خوارزمية الإلحاد

تستطيع أن تقول بأن هذه المقال لا تمثل شيء ، هي بالمختصر عبارة عن جزئين ، الجزء الأول هو سرقة فكرية و الجزء الثاني مجرد تساؤل ، و هكذا نستطيع وصفها ببساطة بأنها لا شيء .

أصل الوجود البشري

من حيث المسروقات فإن هذا الجزء سوف ينقلنا مباشرةً إلى فيديو على موقع YouTube نشرته ” قناة فكر التنوير ” في ٣٠ أذار لعام ٢٠١8 ، بعنوان ” حوار حول وجود الله بين الباحث أحمد سامي و الفيزيائي حسن البدري ” .

و موضوع الحوار هو حقاً كما ذكر في بدايته أحمد سامي بأنه ” أكثر الموضوعات دسامة على طاولات الفلسفة و حتى طاولات البشرية منذ بدء الخليقة ( ويقصد منذ بدء الوجود البشري على الأرض ) ” و هو أيضا تماماً كما أقتبس حسن البدري عن عالم الفيزياء ميتشو كاكو ( Michio Kaku ) حيث يقول ” أنا لست مع هذه الضفة و لست مع هذه الضفة و بعد قرنان و ثلاثة قرون سيكون نفس الضفتان موجودتان و يتحاورون ” أي أنه سيبقى هنالك ضفتان متعارضتان على طول الوجود البشري .

أما من حيث الحوار فإنه في غاية الروعة و يرجع ذلك كون المتحاورين استطاعوا وضع النقاط على الحروف منذ اللحظة الأولى للحوار إلى نهايته ، عن طريق صياغة ركائز أساسية و مسلمات لا يمكن الخروج عنها و هي تندرج تحت هذين العنوانين :

• لا يوجد إنسان يمتلك الحقيقة و أياً من كان يدعي أمتلاكه للحقيقة فهو مجرد أدعاء لا دليل على صحته قطعاً .

• ليس هنالك من يمتلك دليل قاطع ١٠٠٪؜ أو برهان أو حجة على وجود إله “أو” نفيه أياً كان ، مما سيؤدي إلى بقاء نسبة من الشك مهما زادت قيمتها أو نقصت .

و بالتالي تحول الحوار من

” دليل أو أدلة على وجود إله أو عدم وجوده “ إلى ” مرجحات أو مؤشرات وجود إله ” .

بالنسبة لي هذا كل ما أود إضافته عن الجزء الأول – المسروقات – و بالتأكيد من أراد الإطلاع على هذه الرحلة الفكرية و العلمية و

الفلسفية الممتعة كاملة فهي متوافرة بين يدي الجميع ، أما من يُخيل له أن الجزء الثاني – التساؤل – هو عبارة عن سطر واحد و أنني قد شارفت على الإنتهاء فقد أخطأ كثيراً ، ففي مواضع كهذه كما وُصف سابقاً ( أدسم مادة تشغل طاولات الفكر البشري ) من الصعب جداً أن تطرح سؤال واحد فقط ، و تكتفي ، مهما بلغت درجة صياغته و دقتها و شموليتها ، و حتى إن أمكن فإن هذا التساؤل سيكون عبارة عن تركيبة معقدة تتطلب منا البحث الجاد و العميق و الطويل أي تتطلب جهد عالي للتشكيل .

في ما يدور حولنا من جدل عن كون ” وجود إله أو عدمه ” ستلاحظ وجود طرفين كما وصف ميتشيو كاكو ، أو ضفتين ، طرف يقول بوجود إله و طرف ملحد بهذه الفكرة ، أي عدم وجود إله ، بغض النظر عن تشعب و أفكار كلا الفريقين ، و هنا يكمن سؤالي : إذا كان الفريق الأول يفترض وجود شيء ( يسميه البعض إله أو خالق ) و يتجه بإتجاه إظهار أدلته ، فكيف يستطيع الطرف الأخر – الملحد بوجود هذا الشيء – كيف يستطيع أن يقول بعدم وجود شيء ، ثم يحاول إثبات عدم الوجود هذا ؟ بعبارة أخرة : كيف يستطيع أن يقول الملحد بداخله و بكامل وعيه و قدرته العقلية أنه ليس هنالك شيء ( خالق أو مصمم أو ضابط لهذا الكون ) ثم يتجه للبحث و التأمل و الدراسة لنفي هذا الغير موجود ؟

معضلة NULL

الحديث عن NULL سيخفف من شعور السخط على التساؤل السابق ، كوني أعلم مسبقاً بأن كثيرين سيصفوه بالتساؤل الغبي

معنى كلمة NULL بالغة العربية هو ( لا شيء ) أو مثلاً ( عديم الوجود ) ، و إذا أردت أن تُغرق في معناها ستجد وصف مثلاً  something

that has no force or meaning أي شيء ليس له قوة أو معنى ، أو zero quantity of expression أي صفر كمية من التعبيرات أو

nothing لا شيء ، أو empty value أو A non-existent بمعنى قيمة فارغة أو غير موجود .

