبيد ص 337، ومجمع الأمثال 2/175) : لو كان ذا حيلة لتحول، وقوله عز وجل: “لا يبغون عنها حولا” (الكهف 108)، أي: تحولا.

الآيات المذكورة عن “المسجد الحرام” في القرآن الكريم

قوله عز وجل عن المسجد الحرام “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” (التوبة 28) عيلة اسم، عيلة: فقراً و فاقة. يا معشر المؤمنين إنما المشركون رِجْس وخَبَث فلا تمكنوهم من الاقتراب من الحرم بعد هذا العام التاسع من الهجرة، وإن خفتم فقرًا لانقطاع تجارتهم عنكم، فإن الله سيعوضكم عنها، ويكفيكم من فضله إن شاء، إن الله عليم بحالكم، حكيم في تدبير شؤونكم. قوله سبحانه “أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” ﴿التوبة 19﴾ سبيل اسم، الله اسم علم، أجعلتم أيها القوم ما تقومون به من سقي الحجيج وعِمارة المسجد الحرام كإيمان من آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله؟ لا تتساوى حال المؤمنين وحال الكافرين عند الله، لأن الله لا يقبل عملا بغير الإيمان. والله سبحانه لا يوفق لأعمال الخير القوم الظالمين لأنفسهم بالكفر. قوله جل جلاله “فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ” ﴿البقرة 196﴾ ثلاثة اسم، الْعِقَابِ: الْ اداة تعريف، عِقَابِ اسم، حاضري اسم، حاضري المسجد الحرام اي الساكنين في ارض الحرم، خافوا الله تعالى وحافظوا على امتثال أوامره واجتناب نواهيه، واعلموا أن الله شديد العقاب لمن خالف أمره، وارتكب ما عنه زجر. قوله عز وعلا “وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ” (المائدة 2) أي: لا يحملنَّكم بغضُ قوم قد كانوا صدُّوكم عن الوصول إلى المسجد الحرام عام الحديبية، على أن تعتدوا في حكم الله فيكم، فتقتصُّوا منهم ظُلمًا وعُدوانًا، بقصد الانتقام والتشفِّي. قوله عز من قائل “وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ” (الانفال 35) والآيات نزلت عقيب غزوة بدر. والآيات تبين أنه لم يكن من قبلهم مانع من نزول العذاب غير وجود النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله بينهم فإذا زال المانع بخروجه من بينهم فليذوقوا العذاب وهو ما أصابهم في وقعة بدر من القتل الذريع. وبالجملة كان المانع من إرسال الآيات تكذيب الأولين ومماثلتهم لهم في خصيصة التكذيب ووجود النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله بينهم المانع من معاجلة العذاب فإذا وجد مقتض للعذاب كالصد و المكاء والتصدية وزال أحد ركني المانع وهو كونه صلى ‌الله‌عليه ‌وآله وسلم فيهم فلا مانع من العذاب ولا مانع من نزول الآية وإرسالها ليحق عليهم القول فيعذبوا بسبب تكذيبهم لها وبسبب مقتضيات أخر كالصد ونحوه. قوله تبارك وتعالى “وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ۚ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ۗ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ” ﴿البقرة 191﴾ ثقفتموهم: ثقف فعل، تمو ضمير، هم ضمير، ثقفتموهم: أدركتموهم، وجدتموهم، وظفرتم بهم. و الثَّقف: الحذق في إدراك الشيء و فعله.

