الشك أساس الإيمان

دفاع عن الإيمان

الإيمان مرتكز أساسي لحياة مطمئنة، ثرية بالأمان والبهجة. بعكس ما يروج له اللاأدريون ورواد الشك، بأن الإيمان حالة سذاجه معرفية، ونتيجة لتعطيل ملكات النقد وإلجام المسألات الفلسفيه.. بالطبع لا أنكر أن ثمة أشخاص إيمانهم حالة تلقيدية عميا، والبعض حالة انجرار عاطفي،..لكن هناك الكثير ممن إيمانهم حالة تسليم ليقينيات كبرى، ومسلمات علمية، توفرت بعد السنوات من البحث والمساءلة لكل اليقينيات، وإخاضعها للنقد والتحليل.

الإيمان يمنح السكينة للنفس 

يجهل البعض أن الشك عرض لمرض النفس الباحثة عن الإيمان، الشك ليس غاية بذاتة ومتى أصبح كذلك صار عبئاً إنسانيا، ومصدر دخل للتعاسة، وباب واسع للعدمية… الإيمان، بعيد عن التفسيرات المعوجة والتصورات النمطية، هو ربط الروح بمنابعها الأولى، هجوع النفس بجذورها، استجابة لنداء من أقاصي الذات الباحثة عن نفسها. لا شيء يعيد التدفق الداخلي، ويضبط إيقعات الروح كالإيمان، يصب السكينة ويربت على عوالم الفوضى.

هل يقصد بالإيمان التسليم دون دليل؟

سمعت أحدهم يقول “الإيمان” هو التسليم دون دليل، أي أنه مناقض للتفكير المنطقي المؤمن بالعلم.. حديث كهذا ينم عن قدرات إدراكية هزيلة، ونظرة اُُحادية قاتمة لعالم الأشياء والأفكار، أو قد يكون حكم عفوي متسرع وتعميم مختل: إذا أنة أطلق المصطلح بعموميته الواسعه، سوى كان الإيمان أو العلم دون إدراك لمفهومهما.

العلوم بأنواعها لها أدلة 

العلم مصطلح فضفاض، لا يمكن اختزاله بفلسفة ما، كالوضعيه، العلم بتعريفة المنطقي البسيط المتعارف عليه هو “إدراك الشيء بما هو عليه عن دليل” ويجب أن يكون الدليل مطابق لطبيعة المدلول، المعمل الطبي له دليله الخاص، المختبر الفيزيائي له دليله، الجنايات لها دليلها، والتاريخ له أدلته الخ…

الإيمان مبني على تساؤلات وقواعد متينة 

ومن هنا من العلم ننطلق إلى أن الإيمان يرسو على أسس متينه، قواعد صلبة من المنطق”إذ أن إيماننا أو بحثنا عن الإله ينطلق من حقيقة أن لا يمكن للوجود أن ينبثق من العدم، وأنه يستحيل أن يكون أزلي عقلاً، ويستحيل تسلسل الفاعلون لأنه يفي بعدم الفعل أصلا، كما يقرر المنطقيون.. وعلمياً، أن الحقيقه العلمية الساطعه هي أن النجوم تولي هاربة، والكون في اتساع، أي أنه انبثق من نقطة بدء،!! ..للكون بداية، ولا يمكن للعلم أن يجيب عن سؤال من/ماذا قبل لحظة الخلق. وكل ما يقدمه تعتبر تفسيرات فلسفيه هزيلة تفوق أكثر الأديان خرافه، ومن هنا يكون الإيمان بالله حاجة نفسية ومقتضى عقلي، ولا يمكن أن يكون الإله خلقنا لنعبث لابد من غاية، ومن هنا نكون قد أدركنا ضروره البحث عن الدين.

الخلاصة:

إن الحقيقة التي يؤمن بها البشر أنهُ: لا حقيقة في الخارج المادي المستقل، ولا يمكن ضبط الحقيقه دون دين والاستقاء من الـ ما وراء، ولا يمكن التأسيس للحقيقة أو ضبط المعرفة أو تقييم المعنى بلا دين. فنحن حسب التصور الطبيعي نتاج حتمي لقوانين عشوائيه لا نتميز عن باقي الكائنات والأشياء. الماوراء ضروري، أو حتئ الاستقاء من ينابيعه دونما التسليم لكل مقتضياته. كانت وما زالت المعرفة الماورائية عند المفكرين أعلى المعارف وأشرفها، أنها النوع الوحيد المنوط بتفسير القضايا الكلية والوجودية والاسئلة الكبرى، فنجد ديكارت مثلا يقول: “الفكر الإنساني شجرة جذورها الماوراء وجذعها الفيزياء وأغصانها بقية العلوم”.

إلى هنا أكون قد لخصت أهم قناعاتي، التي تشكلت بعد الزحف الدؤوب من العدمية، إلى الإيمان. وحتى لا يساء فهمي، فأنا هنا لا أدين الشك والنكران واللاإيمان، بقدر إدانتي لمن يشرعونه كمنهج بشري متكامل. الشك طريق نحو اليقين، الشك هو سبيل إلى أحضان الإله الدافئه. عودوا إلى جنان الإيمان بالرب، إنه أجمل الحقائق، أعظم العزاءات الوجودية. للوجود رب، فكرة كفيلة بطرد كل طفيليات الكئابة، فكرة كفيلة بطمس كل الاهات ومنح الروح طلاقتها الكبيرة. يظل هناك التباسات ومشوشات، تعتري كل حقيقه، لا تكترثوا تمسكوا بإيمانكم النقي، بإمكانكم البحث عن الغموض والالبتاسات، لكن لا تشذوا، لا تذهبوا بعيدا.

فيديو مقال الشك أساس الإيمان

 

أضف تعليقك هنا