رقصة بيلا

بقلم: سلاف الصياد

“الباليرينا” الساحرة

فتحت خزانتي القديمة لأجد صندوقاً أنيقاً وجدت فيه آثار الزمان وذكرى الماضي، اشتممت رائحة أمي في شبابها فتذكرت على الفور تلك العلبة لأفتحها، فإذا بي أرى “الباليرينا” الساحرة التي ترقص على أنغام مقطوعة صغيرة من كلاسيكيات الموسيقى الناعمة ، أذكر تلك الفتاة جيداً أحببتها كثيرا واتخذتها صديقتي. كنت أنتظر لحظة انشغال الآخرين لأذهب إلى الغرفة خلسةً وأغلق الباب لأتحرر أنا وصديقتي” بيلا” على تلك النغمات الرقيقة.

كنا نتراقص ونتنافس من فينا الأجمل رقصاً ورشاقةً وأناقة، كنت أراها الأجمل فهي شقراء رشيقة ترتدي فستانا زاهيا أما أنا  فكنت أتمتع بحرية الحركة في جميع أرجاء الغرفة ببنما ترقص هي في دائرتها الصغيرة. وما أن أسمع صوت أمي فأنتفض سريعة أستأذن “بيلا” أن ننهي حصتنا الآن على وعد ألا يطول غيابي عنها، أفتح الباب أخرج من الغرفة وكأن شيئا لم يكن.

إخفاء المشاعر

لا أدري لم علينا أن نُخبئ  ونختبئ وراء ما نشعر وما نريد، اعتدنا إخفاء دموعنا وكتم ضحكاتنا وبالتالي الخجل من رقصاتنا، ما أجمل أن يرقص الإنسان وحده أو مع من يحب أو لمن يحب. أيا كان إيقاع هذا الرقص فهو فن التناغم غير المتناهي. فنٌ تتحد فيه لغة الجسد والروح ليتحدثا فرحاً وحباً وانتشاءً.

أحببنا الرقص ولكننا اعتدنا أن نرقص خلف الأستار ودون الأنوار، وننهر كل من حاول نفض الغبار، بتنا نرقص سراً وخيفةً، بدت حركاتنا مختنقة بالأحكام، صرنا كالدمى الخشبية نتقيد بالخيوط في حركاتنا وأفكارنا وتعبيراتنا. حتى أنني الآن مضطرة أن أتقيد بعدد الكلمات والسطور لأعبر عما بداخلي، لذا فلا بديل عن الحركات غير المحدودة، دعونا نروي أرواحنا بالأنغام والألحان، ونمنح أجسادنا خفة الطيران، دعونا نتذوق الفن بسائر الحواس.

ومن هنا جاءت الدعوة لنثر أحلامنا ونشر أفراحنا وإطلاق العنان لخيالنا، فلنجب ونلبي ونرقص رقصة للحياة، ولنفخر برقصنا ورقصاتنا، ونعشق لين حركاتنا دون خوفٍ أو اختباء، فلنفتح الأبواب ونرفع الأستار ونزيل الحواجز ونضيئ الأنوار فتطرب الحواس وتسمو الأرواح في سماء الإبداع مولد الخلود.

بقلم: سلاف الصياد

 

أضف تعليقك هنا