أهمية العنوان
لعل أول خطوة يقوم بها القارئ سواء أكانت قراءته هواية في سبيل تلقيح العقل و تهذيب الهوى و الترويح عن النفس أم كانت قراءته إلزاماً بقصد إعداد بحثا أكاديميا أو التعمق في مجال التخصص أكثر هي مروره الحتمي بالعنوان ، فهو الرمز الذي سيَفُك شيفرة الكتاب الذي أمامك أو المقال أو أي عمل إبداعي أنت بصدد الغوص فيه … إن قدرت ذلك أو قُدِر لك، ستختار ما تقرأ من العنوان؛ فيكون هذا الأخير قد اختصر علينا مسافات من البحث .
إلا أنه و في أحيانِ كثيرة نحن من تختارنا العناوين فنقع في مصيدتها و أقل ما يقال عنها أنها تسويقية محض ، فنخرج أصفارا من ذلكم الكتاب أو _بالأحرى_نخرج بتجربة سيئة .
واحد من أكثر الأشياء إزعاجا في العمل الإبداعي على أي شاكلة كان هو عنوانه عندما يكون :
-
عنوانا منمقا
مزخرفا بألوان البديع مبالغا في طوله نصل إلى حد التعب في تذكره ، و فحواه مادة مكررة في الأغلب سبق و تطرق إليها احدهم من قبل ، والأمر الشنيع المحتمل أيضا أن يكون ذلك بنفس الأسلوب مع بعض التغييرات لتكتشف في الأخير أن هدفها الشهرة و التسويق و ما أكثر هذه الظاهرة و إلا لما لجأنا إلى اختصار عناوين مئات الكتب !
-
عناوين الروايات
التي لها علاقة بالقضايا الدينية و السياسية (اليهودية ، الماسونية ، النظام ، داعش …الخ ) : تجذب إليها القارئ تلقائيا فتكون الأكثر طلبا لأجل الهدف الذي سبق و أن ذكرناه _ و حسب اعتقادي _ فإن سبب الإقبال عليها يعود لمعايشة القارئ لواقع سياسي مر _ الخريف العربي على سبيل المثال لا الحصر _ ، أما محتواها قصة حب مشلولة جعلت من هذه الرواية كرسيا متحركا لها !
-
العنوان المقتبس
من آية قرآنية مع التغيير ! إنه لأمر يحز بالقلب و يجب تسليط الضوء عليه و الانتباه له ، فإن كان الكاتب يرى أن طاقة كتاباته لا تأخذ إلا مما هو مقدس فبدوري كقارئة اتفق و هو إنما أخالفه في نقطة التغيير التي طرأت على الآية ، فالآية أو الجزء منها بقدسيتها و بلاغتها و جمالها وغرضها يمكن أن تكون عنوانا و لنا في ذلك مثالا : عناوين كتب أيمن العتوم ” يا صاحبي السجن ، حديث الجنود ، نفر من الجن … الخ ”
-
العمل الذي في واد و عنوانه الذي في واد
إن الانطباع الأول الذي نأخذه عن أي عمل نستمده من الأبعاد الدلالية للعنوان، فلما وُجِد العنوان أصلا ؟ وُجد ليكون جوهرا للنص و العتبة المساعدة في إماطة اللثام عن المسائل التي عالجها ذلك النص و بهذا تكون العلاقة بينهما علاقة ترابط و تكامل.
ولعل أهم نقطة يقوم بها الكاتب هو وضع عنوان مناسب لبنات أفكاره، لما يتطلبه الأمر من دقة و ذكاء و حسن اختيار و إبداع لا استدراج و خداع !
فيديو مقال عندما نقع في مصيدة العنوان