نحن والملمات

اشتغالهم بالفكر الآخر الفكر الحر، أو الفكر الذي يخرج عادة عن مألوف الوسط المحيط سواء فردا أو جماعة من مجموع المجتمع ككل، وأكثر مايلفت نظري في الحقيقة، أن مجتمعنا صاحب ثقافة ظلت منعزلة تحت سقف العادات والتقاليد، ولم تستطع أن تمد جذورها خارج هذا السقف، أو أن تطل برأسها من نافذة جدارنها التى بنيت على أساسات جلبت من ماضيها.

ونحن لا نتنكر للماضي بل الحاضر وليد الماضي وهذه حقيقة – الكل يعرفها – فماضي الأمم هو مخزن المعارف ومختبر التجارب، وأحد المراصد الكاشفة لجميع ما حصلته هذه الأمم من علمائها ومفكريها الذين لهم الدراية، والعيون الفاحصة الثاقبة في جل أمورها ودقائق معارفها…

الأمة العربية (تاريخ مشرف و واقع مؤسف)

ونحن كأمة عربية تشترك في عدة أمور موحدة لها عرقا، ولغة، ودينا، وهذه مشتركات تجعل – غالبا- أي أمة تتمتع بقوة غالبة، ونفوذ واسع، وعلم نابع ورؤى هادفة.

ومما يؤسف لواقعنا… وماذكرناه آنفا فكل هذه العوامل والروابط المشتركة… أصبحت عكس ماقد يظنه أي قارئ وهو يقرأ بداية هذا المقال… فمن المضحك المبكي آنا.
ولو أن المتنقضان لا يجتمعان، ولكن في أمتي يجتمعون، وشر البلية مايضحك.
كل هذه العوامل لم تزد أمتنا العربية إلا تفرقا وتشتتا وتشرذما وتوغلا في جنباتها الاحقاد، وتلبسا بها المتنقضات والإرهاصات المروية.

توراث الأحفاد من الأجداد كل  الضغائن والأقاصيص عن آخرين مختلفين معنا معتقدا أو مذهبا أو دينا أو فكرا حرا لايعد الأخذ به إلا زيادة في مساحة الفكر الإنساني وتنويعا في طرق المنجهية الواسعة وجلب أفكاره الوضاءة في سماء المعارف المتجدده.
التى تلفظ دائما الموحلة في قوالب المعدة سلفا. بأطر محدودية المصادر واقتصارا على ما انتجه علماء الأمة نبعا جفت منه خزائنه الرافدة. وأصبحت آثارا بعدما أصبحت عيانا بالنسبة لذلك الجيل الذهبي.

واقع الأمة اليوم

أمة لم تستطع أن تنفذ من شرنقة الماضي، ولم تحاول الولوج في علوم الحاضر، وتنفض غبار الحاجب عن بصائرها وردم ردهات الأخطار المحيطة بها، فكلما بزغ نجم بعقل مفكر وضع بينه وبين متلقيه ساتر التلفيق والتهميش، ورميه بكل الأباطيل الماحقة، وكلما تراءى في الأفق صاحب قول حر صادعا بقوله، كاتبا بقلمه، صبت عليه بعد ردمه فيض من الشائعات المزلزلة لقوله والمجففة لقلمه، حتى أقفرت ساحتنا العربية وغيض الماء فيها وأبدل خضرة أشجارها يبسا، فمن عقولها قد هجرت ومن أقلامها برئت حتى تقلص حجمها.

القانون الذي يجب علينا أن نطبقه للنهوض بالأمة من جديد

قال تعالى (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) هذه الاية الكريمة وضعت قانونا مهما وقاعدة عريضة بأن الا نسلم الأمور تسليما تواكليا، أو انتظارا لنصر موعود، أو نازلة تزيل جهلا، مالم نأخذ بأسباب الفلاح وقواعد النجاح في سبيل التقدم والرقي الاخلاقي الحضاري، الذي تعاني منه أمتنا المصونة، التى تصدرت في يوم ما زمام الأمور، وقادت شعوب العالم، وازاحت عنهم ظلام الجهل، وانتشلتهم من قاع مجهول، وحضارتنا في الأندلس صك قائم، وبغدادنا التى كانت مصدر عزتنا ومنبع معارفنا، لا أكبر دليل على صدق استشهادنا.

 

أضف تعليقك هنا

أحمد سالم الغزواني

احمد سالم الغزواني
مهتم بالفلسفة وعلم الاجتماع
ادعو الى تحرير الفكر من الموروث والاستقلالية الفكرية.