“الشعــــب هو القـــــوة العظمــى” #مصر

وضع مصر السياسي

أترقب الآن في خوفٍ ووجلٍ ما يدور في المطبخ السياسي المصري، من اعتداءٍ سافرٍ على الدستور والمبادئ، وهضمٍ لحقٍ بلدٍ كانت تطمح إلى الحرية والديموقراطية، إلى بلدٍ كانت تبحث عن النور في زمن الظلمة، وإلى اللحاق بركب الدول المتقدمة، إلى رجالٍ وثق فيهم الشعب وانتخبهم كممثلين له أمناءَ على مصالحه ومراعين لحاجاته ومتطلباته.

لكنهم خانوا الأمانة التي أُوكلت إليهم وخالفوا العهد الذي قطعوه، وعلى جانبٍ آخرٍ ألمحُ في حزنٍ شديدٍ شعباً مستسلماً لما يُفعل به، شعباً ملتزماً للصمت، متخوفاً من الصوت، لا تسمع له همساً ولا صوتاً، متعللاً بأنه فاقد الإرادة وأنه لا يملك الإدارة، وأنه ليس له من الأمر شيء، شعباً يجلس كفريسةٍ تنتظرُ هجوماً يفتك بها ويودي بحياتها، حجتهم الخوف الخوف. الخوفَ من الاعتقال.. الخوف على الأهل..على النفس…من السجن..من الظلم…من العنف.

مبرراتٌ كثيرةٌ ييبرر بها الشعب المصري صمته وتخاذله على مر السنين، وصنعه للألهة ونصرته للظالمين بتخاذله وعدم رده للظلم منذ أيام الفراعنة وحتى الآن، وصدق الله العظيم إذ قال عن سبب تجبر فرعون: “فاستخف قومه فأطاعوه”. ليحكي لنا القرآن الكريم عن صمت المصريين ومدى قدرتهم على تحمل الظلم والقهر ورضاهم به للأسف الشديد وأنه السبب الرئيسي في تجبر فرعون وادعائه الألوهية من شدة تحملهم للذل والظلم والقهر وطاعتهم لأوامره أياً كانت.

الشعبُ المصري هو من بيده القوة

فلتعلم أنك وحدك القوةُ العظمى في البلاد، أنت وحدك سيدُ قرارك لكن ذلك مشروطٌ بإرادتك وتمسكك بذلك وعدم السماح لأيٍّ من كان بالاعتداء على حقوقك، أنت وحدك القوةُ الوحيدةُ التي لا يستطيع أحدٌّ تجاوزها أو الوقوف في وجهها، وإنني لأعجب أشد العجب ممن يخاف من بطش رجال الشرطة أو القوات المسلحة أو الفاسدين في البلد وغيرهم ويعتقد أنه مشلول الحركة ومغلوبٌ على أمره،

فليعلم كُلُّ شخصٍ أن كل هؤلاء يستمدون قوتهم من الشعب نفسه وأن احترام الشعب لهم ليس خوفاً ولا رُعباً بل هو حرصٌ من الشعب نفسه على أمن البلاد وإيمانٌ منه بتوزيع الأدوار على أفراد الشعب وتعاونٌ منه لتسيير مصالح البلاد والعباد، وإن كان الجيش المصري يحمي الدولة وحدودها، فالحقيقة أن الشعب المصري هو من يحمي الجيش المصري ولديه استعداد للتضحية بروحه للدفاع عنه، وإن كانت الشرطة هي من تحمي الدولة من الداخل فالحقيقة أن الشعب هو من يحمي الشرطة نفسها

ويحرص على أن تتمثل فيها هيبةُ الدولة حفاظاً على أمن الوطن والمواطن، فبدون تعاون الشعب وامتثاله للقوانين ورغبته في استقرار الدولة ما كان للشرطة أن تسيطر على أحد، ولعل هذه حقيقة ربما تكون غائبةً عن كثيرٍ من الناس، ولنسأل أنفسنا كم عدد وعتاد الجيش والشرطة؟ مليون شخص؟! مليونان؟! أي أقل من 2% من تعداد السكان. فهل تعتقدون أن 2 يستطيعون التغلب على 105؟!!

