تناسخ الأرواح وموقف الإسلام

حول ظاهرة تناسخ الأرواح

ظاهرة تناسخ الأرواح أخذت جدلا كبيرا بين مؤيد ورافض وهي في مجملها تتحدث عن أن الإنسان يعيش أكثر من مرة في الحياة الدنيا، وأن الروح عندما تخرج من الجسد تدخل جسد ٱخر. ونظرية تناسخ الأرواح لاقت رفضا قاطعا من أصحاب الديانات السماوية بعكس الأديان الشرقية غير السماوية التي تؤيدها.

لكن الغريب أن هذه الظاهرة قد ثبت بالفعل وجودها، وأن التحقق من الكثير من الحالات التي تحدثت عن حياة سابقة لها قد تم. وهناك إثباتات موثقة بذلك عن أطفال تحدثوا عن حياتهم السابقة وماحصل فيها. القضية الآن ليس في تأكيد صحة هذه الأقوال أو رفضها لأن ذلك أصبح تحصيل حاصل في ظل ماثبت بالدليل القاطع عن صحة أقوال من تحدثوا عن حياة سابقة لهم.

موقف علماء المسلمين من الظاهرة 

لكن هنا نطرح السؤال: لماذا يرفض علماء المسلمين هذا الاعتقاد؟ وهل هناك أدلة يمكن أن نستخلصها من القرٱن الكريم تؤيد هذه الظاهرة، وتجعل علماء المسلمين ينظرون إلى تناسخ الأرواح من منظور جديد؟ رفض علماء المسلمين للظاهرة ينحصر في أن الروح واحدة وأن الله سبحانه وتعالى عندما يقبضها يضعها في حياة البرزخ إلى أن تقوم القيامة، ويحاسبها على أفعالها في الدنيا.

إذن الرفض للتناسخ من وجهة نظر علماء المسلمين مرده إلى أن التناسخ يتم بتعدد الأرواح للشخص الواحد، وهذا بالقطع ليس صحيحا لأن نظرية تناسخ الأرواح تقول بأن الروح واحدة ولكن تتعدد الاجساد التي تسكنها طوال مسيرتها الحياتية. تعالوا بنا نبحث في القرآن الكريم عن آية تؤيد نظرية التناسخ وما هي الفائدة المرجوة لو فعلا نزلت الروح في اكثر من جسد؟

هل تغيير الجلود يعد تناسخا؟ 

يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا) (56) سورة النساء، التفسير السائد لهذه الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى يبدل جلود الكافرين عندما تنضج حتى يكون العذاب أشد بمعنى أن يعود الجلد كما كان، ويحرق مرة أخرى. هنا لنا وقفة، سياق الآية الكريمة يقول: “جلودا غيرها”. بمعنى جلد ٱخر غير الجلد الذي احترق، وتبديل الجلد يجعلنا نظن أنه جلد آخر وليس إعادة نفس الجلد لأنه لم يقل أعدنا جلودهم وقال بدلنا جلودهم.

هنا نحصل على معنى جديد وهو أن الإنسان الكافر يعذبه الله في أكثر من جلد نزلت فيه روحه، وظلت كافرة وهذا يعطي دلالة أوضح، ويفسر الآية بشكل أعمق، إذ لا معني لأن نعيد حرق الجلد الواحد أكثر من مرة. ولكن تبديل الجلد وحرقه من جديد يكون أكثر دلالة على قسوة العذاب. وإذا كان هذا المعنى هو المقصود، فإننا نذهب إلى القول أن الروح تنزل في الأرض، وتتنقل من جسد إلى جسد. فإذا ظلت كافرة عذبها الله في كل هذه الأجساد.

يحرقها في جلد أبيض، ويحرقها في جلد أسود أو أصفر، لكن هي روح واحدة ظلت كافرة رغم أنها اخذت فرصتها كاملة في أن تؤمن بالله، كيف هذا؟ نحن نعلم أن الدين عند الله الإسلام، وأن البشر أجمعين مطالبين أن يكونوا مسلمين ليدخلوا الجنة. وأن الواقع يقول إن الاسلام قد لا يستطيع الوصول غلى الناس لاختلاف لغتهم ووجودهم في رحم ديانات اخرى لا يتركونها أبدا، وهذا يقتضي أن تكون هناك آلية اخرى لمعرفة الناس جميعا للإسلام وتحقيق العدالة لكل روح نزلت على الأرض في أي مكان أن تعرف الإسلام الصحيح.

فرضية تعدد الأجساد للروح الواحدة

وإذا افترضنا أن الروح تنزل في أكثر من جسد او جلد فإن نزولها في أرض الإسلام حتمي لكي تؤمن أو تكفر، فإذا كانت كافرة، ونزلت في أرض الإسلام وتحدثت بلغة القرآن، ولكن ظلت كافرة، هنا يحق عليها العذاب في كل الأجساد التي نزلت فيها، وإذا آمنت فإنها تدخل الجنة. هذه الفرضية تحل معضلة توفير الفرصة لكل روح بأن تدخل الاسلام أو ترفض.

وكل ما أريد أن أقوله أن الروح واحدة وسوف ينتهي أجلها الحقيقي، وأن صعود الروح بعد أن ظلت في الارض في أكثر من جسد هو مرهون بأجلها الذي حدده الله عز وجل. وأن الفرصة توفرت لها بأن تعرف الإسلام وهذا مهم جدا للإجابة على التساؤل: ما ذنب الذين لا يعرفون لغة القرآن؟ في ظل هذه النظرية لا ذنب لهم لأنهم سوف ينزلون في أجساد على أرض الإسلام في يوم من الأيام، وتتمكن ارواحهم من معرفة الإسلام حق المعرفة، ولها أن تختار الإيمان أو الكفر، وعندئذٍ يكون حسابها طبقا لاعتقادها الاخير. والله أعلم.

فيديو مقال تناسخ الأرواح وموقف الإسلام

أضف تعليقك هنا

د. الامير صحصاح

د. الأمير صحصاح