إن من البيانات الأكثر وضوحا والملفتة في هذا الصدد سواء في العراق بشكل خاص، أو باقي الدول في شكل عام، هي مؤشرات الفقر، فمن المعروف أن الأعراض التي تدل على تنامي أشكال الحرمان الاجتماعي والاقتصادي. مثل ازدياد عدد الناس دون خط الفقر، وتراجع مستويات الدخل والقدرة الشرائية، وانخفاض فرص التعليم ونوعيته، وتدني نوعية السكن، واستحكامها بالأفراد والمجتمعات، إنما تشير إلى الأخطار الأساسية التي تهدد الصحة النفسية للأفراد والمجتمعات.
بَدورها، فإن انتشار عوامل مثل الشعور بعدم الأمان، وفقدان الأمل، والتحول الاجتماعي السريع، وانتشار العنف، وأشكال الاعتلال الجسدي، يمكن أن تفسر ضمن الفئات المحرومة في المجتمعات المحلية لاضطرابات الصحة النفسية.
بالمقابل، البيئة التي تحترم الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، هي الأرضية الأساسية لتطوير الصحة النفسية وتعزيزها، ومن الصعب الحفاظ على مستوى فاعل من الصحة النفسية من دون الأمن والأمان، والحرية، وتقدير الذات الأيجابي، والأمل، والمشاركة، والعمل المجدي وغيرها من مظاهر الحياة الأنسانية التي تكفلها تلك الحقوق.
عن كل ذلك، فإن الشباب يواجهون ظواهر كثيرة تستحق دراسات نفسية اجتماعية قائمة بذاتها، خصوصا في ظل »العولمة« الراهنة، منها متطلبات الشباب المستقبلية، والتحولات في التعليم والعمل، وما تتطلبه من قدرات معرفية عالية، وفي القيم الاجتماعية المستجدة وما تفرضه من تنافسية شديدة، وما تتيحه من آمال وفرص.
كل هذه التحولات تشكل ضغوطا نفسية شديدة على الشباب، غير مسبوقة. كما أن انفتاح العالم الكبير، بعضه على بعض، وتقوض أطر الحماية الاجتماعية، التقليدية منها والحديثة، أو بالارتداد إلى العصبية والانغلاق وانسداد آفاق التغيير والتجديد والأستقلالية، كلها تهدد باستفراد الفرد وبقائه بدون مرجعيات توفر المساندة، وهو ما يسميه البعض (الفراغ الوجودي).
ويدخل ضمن النطاق نفسه الانسلاخ عن الذاكرة والتاريخ والانتماء، وتغير المرجعيات من خلال التحول نحو المستقبل وصناعته باعتباره »هوية بديلة«، وانعكاس هذه الحالة على العلاقات الأسرية والمجتمعية التقليدية.
ويتبع ذلك فقدان جيل الكبار لمرجعيته بشكل متزايد مما يؤثر على بنية العلاقات الأسرية وعلى علاقان الوالدين بالأبناء. أما العالم الافتراضي (الانترنت) الذي أخذ يحتل حيزاً متزايداً ّ في حياة الجيل الناشئ ويشكل مرجعيته، فلقد بدأ يزاحم العالم الواقعي، ويؤثر على مرجعية الحيز المجتمعي (المدينة والمدرسة وغيرهما) كأطار حيوي للتحرك والسلوك والتفاعل.
حيث أصبحت شاشة الانترنت العالم البديل فإن العالم الافتراضي يحمل احتمالات انحسار العلاقات الحية والمباشرة وجها لوجه، لصالح العلاقات الالكترونية. وهو ما ينبئ بتغيرات نفسية لا نعرف بعدُ مداها وآثارها.
كما يترافق مع كل هذا استمرار الوصمة الاجتماعية المرتبطة بمشكلات الصحة النفسية وقضاياها، وكثرة الخرافات، وقلة المعرفة، وكثرة المعلومات المغلوطة المرتبطة بها. إن ما يفاقم كل ذلك هو الظروف الصعبة التي تعيشها أغلبية المجتمعات العربية ومنها العراق من فقر واحتلال وحروب ونزاعات أهلية مستدامة وعدم استقرار. والتي تلقي بوطأتها على صحة الناس النفسية والجسدية.
غير أن الاهتمام بالرعاية الصحية النفسية لايزال ضعيفا. فالصحة النفسية ما زالت لا تعتبر من ضمن أولويات الصحة في العراق، وتبقى الميزانيات المخصصة للصحة النفسية معدومة على الرغم من توصيات منظمة الصحة العاملية بأن تشكل ميزانية الصحة النفسية 10 %على الأقل من ميزانية وزارة الصحة.
ويعاني العراق من نقص الخطط الوطنية التي تعنى بالصحة النفسية. فاستراتيجيات تعزيز الصحة النفسية تبقى منفصلة، وهي لا تشكل جزءا من خطط التنمية الاجتماعية ومن التحديات التي في واقع الصحة النفسية في العراق وبعض البلدان العربية، ما يأتي:
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد