التنويم المغناطيسي هل هو علاج نفسي أم مجرد خداع ذهني؟

التنويم المغناطيسي من أكثر المواضيع التي أثارت الجدل منذ بداية استخدامه إلى وقتنا الحاضر، وهو عبارة عن حالة ذهنية صافية لتلقي الإيحاءات من شخص مقابل، بينما يكون الجسد في حالة استرخاء كاملة كي تتم العملية بنجاح ويتقبل الذهن كل ما يُقال أمامه ويتفاعل معه عبر الحديث. 

التنويم المغناطيسي حالة من النوم غير الطبيعية

يعتبر التنويم المغناطيسي نوع من حالات النوم الغير عادية التي تفصل الوعي عن اللاوعي بوجود شخص وسيط يقوم على تلقين النائم الإيحاءات من خلال التحدث أمامه، وذلك بهدف التأثير على عقله الباطن.

 هناك حالات نادرة ساعد التنويم المغناطيسي المريض على التحكم بشكل أفضل في حالة الوعي لديه، وقد أسهم في علاج بعض المشكلات الصحية، مثل: الاكتئاب، والألم والأرق وقد يساعد على الإقلاع عن التدخين وإنقاص الوزن، وساعد أيضا على تخفيف الأعراض المرتبطة بالعلاج الكيميائي مثل الغثيان والإقياء الناتجة عن علاج السرطان…. إلا أن له أعراض جانبية حدثت بعد الاستيقاظ منها الصداع وعدم الاتزان الكلي، وبعض المخاطر مثل خلق ذكريات زائفة لا وجود لها أو مسح ذكريات حزينة ومؤلمة.

عملية التنويم المغناطيسي تعتمد على تقبل الفكرة

الشخص الذي يقوم بعملية التنويم هو شخص عادي لكنه يملك أسلوب إقناع مميز ومهارة في الحوار لا أكثر، أي أنه لا يملك قدرات خارقة أو إشعاعات نافذة وغير ذلك! هو يصنع قوة جذب كالمغناطيس بنبرة صوته وهدوءه، هو شخص مُدرّب يعرف كيف يقود الرحلة، وأنت أمامك خياران إما الإستسلام والانجذاب له، فتكون تحت سيطرته وتسمع كل الإيحاءات التي يطلبها منك بكل بساطة، لأنك فقدت السيطرة على عقلك الخارجي وأصبحت تسبح في بحور اللاوعي! 

أو تختار الخيار الثاني وهو عدم تصديق القصة برمتها من البداية، هنا عقلك الواعي يرفض أي عملية خضوع أو تسليم لعقلك الباطن ويقاوم كل ما يفعله المنوم  الوسيط، فتفشل عملية التنويم الإيحائي مهما كان الشخص المنوم ماهر في أدائه.  

في الواقع إن مفتاح نجاح آلية عمل التنويم المغناطيسي تكمن في استناده على سير الوظائف العصبية للجسم البشري، وأن تلك العملية صحيح أنها غير مألوفة للكثير إلا أنها لا تستوجب كل هذا التعقيد والغرابة! والإنسان المتعافي عصبيًا ونفسيًا يستطيع السيطرة على أفعاله ومراقبة قراراته وتنفيذها بشكل طبيعي دون الحاجة إلى المثول لتلك العملية أو خوض تجربتها.

العلاج بالإيحاء يحاكي العقل الباطن

الحقيقة أنه لا يمكن تصنيف ذاك العلاج تحت مصنفات العلاج السريري المرتبط بالعقاقير الطبية، إلا أنه أحيانًا يلجأ الطبيب السريري أو المختص إلى الإيحاء للمريض في بعض الأمراض التي تستدعي ذلك كي يعطي العلاج الطبي مفعوله في الجسم، فكما ذكرت إذا لم يتقبل عقلك الباطن أي من الإيحاءات الخارجية سواء عن طريق التنويم المغناطيسي أو من أي جهة أخرى لن يتفاعل جسدك معها، بل ويتم محاربتها على أنها عدو مدمر، فغالبًا يرتبط  شفاء الجسد بشفاء الذهن، والاتصال بين العقل والجسد حقيقة لا مفر منها.

التنويم المغناطيسي بين العلاج النفسي والخداع الذهني

في النهاية انقسمت الآراء حول موضوع التنويم المغناطيسي إلى قسمين، القسم الأول وهم الأقلية يرى العملية ليست إلا محض خرافة باعتبار أنها صناعة العقل الباطن لما يملك من استعداد لتصديق ما يتعرض له من إيحاءات خارجية، في حين أن العقل البشري السليم يستطيع السيطرة على أفكاره وأفعاله ولا حاجة له لوسيط أو مساعد ليكون القائد عليه.

ولقد نُشرت مقالة حديثة مشتركة بين جامعات دولية عريقة مفادها  أن الصور المهزوزة عن التنويم المغناطيسي في البرامج التلفزيونية والأفلام والتي ارتبطت بفقدان قوة الإرادة وضبط النفس جعلت الناس تقلق بشأنه وتخاف من القيام باستخدامه مهما كلفهم الأمر. 

بينما القسم الثاني  يرى أن التنويم المغناطيسي ظاهرة حقيقية، كونه يوجد انجازات باهرة في علم النفس جراء استخدامه، فقد تمكن من مساعدة أفراد للتخلص من مخاوف مرضية وبعض الوساوس الثقيلة، ولا أحد يمكنه تجاهل أن التنويم المغناطيسي حل محل التخدير لإجراء العمليات الجراحية في القرن التاسع عشر. 

يبقى الحصول على دليل علمي ذو قيمة عالية على صحة التنويم المغناطيسي يعتبر ضرب من التحدي، إذ تعتمد العملية كليًا على الإيحاء مما يجعل عمل دراسة علمية بحتة من المهمات الصعبة بل شبه مستحيلة! إلا إذا اقترنت مع تأثير العلاج الوهمي الذي يتم عبر تلك العملية.

فيديو مقال التنويم المغناطيسي هل هو علاج نفسي أم مجرد خداع ذهني؟

 

أضف تعليقك هنا