الزواج مرحلةٌ ليس هدفاً

قد تبدو هذه الجملة ساذجة جداً ، من الممكن أيضاً أن تَمّر عنها مرور الكرام , دون أدنی إهتمام
كلماتي هنا أرغب في أن تحاط بمغلف قد عنوّن بإسم الفتيات , ليست عنصريۃ منّي , لم أكن ذاك الشاب يوماً ولن .

ولكن عالمنا الشرقّي هذه يسوده أفكار قد غُمِرت بِغبار الأيام , لا أنتظر أحداً يدّعي الفطنۃ ليردد لي جُملۃ ” من ليس له حاضر ليس له مستقبل ” , حِكمۃٌ قد فُهِمت توالياً حتی نُقِشّت بالمقلوب في ذهون البعض كَمسن يضع لُفافۃ تّبغٍ بفهمه دون شرارۃ لإشعالها , ليخدع نفسه بكذبۃ رواها عقله ,أنه ما زال مدخناً , تِلك حكمۃ قد عَنّت أن دون الأمس لا يوجد اليوم , دون الأساس لما سكنّا الأعالي , لم تهدد تلك الحكمۃ ولم تتوعد بمن يتطور ويواكب , لا تتوارث الحِكمۃ كَروفٍ قد صُفّت , لا تكن فريسّۃ التخّلف .

عانس!

قالوا سابقاً : “أن الفتاة الغير متزوجۃ تُسمی عانس ” , حتی نُقشت هذه الكلمۃ في جدران الذهون وفي حواف الأحلام , ليتحول الزواج بِنظرهنَّ من مرحلۃ عمريۃ , ألی هدفٍ يكرسنَّ أنفسهنّ له ، يَضعنّ تلك الفكرة على عرش الطموح ، لِتتصوّر أمامهن في كل ما يصنعن .

سمعت ذات مرة شابة تسخّر من صديقتها مازحة قائلة : ” سوف تُعنّسي ” ، أدرك جيداً أنها مزاح ، لكن ذاك المزاح لم يستوحى من الخيال ، هي لم تغتاله من الفضاء ، قد رأيت بين تلك الحروف فكرة مُبهمة متخفيّة بذريعة المزاح ،شعرت وكأن صديقتها تقول لها سَتفشلين في حياتك ، تَدّعو لها بالشر مثلاً ، تلقي بكل أمالها وأحلامها بسّلة من مُهملات الأمل ، وما يُتلّف الفكر أكثر ويجعله موحلٌ بعمق ملامحٌ قد تشكلت على وجه صديقتها ، صدمةٌ ، تَعّجب ، ألوان قد رُسمت بإحمرار مُصّفر ،وكأن صديقتها تمنت لها الموت مثلاً ! أو أن تُكمل حياتها بِعجز أبدي .

لربما لو أنها ملكت عقلاً لم يتقرصن بفكرة ” العنوسة ” لأصبحت ذات شأن يوماً ، خصوصاً أنها متوفقة دراسياً وتحّمل ذكاءً يُحكى به ، لكن نظرة المجتمع لها تَحدّ من فكِرها ، تَكسّر مجاديف الإبحار ، تهدم جسور العبور .

حتى أن فكرة أن الفتيات تَدرس وتتعلم فقط لتجد الكمال بنظرة العريس لها ، وليس بنظرها ! بدأت تُنير أفكارهن ! ، أين أنتي من كل ذاك ؟ ، ألم تُبقي على شيء لك ! كل ما لك قد وهبتيه له ؟ كل ما تصنعيه هو له فقط ! ألا يوجد لنفسك عليكي حقّ ؟ لتفتخري بها وتقدسيها بإنجاز يُنسب لها فقط ! دون شريك أو حتى مالك .

لن تكوني ناقصة:

دَعيهّم يطلقون الأهازيج لك , يتفننوا بتحريك أفواههم , نعم كوني أصماء لبضع ثوان , أُقسم لك لن تكوني ناقصة دون ذاك الرجل ، لربما هي رسالة عابرة لك من الله عز وجل لتبدعّي ، لكنّ لا تضعّي أحلامك لرجل يأتيك بِفَرس أبيض كما قيل لك ! لا تقبلي أن تكّوني تابع لأحد ! إسمو بذاتك ,حتى تستوطنين أحلام كل شاب ، نعم حلقّي , إصنعّي من ذاك الجهل أجنحۃ لك ، حينما ترين العالم من الأعلی وكم كنتي ضحيۃ لكذبۃ توارثت وقرصنت عقلك بإتقان, ستدركين أن من كانوا يندِبو لك “بالعنوس” يبكون في بيوتهن ندماً لتعجلهن بإستقلال قطار خاطیء , وحين يخرجون , يتمنون الإستقلال والقوۃ , ولم يعلموا أن طريق العلم هو الصواب ، الفرق بينكن هدفٌ فقط ، إحداكن عملت وتعلمت لأجل نفسها وتطورها ، وأخرى لتدعّي الكمال حين زواجها .

كنتي صغيرۃ لا تدركي فطفلۃ تحبين اللهو واللعب فمراهقۃ بمزيج من الأفكار الجنونيۃ فشابۃ قد سوّق لها أن الزواج هو كل شيء فعجوز تُدّرس كل حقيقۃ بِمرّ واقع وعَسِل فكر , وفي كل مرحلۃ تشعّري أن ما سبّق لم يكن سوی تراهات فارغۃ .

ما صّف في كلامي هو ليس تكريه لزواج لولاه لما كانت حياة ، ولا حروف قد جُمعت ، ولا مقاله قد قُرأت ، وهذا ما قصدته وسرت صوبه بهذه المقالة ، أنه مرحلة فقط ، إن أتت بعد إستقلالك ، رحبي به بكل حب ، ليكون مرحلة تستطيعين الشهيق وحب الحياة من بعدها إن فشلت ، ليس كالذي يُدفن حياً بعد وصوله لهدفه ورفض هدفه له وإستئصاله من حياته ، أرجوك كوني لنفسك كل شيء , وأن ما يهّم هو نفّسي فقط , وكيف سأسمو بفكّري لأصبح يوماً ما وأكون .!

فيديو الزواج مرحلةٌ ليس هدفاً

أضف تعليقك هنا

ياسين الحكيم السعايدة

ياسين الحكيم السعايدة