أهمية المسجد الحرام والمسجد الأقصى عند المسلمين 

عمارة المسجد الحرام وسدانته ورعايته، كان لها أهميته الخاصّة، لأنّ المسجد الحرام حتى في زمن الجاهلية كان يعدّ مركزا دينيا، فكان المتصدي لعمارة المسجد أو سدانته محترما. قوله تعالى “وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً” (البقرة 126) استجاب اللّه لدعاء إبراهيم عليه السلام، و جعل هذه الأرض المقدسة مركزا آمنا بالمعنى الواسع لكلمة الأمن. كانت إسهامات العلماء المسلمين في مجالات الطب والهندسة والفلك والفلسفة وغيرها هي الأساس الذي قامت عليه. جاء في الموسوعة الحرة ويكبيديا عن الأراضي المقدسة: يذكر مصطلح الأرض المقدسة في القرآن في مقطع فيه يعلن موسى يعلن لبنو إسرائيل”يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ” (المائدة 21)، ويشير القرآن أيضاً إلى هذه الأرض بأنها (مُباركة). القدس هي ثالث أقدس الأماكن عند المسلمين بعد مكة والمدينة المنورة، وكانت تمثّل قبلة الصلاة الإسلامية طيلة ما يُقارب من سنة، قبل أن تتحول القبلة إلى الكعبة في مكة. وقد أصبحت القدس مدينة ذات أهميّة دينية عند المسلمين بعد أن أسرى الملاك جبريل بالنبي محمد إليها، وفق المعتقد الإسلامي، قرابة سنة 620 حيث عرج من الصخرة المقدسة إلى السموات العلى حيث قابل جميع الأنبياء والرسل الذين سبقوه وتلقّى من الله تعاليم الصلاة وكيفية أدائها. تنص سورة الإسراء أن محمدًا أُسري به من المسجد الحرام إلى”المسجد الأقصى”: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الاسراء 1) وقد أجمع المفسرون على أن المقصود بالمسجد الأقصى مدينة القدس ذاتها، وسُميت الأقصى لبعد المسافة بينها وبين المسجد الحرام، إذ لم يكن حين إذن فيها المسجد الأقصى الحالي. يقع اليوم معلمين إسلاميين في الموقع الذي عرج منه محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماء، وهما قبة الصخرة التي تحوي الصخرة المقدسة، والمسجد الأقصى الذي بُني خلال العهد الأموي. ومما يجعل من القدس مدينة مهمة في الإسلام أيضًا، أن عددًا كبيرًا من الأنبياء والصالحين الذين يتشارك المسلمون وأهل الكتاب عمومًا بالإيمان بهم، مع اختلاف النظرة إليهم، حيث يعتبر المسلمون واليهود أن عدد منهم أنبياء أو رسل بينما ينظر المسيحيون إليهم بصفتهم قديسين، قطنوا المدينة عبر التاريخ أو عبروها، ومنهم داود وسليمان وزكريا ويحيى والمسيح عيسى بن مريم عليهم السلام، وكذلك لذكر المدينة في القرآن بأنها وما حولها أراض مباركة شكّلت قبلة للأنبياء ومهبطًا للملائكة والوحي وأن الناس يُحشرون فيها يوم القيامة.

