الكوريغرافيا (حكاية جسد وروح)

بقلم: د. رنيم جوابرة

نشوء الكوريغرافيا

يعتبر الرقص تعبير فيزيائي يظهر سطوة الجسد وجماله وقوته، ويذكرنا بالراقصة الأمريكية مارثا غراهام خلال القرن الماضي حيث كانت تنقلب على الرقص الكلاسيكي بارتدادات حادة على المسرح، وكان ذلك في نظر الكثيرين أقرب للانقلاب على العادات والتقاليد والقيود التي تمنع الصلة التعبيرية بين الجسد والروح.

ولدت الكوريغرافيا في فجر البشرية، حتى في المجتمع البدائي، كانت هناك رقصات تصور عمليات العمل وتقيد إنتاج حركات الحيوانات والرقصات ذات الطبيعة السحرية. إن أغلبية الراقصين المعاصرين يستخدمون كلمة كوريغرافيا، فهي شكل أصلي من أشكال النشاط الإبداعي، تخضع لقوانين تطور ثقافة المجتمع، حيث إن الرقص فن، وأي فن يجب أن يعكس الحياة بشكل رمزي وفني، ومفهوم الكوريغرافيا أوسع بكثير فهي لا تشمل الرقصات بحد ذاتها أي “الباليه الكلاسيكي والفلكلوري واليومي”.

الكوريغرافيا “علم أصل الكلمة والتاريخ”

تعني كلمة الكوريغرافيا حرفي “كتابة الرقص”، وهي من الكلمات اليونانية ظهرت لأول مرة في قاموس اللغة الإنجليزية الأمريكية في الخمسينيات، وإستخدمت كلمة “مصمم الرقصات لأول مرة كرصيد لجورج بالانشين في عرض برودواي OnYour Toes، سنة 1936.

يعرف الكوريغراف بأنه فن تصميم الرقصات وهو مأخوذ من الكلمتين اليونانيتين (chorea)، والتي تعني رقصات الجوقة،و Graphia))، وتعني التدوين، ومع تطور الباليه تحولت الكوريغرافيا إلى    إختصاص مستقل،ففي القرن التاسع عشر،إستخدمت الكلمة لتمييز الرقص الذي يقدم على المسرح عن حلقات الرقص الذي يؤدي بها شكل عفوي ،ومع تداخل الفنون على المسرح شكلت الكوريغرافيا (تصميم الرقصات) مجالاً إبداعياً،فقد باتت العروض الراقصة تحمل طابعاً درامياً،وكما أن الحركة في المسرح أصبحت أقرب من الرقص.

يتشكل البعد الكوريغرافي للعرض المسرحي عبر العلامات الحركية، التي تنتج عن تنوعات شكل الأداء،وعن حركة الجسد على الخشبة ووضعه في الفضاء المسرحي وعن التجانس بين الكلام والحركة وهي عناصر إيقاع العرض.

إن الوضعيات في المسرح الراقص الكوريغرافي يعول عليها كثيراً في التصميم الحركي بهدف توظيف أجساد المجموعة المشاركة في الرقص،حيث تتشكل تلك الأجساد مزهرة عن إيقاع متنوع،فكل مؤدي له إيقاعه الجسدي  الخاص المختلف عن إيقاع زميله سواء كان ذلك الإيقاع نابعاً من الحس الشخصي للراقص أو بسبب بنية وهيئة جسد الراقص”الطول والمقاييس الجسدية وإختلافها من راقص لآخر وأيضاً الإيقاع الموسيقي.

تقنيات الكوريغرافيا:

حيث يتم تصميم الرقصات بواسطة طريقتين أساسيتين:

  • الارتجال: حيث يزود مصمم الرقصات الراقصين بالنتيجة (أي التوجهات المعممة)،تكون إرشادات للحركة المرتجلة والشكل.
  • تصميم الرقصات المخطط: يفرض مصمم الرقصات الحركة،والشكل بالتفصيل،مما يترك فرصة ضئيلة أو معدومة للراقصة لممارسة التفسير الشخصي.

إن الرقص المعاصر تعبير ذاتي عن الروح الكامنة عن الحرية، أن تجعل جسدك يتحدث بدلاً منك،و أن تخرج طاقتك المكبوتة دون خطوات معروفة ودون حساب قبل أن تعطي الفرصة أن تكون جزءاً من الطبيعة فهي ثائرة لا تقيد،حرة تعطي جمالاً فوضوياً جميلاً. (شاهد فيديو موقع مقال على اليوتيوب)

بقلم: د. رنيم جوابرة

 

أضف تعليقك هنا