ثلاثينيون…

واحد وثلاثون . إثنان وثلاثون .. سنوات من العمر العددي، لكن ليس هذا ما يُقاس في حياة كلِ واحدٍ منّا . أعمارنا تختلف باختلاف الزمان والمكان والأشخاص، في الفرح والحزن.. فداخل كل منا عمر ثانٍ لا يُحسب بالأرقام…

حياتنا مجموعة عقود من الزمن متتالية الأرقام؛

أرقام مجردة إلا من قيمتها الحسابية. لكن، في أي من هذه العقود تعرّفتَ به على نفسك واكتشفتها؟!!!! لن نذكر العقد الأول من العمر فهو واضح، فجميعنا إنجازنا كان واحد في هذا العمر ليس لنا من الحياة أكثر من اللعب والأكل والنوم والذهاب الى المدرسة … انجازٌ مشرّف.!!

فهل تغيّر الانجاز في العقد الثاني؟! ربما، عند البعض..هنا تكون قد بدأت حياتك للتو، أصبحت في العشرين، الحلم الذي حلمنا به جميعاً أن نقول ” صار عمري عشرين”.. كنا نظن أننا ما إن نصل للعشرين حتى تفتح الحياة لنا ذراعيها. ننعمَ بحياة الكبار. لكن، هل هذا حقا ما وجدناه؟؟!!

كنت تعيش على سبيل التمهيد،

تخوض تجارب حب ركيكة، تجارب عمل تفشل وتنجح، معارك حياتية تخسر وتربح وتخطط لتحديد مستقبلك، مشاعرك، أهدافك وعلاقاتك، تبرع في تلوين الكلام حتى تقنع الآخرين بك. فنجد البعض حائراً بين ما يحب أن تكون عليه شخصيته من صفات، فيلجأ البعض من ضعاف الشخصية إلى تقليد الآخرين فتختفي معالم شخصيتهم.. فتجد نفسك في مكان لا يليق بك…

بعد الخامسة والعشرين تبدأ مرحلة البحث عن الذات المستقلّة، ترغب بالطموح، ربما تكمل دراستك وتنال شهادات عليا، تحلُم بمشروعك الخاص، تُبلور أفكارك، أفكارك أنت، خاصة بك من صنيعك دون أن تتأثر بأفكار غيرك. وكلما اقتربت من الثلاثين يصبح لديك شخصيتك المستقلة وأفكارك الخاصة وطريقتك الفريدة في كل حركاتك وسكناتك. حينها؛ تنتقل لمرحلة جديدة مختلفة أجمل مراحل الحياة -فكل مرحلة ولها جمالها وخصوصيتها- حين تحتفل بذكرى ميلادك الثلاثين… إنّه حقاً احتفال. ليس احتفالاً بمرور سنين مضت كبُرنا فيها، فلو أمعنّا التفكير قليلا لبكينا بدل أن نفرح على سنين تمضي من عمرنا لن تعود، ربما أعددناها بشكل صحيح وربما ضاعت سُداً دون إنجازٍ يُذكر دنيوي كان أو أخروي… بل هو احتفال بنمط حياة وتفكير وتصرف مختلف…

فما السرُ في الثلاثين؟!!!

هو عمر الشباب؛ يمكن اعتباره سن الاستقرار النفسي، نكون فيه قد حددنا جميع نواحي حياتنا كالهوايات، المعتقدات، المظهر والمهنة.. كذلك علاقاتنا الشخصية والاجتماعية. فننطلق في حياتنا دون تردد أو شكوك… نصبح حينها أشخاصا راشدين في نظر أنفسنا والمجتمع ومسؤولون عنها وعن الآخرين. نمتلك الخبرة والحكمة الكافية لنعيش بالشكل الصحيح لا نهتم بالأفراد بقدر ما نهتم بالأفكار..فما كنا نفعله في العشرين من العمر لا يجب أن نفعله في الثلاثين! مشاعرنا ناضجة، نستطيع الاختيار بالشكل الصحيح دون أن نتأثّر بمن حولناْ نصبح أصحاب القرار، بالاضافة إلى الاستقلال الاقتصادي وهو العنصر الأهم….

مرحلة عقلانية وأكثر واقعية،

ثقة عالية بالنفس، خبرة عملية وثقافية جاذبة. والأجمل من هذا كله، في الثلاثين تصبح أكثر اقبالاً على السعادة عن غيره من الأعمار تستمتع بالحياة وتحسن التصرف في الأزمات.

مرحلة المصالحة مع الذات

ترى الأمور كما هي بعيداً عن المثاليات والتمثُلِ بالقدوة، فلا تؤمن بغيرك أنت القدوة وأنت المثال لنفسك. نكون قد أكتسبنا خبرة أكبرفي فهم الحياة وفهم الناس أو التعامل معهم، نكتسب صلابة وقوة، خبرة في الحياة ، حنكة ونظرة ثاقبة لمعالجة الأمور، وأكثر اتزاناً…
فعندما تنضج، تنضج أولوياتك معك.. ستقع في حب نفسك من جديد، ستترك الجدال حتى لو كنت متأكداً من رأيك، ستضحك على منتقديك وتشفق على من يعاديك او يحقد عليك وتدعو له بالشفاء..

فدع تأثير الارقام جانباً وعش عمرك دون عدّ ولا تقلق من ازدياد الرقم كل عام، بل من اندثار وجودك دون انجازٍ أو أثر. فقلق الارقام يُذهِبُ متعة الحياة..
ربما كل ما قلته لا يمثل البعض لكنه حتماً يمثِلُني….

فيديو ثلاثينيون…

 

 

أضف تعليقك هنا

ياسمين الموعد

كاتبة فلسطينية