الإختلاف لا يعني التخلف

قبل أكثر من عشرة أعوام  كان لي زميل في المدرسة يدعى (محمود) وهو إسم مستعار لعدم رغبتي بذكر اسمه ( محمود )  ذلك الطالب المجتهد الذي ينفعل ويصاب بهيسترية إذا لم يسمح له الأستاذ بالتعقيب على الدرس لا يتكلم بلهجتنا الشعبية مطلقاً بل يتكلم باللغة العربية الفصحى والتي كان يجيدها وبإتقان .

أطباع وصفات شخصية محمود الذي يعاني من إضطراب الطيف التوحدي

لا يسمح محمود لأي شخص يحاول اختلاس  النظر إلى ورقته الإمتحانية حتى أنه ذات مره نادى الأستاذ اثناء الامتحان قائلاً ( أستاذ هذا الطالب لص يحاول سرقة جهدي ) لذلك لم يكن لمحمود أصدقاء ابداً كان أيضاً مصاباً باضطراب الطيف التوحدي ، يقضي يومه الدراسي بين الجلوس في الفصل أو التكلم مع نفسه بصوت مرتفع يضرب راْسه احياناً ويحركه يميناً وشمال في احيان اخرى ولعدة مرات كنت أراه مسرعاً في اروقة المدرسة.
واضعاً  كلتا يديه على اذناه وسط مجاميع من الطلبة المتنمرين ووابل من ضحكات السخرية مشهدٌ لم يفارق ذاكرتي أبداً  ورغم محاولة الأساتذة في المدرسة  التقريب بينه وبين زملائه وشرح مفهوم التوحد والاختلاف للطلبة لكن دونما اَي فائدة.

جهود والدة محمود ومساندتها لإبنها المصاب باضطراب الطيف التوحدي

حتى إني أتذكر ان أدارة المدرسة سمحت لوالدته بالدخول الى قاعة الفصل الدراسي والطلب من التلاميذ ان يعاملوه بالحسنى ياله من موقف عظيم من ام عظيمه لم انتبه ساعتها لهول الموقف لكني الان أبكي وانا اتذكر جهد الام في حماية ابنها انها أمٌ عظيمه اجل كانت كذلك على كل حال استمر التنمر واستمر محمود بالتفوق وإحراز اعلى العلامات.

شخصيات غيرت التاريح كانت تعاني من إضطراب الطيف التوحدي

بعد عدة سنوات من الدراسة معاً انتقلت الى مدرسة أخرى وأكملت المرحلة الثانوية وشاءت الأقدار أ+ن يكون تخصصي الجامعي ( قسم علم النفس ) وأن اعمل كذلك في احدى المؤسسات المعنية براعية شريحة اطفال التوحد فأصبح لي اهتمام كبير بالمطالعة والدراسة حول هذه الشريحة.

أثناء مطالعتي لمقال نشر في موقع قناة الحرة الفضائية في الثالث من ابريل لعام 2017 م عن هذا الاضطراب النفسي صُدمت بأسماء شخصيات عظيمه غيرت وأنجزت الكثير في تأريخ البشرية مصابون أيضاً باضطراب الطيف التوحدي اجل فالمقال  يذكر لنا الكثير ممن اصيبوا بهذا الاضطراب  منهم رائد العبقرية في القرن العشرين (ألبرت أينشتاين) والرسام الهولندي ذاع الصيت (فان غوخ) وصولاً الى ملياردير مايكروسوفت ومؤسسها ( بيل جيتس ) و (ستيفن ألان ) المخرج والمنتج الأمريكي الذي حصد الأوسكار في سن السادسة والثلاثين وغيرهم الكثير.

إتمام محمود دراسته وتفوقه فإختلاف محمود لا يعني تخلفه

الأمر الذي أثار فضولي للتقصي عن أخبار صديقي القديم وهنا كانت المفاجئة المتوقعة محمود  تخرج من إحدى اهم الجامعات العراقية في اختصاص مهم أيضاً هو  الان يحمل شهادة الدكتوراه في الصيدلة ولديه الكثير من الأصدقاء الحقيقين الذين يؤمنون بوجود الاختلاف.

هي أقرب لدعوة من ان تكون مقالة دعوة  للتعامل  بحب واحتواء لكل المختلفين في العالم فربما هم مشاريع عظيمة وان لم يكونوا كذلك  فالاختلاف لا يعني التخلف والتخلف لا يدعوا للتنمر ولا شيء يدعوا لذلك لا شيء إطلاقاً  يدعوك للتخلي عن جوهر الإنسانية لذا كن إنساناً.

فالجميع قادرون على تحقيق الإنجاز إذا آمن فيهم شخصٌ واحد وإذا لم يجدوا من يؤمن فيهم فليؤمنوا  بأنفسهم.

فيديو مقال الإختلاف لا يعني التخلف

أضف تعليقك هنا