ذكرى الثورة العربية الكبرى

جهل العديدين لأسباب الثورة العربية الكبرى

بمناسبة ذكرى الثورة العربية الكبرى تستدعي الذاكرة ما كتبه الشيخ محمد رشيد رضا في مجلة المنار تحت عنوان ” الوثائق الرسمية للمسألة العربية .. عود على بدء” مستعرضا في حينها المكاتبات بين أمير مكة بالأمس وملك الحجاز اليوم وبين نائب ملك الإنكليز بمصر قائلاً :  لا يزال جمهور المشتغلين بالسياسة من عرب الأقطار السورية والعراقية ومصر يجهلون أسباب الثورة التي قام بها أمير مكة بمساعدة بعض السوريين والعراقيين ؛ لأنه كان يكتم ما دار بينه وبين معتمد الدولة البريطانية في مصر ، وما اتفقا عليه ، حتى عن أولاده قواد جيوشه ، وإنما كان يمنِّيهم بأن الذي تقرر ، واتفق عليه الفريقان هو استقلال جميع البلاد العربية العثمانية ، وجعْلها مملكة عربية حرة له ! ، وقد ظهر بعد ذلك أن ما عرضه على إنكلترة ، فقبلت بعضه بقيود ، وشروط – يجعل البلاد تحت حمايتها في الداخل والخارج !

وقد كان جميع أنصاره وأنصار أولاده الأمراء موالين للدولة البريطانية إلى أن انكشف الغطاء ، وظهر ما كان مِن اتفاقها مع فرنسة على قسمة الولايات العربية بينهما من حدود مصر ، والبحر الأحمر إلى خليج فارس ، واحتل كل منهما حصته ، وتصرف فيها تصرف المالك فيما ورثه عن آبائه وأجداده من الأرض ، فعند هذا رجع بعضهم عن موالاتها ، وتعليق الآمال بها دون بعض .

نقض بريطانيا لوعدها استقلال وحماية البلاد العربية

ثم نشر الأمير فيصل في دمشق نص المعاهدة التي أخذها من والده ؛ ليحتج بها على الحكومة البريطانية ، وظهر منها أنها تتضمن حمايتها لجميع البلاد العربية التي طلب استقلالها ؛ ليكون ملكها ، فخابت آمال أناس آخرين ، وسكتوا عن التبجُّح أو الاحتجاج بذلك العهد أو الوعد ، ولكن لا يزال لهم أنصار يتولونهم ، ويتولونها ، وأنصار يتولونها من دونهم ، وآخرون يتولونهم من دونها ، ولا يزال فيهم مَن يطالب الدولة البريطانية بما تطالبها به جريدة ( القبلة ) بالأقوال الرسمية وغير الرسمية بأن تفي بعهدها ، وتنجز وعدها لملك الحجاز ، بل ملك العرب كلها

حكم الدولة العثمانية الإسلامية أرحم أم حكم بريطانيا؟

ومن العجائب أن يكون كثير من أهل فلسطين من هؤلاء الأولياء الذين يسمون ملك الحجاز ( بالمنقذ ) ، وإنما أنقذهم من حكم الدولة العثمانية الإسلامية ، الرحيمة المساوية بينهم وبين الترك في كل الحقوق ، ووضعهم بثورته تحت حكم سيطرة الدولة البريطانية ، والشيعة اليهودية الصهيونية ، ولا يزال يوجد فيهم مَن يظن أن وفاء الدولة البريطانية بوعدها بنيلهم الاستقلال ، كما يظن أولياؤه في سورية الشمالية أنه ينقذهم من فرنسة ، ولو بجعلهم تحت انتداب إنكلترة أو حمايتها ، وإن كانوا لا يجهلون أن انتدابها كان شرًّا على فلسطين من انتداب فرنسة على سائر سورية ؛ فإن كان الضغط على العراقيين دون الضغط عليهم ، فسببه أن حال العراقيين كانت خيرًا من حالهم ، وإنما تنال الشعوب باستعدادها وأعمالها ، لا بأمانيها وأقوالها . ندع هؤلاء الأغرار يتخبَّطون في غرارتهم وغرورهم إلى أن يعلم الزمان مَن كان قابلاً للعلم ، ويربي مَن كان قابلاً للتربية ، ونساعد الزمان على ذلك ببيان ما تمحَّص من الحقائق ، ونشر ما نعلم من البينات والوثائق ؛ لتكون عبرة للمعتبرين ، وحجة على الجاهلين والمكابرين .