و حتى الأشخاص الذين قد يكونون أكثر أستخداماً لها و هم المبرمجين أو المطورين ، كونها متوافرة الأستخدام في لغات البرمجة

سيتحدثون عن NULL في نفس الإطار و بإمكاننا أن نسأل لنتأكد ، و حتى إن بحثت عنها برمجياً قد تجد مثلاً معنى في لغة برمجة كـ

SQL أنها a special marker and keyword in SQL indicating that something has no value أي علامة خاصة و كلمة مفتاحية تشير إلى شيء ما ليس له قيمة . أو قد تصادف شيء طريف مثلاً كفريق iPhone Dev و هو مجموعة من المهندسين الذين يعملون على أنظمة تشغيل iPhone أو كما هو معروف ( iOS ) و كونهم لا يقبلون التبرعات من أي جهة ، ستجدهم يستخدمون العبارة التالية “send

donation to /dev/null” أي أن التبرعات ليست في قاموسهم ( أرسل التبرعات إلى ملف الجهاز الذي يتجاهل جميع البيانات المكتوبةعليه ) .

فمعنى NULL يقود إلى اتجاه واحد تقريبا إن لم أخطىء على أختلاف استخدامها ، يقود إلى عديم الوجود أو اللا شيء ، و لا أعلم إن جاز لي أن أصفها بالعدم ، و هنا سأعاود طرح تساؤلي : كيف يعتقد الملحد أنه لا يوجد شيء ثم يحاول نفيه ؟ و أنا لا أقصد التسفيه أو التقليل أبداً و لكن أقصد ، كيف يستطيع عقلياً أو دماغياً أو فكرياً أن يرتب أحداث و يسلسلها أو أن يستخدم أي منهج علمي أو فلسفي أو غيرها في المحاولة إلى الوصول إلى لا شيء ؟

خوارزمية NULL

في إحدى لغات البرمجة PHP يوجد مشغلان متعاكسان هما increment operator ( مشغل التزايد و وظيفته زيادة المتغير برتبة واحدة ) و decrement operator ( مشغل التناقص و وظيفته نقصان المتغير برتبة واحدة ) و لتبسيط عملهما مثلاً يُستخدم مشغل التناقص إذا كان موقعك مثلا يحوي منتجات و نقص منها منتج على سبيل المثال و هكذا ، و هما كمشغلان لا يؤثران على على جميع أنواع البيانات في اللغة ، فليس لهما تأثير على المصفوفات أو غيرها ولكن الملفت للنظر بأنهما يتعاملان مع NULL بطريقة ملفتة ، حيث أن مشغل التزايد ( increment operator ) يؤثر على NULL.

في حين أن مشغل التناقص ( decrement operator ) لا يستطيع التأثير على NULL ، بعبارة أخرى إذا استخدمت NULL مع مشغل التزايد فإنك تستطيع أن تعين لها قيمة و تبدأ بالزيادة على هذا القيمة أو أن تقول بأن لها قيمة و تنطلق في الزيادة عليها ، في حين أنك لا تستطيع أن تنقص من قيمة NULL باستخدام مشغل التناقص ، كونها عديمة القيمة إلى الآن.

و هذا ما يقودني إلى إسقاط هذا المثال على ضفتي الجدل ، حيث أني سأعتبر أن مشغل التزايد هي الضفة التي تدعي وجود إله ( أو شيء بادئ ) و مشغل التناقص هي الضفة تدعي عدم الوجود هذا ، و بذلك تبعاً للغة البرمجة PHP بإمكان الفريق الأول ( مدعين وجود الإله ) أن تعين قيمة لأدعائها ثم تشرع في محاولة الاستدلال على هذا الإدعاء ، في حين لا يمكن للفريق الثاني ( مدعين عدم وجود الإله ) أن يحاول نفي الشيء عديم الوجود .

منطقية معضلة NULL

المنطق يقول بأن ( الداعي بالشيء عليه إثباته ) و بالتالي مدعي وجود إله هو من يتوجب عليه هذا الإثبات ، و وفقاً لهذا لا يتوجب على عديم الإدعاء إثبات شيء ، و لكن هل يتيح له أو يبرر له الخوض في سياق نفي شيء يقول بأنه غير موجود ؟ إلى الآن لا أعلم منطقية طرح هذه المسألة و أيضاً من حيث القدرة المعرفية أنا أقل من أخوض في علم كعلم المنطق logic و لكن لماذا يبدو الأمر كذلك في هذه النقطة ؟ لماذا يبدو المنطق هكذا ؟

من الجانب الإيجابي يكون المنطق منطقي ( مدعي الشيء عليه إثباته ) و من الجانب السلبي يبدو المنطق لا منطقي ( نفي اللا شيء ) أو our of logic zone ( خارج منطقة المنطق أو خارج إطار المنطق ) إذا جاز التعبير في محاولة للابتعاد عن الخطأ ، و أنا أعلم في الوقت نفسه أن حوار ” عدم المدعين بوجود شيء ” هو فقط رد على إدعاء الطرف الأخر و محاولة إثبات بطلانه و لكنه لا يتوقف عن ظهوره بهذا الشكل ، كأن يقول لك أحدهم :

– خذ هذا الكتاب بمئتي صفحة أو خذ هذا الفيديو ذو الساعتان و سترى فيه أو تقرأ عن مؤشرات أو مرجحات ” نفي اللا شيء ”

– عفواً ؟!!!

فيديو مقال خوارزمية الإلحاد

أضف تعليقك هنا