الاهتمام بالمسجد الحرام وتوسعته والخدمات المقدمة فيه

جاء في موقع سعوديبيديا: المسجد الحرام، هو المسجد الذي تتوسطه الكعبة المشرفة قبلة المسلمين، وهو أقدس بقعة لهم على وجه الأرض، يتجهون إليه ويستقبلونه أينما كانوا عند إقامة الصلاة، وسمي بالمسجد الحرام لحرمة القتال فيه، يقع في مكة المكرمة، تحت إشراف مباشر من الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وهو أقدم مساجد العالم وأكبرها من حيث المساحة والطاقة الاستيعابية، إذ تبلغ مساحته نحو 1.5 مليون متر مربع، بطاقة استيعابية تقدر بأكثر من ثلاثة ملايين مصلٍ، كما يستوعب 107 آلاف طائف بالساعة. كم تبلغ مساحة المسجد الحرام؟ تُقدر مساحة المسجد الحرام بعد انتهاء المشروعات المقامة في التوسعة السعودية الثالثة شمالي الحرم المكي الشريف، بنحو (1,371,000م2).، وتستوعب مصلياته نحو 1,700,000 مصلٍ. وتتوزع مساحة المسجد الحرام على المصليات الداخلية، والساحات الخارجية، إضافة إلى الطوابق المختلفة، والتوسعات، ومنطقتي المطاف والمسعى والأسطح العلوية. وتتميز مساحات الحرم المكي الشريف باحتوائها جميع الخدمات اللازمة لزوار وحجاج بيت الله الحرام، إذ تتوافر بها مبردات سقيا زمزم، وأعداد كافية من السجاد والمفارش، إضافة إلى المشايات المخصصة للمداخل والأبواب، والمسارات المخصصة للمشاة في مداخل الساحات المؤدية لأبواب المسجد الحرام. وتوجد بجميع مرافق الحرم المكي الشريف وساحاته خدمات المصاحف بمختلف مقاساتها، والترجمات القرآنية، ومصاحف برايل المخصصة لذوي الإعاقة من فاقدي البصر، فضلًا عن خدمات العربات التي يستخدمها كبار السن في أداء شعيرتي الطواف والسعي. يتضمن المسجد الحرام من الداخل صحن المطاف، وما يقع حوله من مقام إبراهيم، وبئر زمزم، والمنبر، والأساطين، والمقامات، وكلها خضعت للعديد من الإصلاحات والتعديلات. المطاف: هو الفناء المفروش بالرخام الأبيض الذي يحيط بالكعبة المعظمة، ويعرف الآن بالصحن، ويطوف المسلمون فيه حول الكعبة، وسمي بالمطاف نسبة إلى الطواف وهو الدوران حول الكعبة المشرفة، حظي المطاف بعناية واهتمام الخلفاء والملوك والحكام، وكذا عمارته والزيادة فيه، وأول من بلط المطاف عبدالله بن الزبير -رضي الله عنه- لما بنى الكعبة وفرغ من بنائها سنة 64هـ/684م حيث بقيت معه بقية من الحجارة، ففرش بها حول البيت نحوًا من عشر أذرع، وتبعه غيره ففرش باقي المطاف، كما فرشها بالرخام الوليد بن عبدالملك سنة 91هـ/709م وتوالى فرشه وتغييره على مر التاريخ غير مرة. كان المسجد الحرام فناءً حول الكعبة للطائفين، ولم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في عهد أبي بكر رضي الله عنه جدار يحيط به، وإنما كانت الدور محدقة به، وبين الدور أبواب يدخل الناس منها من كل ناحية، فلما تولى الخلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وكثر الناس، وسَّع المسجد، واشترى دورًا فهدمها، وأدخلها فيه، ثم أحاط عليه جدارًا قصيرًا دون القامة، وكانت المصابيح توضع عليه، فكان عمر أول من اتخذ الجدار للمسجد، ثم لما استخلف عثمان بن عفان رضي الله عنه ابتاع المنازل في سنة 26هـ/647م، ووسع الحرم بها أيضًا، وبنى المسجد والأروقة، فكان عثمان أول من اتخذ للمسجد الحرام الأروقة، وقد وضعت بعد ذلك أعمدة وأساطين حول المطاف؛ لتعليق مصابيح الاستضاءة عليها، وتكون في الوقت نفسه علامة على حد المسجد الحرام الذي كان زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وزمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وما وراء ذلك فهو من الزيادات. وأما المطاف الجديد بعد توسعة 1388هـ/1968م، فهو على شكل دائرة كاملة الاستدارة، وقطر المطاف 64.8م على اعتبار أن الكعبة مركز القطر، ويحيط به ممران متجاوران على محيط المطاف عرض كل منهما 2.5م، وعلى ارتفاع 20 سم. وبذلك تكون مساحة المطاف 3058م2 حول الكعبة، وفي توسعة عام 1399هـ/1979م، ألغيت الحصاوي والمشايات ونقل المنبر والمكبرية وخفضت فوهة بئر زمزم أسفل المطاف بالقرب من المحيط الخارجي لدائرة المطاف، فأصبحت سعة المطاف إلى حدود الحرم القديم بقطر 95.2م، وأصبحت مساحة المطاف 8500 م2. وفي عام 1424هـ/2003م تم تغطية مداخل قبو زمزم للاستفادة القصوى من صحن المطاف فزاد صحن المطاف بمقدار 400م2.

قدسية فلسطين والمسجد الأقصى

وجاء في موقع سائح عن أهم المعالم السياحية والدينية والتاريخية في فلسطين: فلسطين مركزاً للحضارة القديمة، ووجود العديد من الآثار فيها، ولعلّها من الدول التي لها قدسيّة في العالم، كونها مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، ومهد المسيح عليه السلام، فهي القبلة الأولى للمسلمين، والحرم الثالث لهم. بعض أهم المعالم السياحية في فلسطين: المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة: يقع المسجد الأقصى في البلدة القديمة في القدس، وحسب ما وُجد في التاريخ تم بناؤه بعد بناء الكعبة بـ 40 عاماً، وسمي بهذا الاسم بسبب بعده عن المسجد الحرام. المسجد الأقصى والقبة المشرفة يعتبران من أكثر الأماكن الدينية قدسية، وقد تم ذكر المسجد الأقصى في القرآن الكريم، وبالتحديد في سورة الإسراء.

فيديو مقال كلمات مترابطة في القرآن الكريم (أسرى، المسجد الحرام، المسجد الأقصى)

 

أضف تعليقك هنا