كلما دخلت مسائل الشرق في طور جديد ترى المتَّكلين على صاحب الحجاز وأولاده من السوريين – ولا سيما الفلسطينيين منهم – عادوا إلى نغمة المعاهدة بين الملك حسين والإنكليز يطالبون بها ، ويزعمون أن الملك حسينًا وضعها ، وأمضاها باسم الأمة العربية لا باسمه وحده ، ونسأله تعالى أن يكفي هذه الأمة العربية شر تلك المعاهدة التي يريدون استعباد الأمة العربية بها .

مقالات متعلقة بالموضوع

مقررات النهضة – المعاهدة الإنكليزية العربية – وثيقة الشريف حسين

ألا أيها النائمون أفيقوا ، ويا أيها المخدوعون بأقوال العائشين من فضلات آكِلِي أثمان أمتكم وبلادكم تنبَّهوا ، قد آن لكم أن تعلموا أن تلك القصاصة من الورق التي يسميها الملك حسين ( مقررات النهضة ) ، ويسميها النافخون ببوقه المعاهدة الإنكليزية العربية ، هي وثيقة من الملك حسين بجعْل البلاد العربية كلها ، حتى الحجاز تحت حماية الحكومة البريطانية في داخلها وخارجها ، وتنص على إعطائها الحق باحتلال ولاية البصرة لتأمين السيطرة على العراق ، فيجب على كل عربي مخلص لأمته وبلاده أن يرفضها ، وينكر أن يكون لواضعها أدنى حق في وضعها ، والافتيات على حقوق مسلمي الأرض في الحجاز ، وحقوق زعماء الأمة العربية في الجزيرة وسورية والعراق بوضْعه هذه الوثيقة الموجبة لاستعبادهم ، وتصرف الإنكليز في بلادهم .

هذه المقررات هي التي نشرها الأمير فيصل قائد الجيش الشرقي لدول الحلفاء- يوم نشرها – وملك العراق اليوم في جريدة المفيد ، ونشرناها في المنار نقلاً عنها ، وإننا نعيد اليوم نشرها مع الوثائق الأخرى المتعلقة بها ، التي أشار الملك فيصل إلى أن الإنكليز اعترفوا بها ، ولم يعترفوا بوجود معاهدة .

-انتهى-

اقرأ سلسلة مقالات الثورة العربية الكبرى من الوثائق الرسمية بقلم هيثم صوان:

– الثورة العربية الكبرى من الوثائق الرسمية (1\7)
http://bit.ly/2uNd6Eq
– الثورة العربية الكبرى من الوثائق الرسمية (2\7)
http://bit.ly/2uNgpf8
– الثورة العربية الكبرى من الوثائق الرسمية (3\7)
http://bit.ly/2tP6J6G
– الثورة العربية الكبرى من الوثائق الرسمية (4\7)
http://bit.ly/2uMUTqz
– الثورة العربية الكبرى من الوثائق الرسمية (5\7)
http://bit.ly/2uN6TIV
– الثورة العربية الكبرى من الوثائق الرسمية (6\7)
http://bit.ly/2uMWVak
– الثورة العربية الكبرى من الوثائق الرسمية (7\7)
http://bit.ly/2uN0tcR

فيديو الثورة العربية الكبرى من الوثائق الرسمية بقلم هيثم صوان:

أضف تعليقك هنا
هيثم صوان

الكاتب هيثم صوان

شارك

Recent Posts

الكوارث تبرز أفضل وأسوأ ما في الناس

بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد

% واحد منذ

فن الشاطئ.. رؤية فنية بحس جمالي فني سياحي لمدينة أصيلة الشويخ عبدالسلام

بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

نقاء الروح

بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد

% واحد منذ

بين غزة والذكاء الاصطناعي.. الوقت موت

منافع ومصالح قائمة على دماء الأبرياء  في غزة، يصارع أكثر من مليوني إنسان شبح الموت… اقرأ المزيد

% واحد منذ

جبريل عليه السلام

بقلم: رسل المعموري جبريل عليه السلام هو أقرب ملائكة الله إليه، وصديق النبي صل  الله… اقرأ المزيد

% واحد منذ

من فضلك كن نفسك فقط

أيها القارئ الكريم ظللنا لعقود طويلة ومنا من لا يزال يؤمن أو متأثر بثقافة المنظرة… اقرأ المزيد

% واحد منذ