“القفص الذهبي” الزواج والعنوسة وطرائف العادات والتقاليد

“القفص الذهبي” مغلق أمام الراغبين بسبب التكاليف لماذا؟

“الزفة والكوافير وغلاء المهور والقائمة”  كما يقال “من الإبرة للصاروخ”، مصطلحات ارتبطت بالزواج حديثا، وأرهقت عددا كبيرا من الشباب وقضت على احلامهم للاستقرار والارتباط بالفتاة التى يحلم بها، خاصة فى ظل ارتفاع الأسعار وحالة الغلاء فى البيع والشراء.

يجب أن يعود المُجتمع لماضيه الذى يسير على نهج النبى صلى الله عليه وسلم، للتأكيد على أن قيمة الزواج فى الوفاق وليس فى دفع الأموال الطائلة، فهناك أرقام خيالية للمهور والنفقة وكأنه زواج مشروط وليس مشروع لا يتضمن لقاء المشاعر والتفاهم. فالعلاقة بين الزواج والمهور علاقة طردية، كلما ارتفعت المهور، ارتفعت نسبة عزوف الشباب عن الزواج”. وذلك بسبب الأعراف الاجتماعية التي تربط المهر العالي بضمان حقوق المرأة.

الالتزامات الخاصة بزواج الشباب فى الوقت الراهن

إذاً موضوع الالتزامات الخاصة بزواج الشباب فى الوقت الراهن وموضوع الشبكة وارتفاع سعر الذهب مشكلة حقيقية؟ بالطبع، حمل ثقيل، ففي الماضي كان المهر رمزي، بالإضافة إلى دبلة الخطوبة بأرخص الأسعار سواء من الذهب أو الفضة. وكانت الحياة بين العروسين فى تأثيث بيت الزوجية فى أضيق الحدود حتى يحيا بأسرة صالحة

ولكن الأن الله يعين الجميع البيئة والمجتمعات اختلفت، وتركنا الأساسيات كحُسن الاختيار من الطرفين والتوافق العاطفي، وترك الإرهاق المادي كما قال المثل المصري (طوبة طوبة)، وألا يتدخل الأخرين في حياتهما لفرض شروط صعبة، وترك المغالاة التى تتعمدها الأسر في أسعار الشبكة والمهر وكثير من المطالب التى تعجز الشباب. فالزواج اساسا يقوم على العلاقة الطيبة قبل تلك الأشياء وغيرها.

ما هي طرائف عادات الزواج وأشكالها؟

التعامل مع الزواج كسلعة، نهاية لقصة زواج لم تبدأ، فقديمًا كان يشترط أن تكون الشبكة بجرام الذهب، أما الآن فأصبح بالإمكان تحويل تلك الجرامات لمبالغ نقدية تتم كتابتها فى «القايمة».

ومن بين قصص المغالاة فى تفاصيل الزواج إصرار والد فتاة فى إحدى القرى التابعة لمحافظة الجيزة على شراء «توك توك» فى جهاز ابنته لكى يعمل عليه زوجها مستقبلًا، ولكى يضمن الأب حق ابنته كتب سعر «التوك توك» داخل القايمة

وكان من بين المواقف الغريبة فى محافظة السويس اشتراط إحدى الأسر على عريس ابنتهم أن تضم «القايمة» كل ما هو موجود داخل الشقة، وعدم ترك أى شىء، وبالفعل كتب الأهل سيراميك الشقة والأبواب والنوافذ وصنابير المياه.

في ظل المغالاة وارتفاع اسعار الذهب كيف يري علم الاجتماع الأسري ثورة شبابية بالقرى والمدن بالمحافظات، بتنظيم حملات لإلغاء الشبكة والمهر وما يتسبب في زيادة العنوسة؟.

الحملات وفي أولها حملات أزهرية للتوعية، كان هدفها تصحيح المفاهيم وتغيير العادات المتخلفة التى عشناها سنين طويلة، وكلها أمور كمالية والأهم أن تتوفر  الأساسيات الضرورية فقط، وكان شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، قد دعا إلى إطلاق حملة توعوية في هذا الشأن؛ لأن هذه المغالاة تدمر الأسرة قبل بنائها.

أما بالنسبة لقائمة الزواج فيمكن يكتب فيها كل شئ حتى لو طلبت أسرة العروس ضمانة لبنتها بكتابة الذهب الذي يصل في بعض القرى لأكثر من كيلوا ذهب، لأنه حقها الطبيعى، ولكن مع الاكتفاء بالخاتم والدبلة فقط لتيسير الزواج، وهذا من الصعب أن يقتنع به أهل العروسة ممن لا يفهمون أن أهم شئ هو راحة ابنتهم وسعادتها، لا الذهب ولا المظاهر ، كقاعة أفراح أو شراء شقة تمليك ، وهنا ينجح الشباب فى تغيير مفهوم الآباء.

أسباب العنوسة

العنوسة من المشاكل التي أرهقت الحياة المجتمعية وزادت من تفاصيل التحرش وغيره؟ بعد أن عزف الشباب عن الزواج، وارتفعت نسبة العنوسة بين الفتيات لدرجة غير مسبوقة، بلغ معدل العنوسة 17٪ من الفتيات، وهُم 10,5 مليون فتاة وتزداد في الحضر بنسبة 38٪ يليها المناطق الحدودية بنسبة 30٪ ثم الوجه البحري بنسبة 28٪ والوجه القبلي 25٪ ، وبالتالي جعل هناك انفلات أخلاقي لدي كثيرين من الجنسين بينما يطلب علماء الدين وكبار السن بالتسهيل وفقا للدين والسنة النبوية مستنكرين بدعة المغالاة فى الشبكة وتكاليف الزواج.

