التناقض أمر طبيعي لا مفر من وجوده

 التناقض الاجتماعي وقود الأحداث 

 معظمنا بصورة عامة يقول عكس ما يفكر به، ويفعل عكس ما يقول! نعيش في أجواء مليئة بالتناقضات سواء كان على مستوى شخصي أو اجتماعي على نطاق الأفراد…

فهناك دائما من يدعو للمساواة ويقوم على التمييز في التعامل بين طبقات المجتمع، ويوجد آباء ينصحون أولادهم بعدم التدخين وهم مدخنين! وهناك مجموعات من النسوة تطالبنّ بحقوق المرأة بشكل متواصل، في حين لا تخلو أفكارهن من المكائد المحاكة ضد بعضهن البعض، وقد تلقى شيخًا يدعو للتقشف وهو يعيش الرفاهية المطلقة! وقد تشاهد في الشارع سيدة محجبة محتشمة اللباس والمظهر تسير بجانبها ابنتها وهي ترتدي القصير والمكشوف! أشياء وأمور متناقضة نصادفها كل يوم تبدأ من أنفسنا وهلمّ جرًّا…

التناقض من الأمور المتواجدة بشدة في الحياة، فأينما توجهنا قد نرى مشاهد متناقضة في موقف واحد، وقد يكون هناك آراء متناقضة في موضوع محدد، وربما نسمع أخبار متناقضة في حدث معين أو من خبر منتشر… وهذا كله يولد أحداث يومية نعيشها ونتفاعل معها سواء بالقول أو بالفعل، فلو لا وجود التناقض لكانت الحياة تسير على وتيرة واحدة تدعو إلى الكآبة والملل.

تناقض الشيء من الشيء نفسه

ما الذي يجعل التناقض موجودًا في معظم ما نعيشه من أحداث وقرارات أو من مشاعر وأحاسيس؟ التناقض موجود طالما هناك أشخاص يملكون أفكار مختلفة عن بعضهم البعض، إذ لا يوجد شخصان على الكرة الأرضية متطابقان في التفكير يملكون ذات  المبادئ وذات الآراء، كل موضوع أو موقف قابل لعدة توجهات مختلفة بدرجات متفاوتة، والتناقض يكون بين الدرجة الأولى والأخيرة فقط …. 

أبسط مثال قد نراه يُطبّق على الألوان، أي عندما يختار أحد الأشخاص اللون الأبيض ويختار الآخر اللون الأسود نقول أن كل منهما اختار لون نقيض اللون الآخر، بينما الأشخاص التي تختار درجات الألوان الأخرى لا تقع في هوة التناقض…  

بشكل أو بآخر يكون التناقض موجود حيثما يكون الإختلاف الشديد في أعلى درجاته، ولا يمكن أن نقول عن الحلول الوسطى لأي مشكلة… تناقض! أو نقول عن الأشياء التي تقع بين أمرين متناقضين هي تناقض! فالجنة نقيض النار أما الأرض فليست نقيضًا لأي منهما، هذا لأن الأرض فيها شيئًا من الجنة وشيئًا من النار… 

كذلك الأشخاص ذوات الطبع الهادئ والذين يعشقون الوحدة هم نقيض الأشخاص ذوات الطباع الصاخبة والثرثارة، بينما الأشخاص التي تعرف كيف تعيش التوازن بين الحالتين لا يمكن أن أن يكونوا نقيضًا لأيٍ منهما…. وهكذا  

تعلّم كيف تتعايش مع التناقض

تناقض المرء مع نفسه يولد صراع داخلي بصورة متقطعة، وهذا الصراع ينشأ من عدة مواقف أخذت تصرفات عكس المبدأ الذي تبناه، أو ربما نتج عنها أقوال بعيدة عن قناعاته وآرائه الحقيقية، وتلك التصرفات يكون سببها إما ضغط خارجي يُمارس على الشخص أو مراعاة وكرمى لشخص آخر تعود فائدته إلى المصلحة الشخصية…

في هذه الحالة لا داعي لأن يُرهق الشخص نفسه في أمور لا يملك فيها الخيار، الأفضل أن يدع ما شعر به جراء ما حصل من تناقض يمر بسلام دون التشكك في قدراته… 

كذلك لو ناقض الشخص نفسه بنفسه فهذا أيضًا ليس بالأمر الجلل! لأن الشخص يشعر بالملل أحيانًا من نفسه فيرغب ببعض التغييرات ثم يعود إلى ما هو عليه سابقًا… نحن كائنات بشرية من لحم ودم نحتاج لبعض المغامرة والإثارة من حين إلى الآخر كي نحافظ على التوازن النفسي في حياتنا الرتيبة.

لذلك أرى أن التناقض أمر طبيعي موجود في كل موضوع ولدى جميع الأشخاص والأفضل التعايش معه على أنه حدث عارض لا أكثر، فلا داعي لأن تتفاجأ به عند ظهوره أو تخشى تأثيراته! فلكل منّا بصمته الفكرية المميزة عن الآخر، و نمط حياة يتغير من فترة إلى أخرى، فليس من الجيد أن نضيف المزيد من التعقيدات في عصر مليء بالتناقضات.  

فيديو مقال التناقض أمر طبيعي لا مفر من وجوده

أضف تعليقك هنا