العزف على أوتار الكوارث

“يا أيها الذين اّمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه”.

من كان عقله عاجزاً عن تحليل الفوضى بفقه موثق فليطأ عقله وليحكم قدمه

العزف على أوتار الكوارث لعبة قذرة يتبناها المغرضون لهدم كيان الدولة المصرية، مستغلين سذاجة العديد من العامة بتشويه قناعاتهم وبرمجة عقولهم نحو كره الحاكم والدولة فقط لتقصير فرد ما لا حول له ولا قوة، وإما تقصير فرد مشوه فكرياً عمداً أو دون عمد.

ولهذا يجب على العامة فلترة أقوال ومشاهدات المغرضين وغيرهم، ومن ثم انتقاء ما يجب الاحتفاظ به في منطقة اللاوعي وتقبل تغيير المفاهيم بقناعة ووعي وتعقل، فحب الوطن لا يحتاج إلى وساطه لتجميله أو تشويهه عند من يمتلك الحكمة وإدارة الذات وقراءة المصداقية بعقلية ناقدة لا ناقمة.

فالوطن ليس فريق ولكنه رفيق، يسري في دم الحياة طالما هناك مواطن يتنفس عشق الوطنية بالمواطنة التي تجعله يفرق بين الحق والباطل، تجعله يعي الحقوق والواجبات، ومن ثم يرى العطاء واجباً وطنياً، والواجب حمايته على الأقل عدم تشويه صورته بغرض إثارة الفوضى بفقه تسفيه العقل.

والجميل في الحفاظ على كل جميل، مثال: الفن جميل، والإبداع جميل، ولكن تشويهه منتهاه، والفضيلة لا تعني تشويهها بأفعال دنيئة، ولوحة الفنان ترسم بريشة أحاسيسه، وتتدفق في عيون قادرة على أن تستوحي الكثير من الأحاسيس لمجرد بريق حوّل اليابس إلى أخضر، ولا ننسى أن أم الشهيد لا تلعن مصر بل تحسبه عند الله شهيداً، وتقدم الثاني والثالث فداءً للوطن.

المدينة الفاضلة ليست بقوة البرلمان وضعف الإيمان  

قيم الحق لا تفرق بين النائب والتائب، بل تجسد الفضيلة في شخص مطبقها قولاً وعملاً، ومن غير المعقول إقران الإبداع بإبعاد المبدع عن مكنون الخبايا بحجة أن الموهبة تطرد التهمة، لذا مخاطر الفن لا تختلف عن مخاطر الفتك بالعدو إرهاباً أم هروباً نحو المجد والشهرة.

فبدلاً من إضاءة عقول الموهوبين يتم استقطاب البعض منهم معصوبين الفكر نحو الزواج العرفي أو العرى كمثير لتحقيق الآمال ومخاطبة الوجدان، ولولا السياق الزمني الذي أوضح حقيقة وخبايا ارتباط السياسة بالفن ما كان هناك جوهر لانتقاد العلاقة بين السياسة والفن حتى ارتباك الموقف.

ومهما كانت وسائل الإغراء مثيرة فعين المشاهد تستطيع أن تميز بين الإبداع والخلاعة، بين الفن والتسلق، بين التخبط والوعي وسعة الأفق بمجريات الأمور حين مناقشتها سياسياً بشكل درامي، وبدلاً من استغلاله في حماية الأمن القومي يستغل في تشويه القيم والأعراف المصرية تحت ستار الفن للانحراف نحو فساد المجتمع.

فتراجع الأخلاقيات والقيم والثقافة لحد الهوى يفقد الهوية والذاتية، ويؤدي إلى سهولة استقطاب الأنثى للغزو الجنسي، كما يسهل استقطاب أي شخص يبحث عن الهوية بتفرد الأيديولوجيا، فالتغيير والتطوير لا يعنيان التعامل مع المتغيرات بخلع الحياء والانسياق وراء قلة الحياء، وحينما يتحول العمل المهني من الرسالة إلى اللياسة إذا الأخلاق تحتاج إلى شهادة وتصفيق لإثبات تمييع وتقزيم الهوية الوطنية.

ومهما كان أصل الصراع بين السياسة والفن يبقى العمود الفقري للحراك المجتمعي هو القيم والأخلاقيات حتى لو وضعت العربة أمام الحصان، وصدق علي بن أبى طالب حين قال: آلة السياسة سعة الصدر.

السياسة بين الشعب وضيق الصدر   

صدمات سياسية متتالية لم يتعافى منها المواطن المصري بعد أحداث 25-30 ودستور 2012 وتعديلاته في 2014م، حتى أصبح الموقف مترهل سياسياً ولا يستشعره نواب الشعب، وكأن نواب الشعب ذهبوا لتحقيق أغراضهم وتناسوا أن الشعب سيحاسبهم على إنجازاتهم نحو مراقبة وإعمار مصر.

فهل الدستور المصري سالفاً بنوده كانت مرنة لدرجة التعديلات كل بضعة سنوات؟

الشعب له حق الرد دستورياً مهما تعددت منصات التغيير، ولكن هل بالقبول أم بالرفض؟

تأييد الأغلبية لتعديلات الدستور يعني الصلاحية أم التطبيل؟ ورفض الأقلية يعني الصلاحية أم الرفض لمجرد الرفض؟

وهل الشعب المصري يمتلك الرؤية والبصيرة لمراجعة المواد القابلة للتعديل بمقياس الصلاحية والإرادة الشعبية؟ أم سيمارس جماعة الإخوان تضليل الرأي العام.

فحينما انسجم الشعب المصري مع قضية التغيير في 2011 ثورة 25 يناير لا شك أنه انتقل من منطقة الهشاشة إلى منطقة الصلابة والتيبس أمنياً، ومع ذلك حتى 2019م لم يتحقق حلم الشعب في الرفاهية والتحسن اقتصادياً على مستوى الفرد وليس على مستوى الدولة اقتصادياً.

الشعب المصري ما زال ثابت راكد لا يتحرك نحو التغيير الحقيقى الهادف، بل يبحث عن التغيير في شخص الحاكم متناسيين أن سواعدهم تبني لا يد الحاكم وحكومته وحدهم، مصر تنافس وليس فلان ينافس، لن ولم تتحقق رؤية مصر 2030 نحو التحسن الإقتصادى والمعرفي والبيئي والاجتماعي بعدالة إلا إذا تحرك الشعب نحو تقدير الصناعات وممارستها وتقدير التجارة وامتهانها وتقدير أراضي الوطن وصونها وزراعتها وحمايتها.

نعم الشعب أعزل، ولكنه يمتلك قوة الكلمة، ولكن الدول لا تقام بالكلمات بل بسواعد أبنائها، وهمتهم نحو البناء والتعمير والمشاركة في زيادة الإنتاجية واستخدام التكنولوجيا بشكل يحقق الإنتاج لا يهدر الوقت بغرض التسلية.

هل سيحافظ الشعب المصري على مصر من الاختطاف مرة أخرى؟ أم سيظل العراك كما يحدث بين الرجل والمرأة قصة من يستحق ومن أقدر والبنت زي الولد؟

فيديو مقال العزف على أوتار الكوارث  

أضف تعليقك هنا