الطلاق في تزايد، مشكلة أرهقت الدولة

عدد السكان في مصر أكثر من 103 ملايين نسمة، يصل عدد الإناث منهم 48.5 مليون أنثى، أي أن هناك 106 ذكور لكل 100 أنثى، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في تقريره بمناسبة اليوم العالمي للمرأة.

ارتفع عدد عقود الزواج عام 2021 إلى 948 ألفا و222 عقدا مقارناً بعام 2020 حيث كان 876 ألفا و15 عقدا، بنسبة ارتفاع نحو 12.3%، وفقا للبيانات الأولية لنشرة الزواج والطلاق.

ارتفع عدد إشهادات الطلاق إلى 255 ألفا و4 إشهادات عام 2021 مقارناً بعام 2020 حيث كان 222 ألفا و36 إشهادة، بنسبة ارتفاع نحو 15%. عند مقارنة تلك الأرقام بإحصاءات عام 2016، نجد الأرقام مقلقة مع قرارات التعويم وما بعد كورونا.

لكل إنسان له طاقة وليس من العقل أن نخنق العريس ما الأثار المجتمعية لذلك؟. يجب ألا تنظر البنات للذهب على حساب السعادة، ومراعاة الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد، حيث يجعل أهالي العروسين يستدينون أو يبيعون ممتلكاتهم من أجل تقاليد لا تنفع بل لها عواقب قد تصل للسجن عند عدم الوفاء بالسداد وهناك حالات كثيرة منها “الغارمين والغارمات” ويصل عدد الغارمات نحو 30 ألف غارمة، فمن من الشباب قادر على شراء شبكة بملبغ يزيد على 50 ألف جنيه، وشقة صغيرة لا يقل ثمنها عن 550 أو أقل من مليون جنيه، ثم تكاليف حفل زفاف وخطبة وتجهيزات للشقة بما لا يقل عن مليون جنيه؟!

ما هي تداعيات المشكلة؟

إذاً ما هي تداعيات المشكلة؟. تحول الزواج إلى مزاد، بسبب المغالاة فى مظاهر الزواج تزيد العنوسة وتنشر الفاحشة والتحرش والقلق النفسى والضغط والأمراض النفسية وتعد العنوسة من اخطر القضايا التي تؤرق المجتمع كما قلنا النسب من قبل وقد تسببت مشكلة العنوسة في حدوث مشكلات اخري ومنها التدخين والادمان والسرقة وانتشار بعض الظواهر المرفوضة دينيا واجتماعيا مثل الزواج السري والعرفي

ما هي أسباب تفاقم المشكلة؟

يرجع أسباب تفاقم مشكلة العنوسة إلي ضعف الوازع الديني مع انتشار الامية وارتفاع المهور وعدم قدرة الشباب علي تحمل تكاليف الزواج ووضع الشروط التعجيزية من جهة أهل الفتاة وقلة عدد الرجال الراغبين في الزواج وزيادة عدد مواليد الاناث عن الذكور وغلاء المعيشة وصعوبة الحصول علي مسكن وانشغال بعض الفتيات بالعمل والغزو الثقافي الهدام الوافد من خلال وسائل الاعلام والانفلات الأخلاقي في الدراما المصرية والخلط في مفهوم الزواج وانتشار بعض العادات البالية والأفكار الهدامة وانتشار الإرهاب

الحلول وكيفية تطبيقها؟

حتى لا يصبح الزواج مثل فريضة الحج (لمن استطاع إليه سبيلا). فالذهب ليس فريضة شرعية والمغالاة في المهور ليس من الإسلام، وقد أوصى الرسول الكريم، بالتيسير فى الزواج. ولذلك فإن خطباء المساجد عليهم دور في مواجهة هذه الأزمة الاجتماعية الخطيرة.

الأهل مطالبون بأن يختاروا «أصحاب الخلق والدين» للزواج من بناتهم كما قال الرسول الكريم ارتفاع مؤشرات الوعى فى القرى والنجوع وتغير نظرتهم تجاه العادات والتقاليد فى ظل الظروف الإقتصادية الصعبة التى يعيشها المجتمع الآن

لتكون رمزية وأقرب إلى مقاصد الشريعة الإسلامية ، وتتفق مع قول الرسول الكريم (أقلهن مهورا أكثرهن بركة)، فتقليل تكاليف الزواج أصبح ضرورة دينية وأخلاقية ،الزواج يحض على العفاف لذلك أيضا فإنه يجب تحية الأسر التى تستجيب لهذه المبادرة التى تحيى قيمة الأسرة والقيم وتسد وسائل الانحراف.

ماذا يحتاج المقبلون على الزواج في مصر؟

لابد من حوار مجتمعي ودراسة وافية للوضع الاقتصادي في المجتمع المصري، لتأمين مشروع الزواج، وإيجاد الجانبين الصحي والنفسي، بعيداً عن التلاعب بالإجراءات عبر الرشاوى فهذا باب من زيادة أعباء الزواج وليس تيسيره كما يريد البعض.

وبالتالي يجب مناقشة ذلك ودراسته من بحوار مجتمعي بحضور علماء الاقتصاد والاجتماع وعلم النفس والصحة بوجود دراسة اقتصادية توفر إجابات للمختصين وتحدد الأعباء المترتبة على أي قرار، خاصة في مسار الزواج.

فيديو مقال “القفص الذهبي” الزواج والعنوسة وطرائف العادات والتقاليد

أضف تعليقك هنا