ولست أدعو بذلك إلى التمرد على الجيش أو الشرطة،

بل أود من الجميع –حكاماً ومحكومين، جيشاً وشرطةً وشعباً- أن يعرف أن مصر ليست حكراً لأحد أو على أحد، وأننا جميعاً شركاء في هذا الوطن، كُلٌّ منا يحب مصر ومستعدٌّ للدفاع عنها حتى آخر نفس، وليس الجندي فقط هو من يقف على الحدود أو من يحمل السلاح أو من يسهر في قسم الشرطة، بل كُلُّ فردٍ في الدولة يقوم بعمله بجدٍّ وإخلاصٍ هو جندي ومقاتل ومؤدي لواجبه الوطني.

نعم كُلُّنا جنودٌ حُماةٌ محبون لهذا الوطن، ولكن أدوارنا مختلفة وثكناتنا مختلفة، فالمدرس جٌنديٌّ وحامي للوطن بأدائه لعمله بإخلاص، والطبيبُ جُنديٌّ حامي للوطن وخادم له بمعالجته لمرضاه بضمير، والفلاح جُنديٌّ بزراعة الأرض وتوفير القوت لبقية الشعب والسباك جُنديُّ وخادم للوطن حين يقوم بعمله بإخلاص بل والطالب جنديٌّ وخادمٌ للوطن حين يقوم بهتم بدراسته ويتميز فيها ويشرّف نفسه وأهله ووطنه ويساهم في تطويره ورفع اسمه عالياً،، إن الشعبَ جميعه جنودٌ وحماةٌ للوطن، ويكفي كلَّ فردٍ فيه أن يؤدي ما عليه، فقط أن يؤدي عمله بإتقان، فليعلم كُلُّ فردٍ في هذا الوطن دوره وليقم به أولاً، ولا يسمح لأحدٍ أياً كان بأن يهضم حقه، فكُلُّنا سواء، وكلنا سواسيةٌ ومتساوون في الحقوق والواجبات.

موجة الفساد في مصر

والآن وبالنسبة لما يسود البلاد من موجةٍ فاسدة من الدعوات لتغيير الدستور بزيادة فترة الرئاسة للتجديد خصيصاً للرئيس الحالي، فإنني كمواطنٍ مصريٍّ مُخلصٍ لمصر أرفضُ تماماً بكل الأشكال هذه الدعوات الفاسدة وأحذر الفاسدين من ثورةٍ عارمةٍ جديدةٍ ستضرب البلاد إن استمر الوضع وتم تمرير التعديلات، ولكن هذه المرة ستكون ثورةً مُنظمةً وليست كسابقتها.

وستكون بركاناً ثائراً يحرق ويدمر كل من يعتدي على مصر وحقوق شعبها وحلمه، وستكون فيضاناً يغرق فيه ظالمٍ وخائنٍ بلا فرصةٍ للنجاة، وربما سينجو ببدنه ليكون لمن خلفه آية، وليس الأمر متعلقاً بالرئيس الحالي، وهل هو جيدٌ أم سيء، فليحتفظ كلُّ شخصٍ برأيه لنفسه فليس هذا موضوعنا، وفي كل الأحوال فقد أخذ فرصته كاملةً بالحكم على مدار دورتين بخيره وشره، بل الخطرُ الكبير والفسادُ العظيم والنكبة التي لا مثيل لها هي هدم الدستور والانهيار التام لنا والعودة آلاف الخطوات للوراء إن تم ذلك.

نداء الى أهل مصر

فوقوا من غفلتكم ولا تسمحوا لأحدٍ بأن يسرق أحلامكم أكثر من ذلك، ويا شباب مصر الواعدين الحالمين المتطلعين إلى الحرية، المتعطشين إلى ممارسة الديموقراطية، المحبين لمصر والراغبين في رفع اسمها عالياً، كُلِّي أملٌ فيكم بأن تُغَيِّرُوا ما ورَّثَتنا إياه الأجيال الماضية من تخاذلٍ وصمت.

كُلِّي أملٌّ فيكم بأن نتكاتف سوياً للحفاظ على بلدنا مصر وأن نحميها مما يحيط بها من شرور، فما يحدثُ الآن خطرٌ كبير لابد وأن تُدركوا حجمه، ونكسةٌ كبيرةٌ لابد أن تعلموا خطرها، وإياكم أن تخذلوا مصر مُجدداً كما فعل أسلافنا، إياكم أن تُعيدوا الكرَّة، ولتتعلموا مما مضى، ولتستعدوا لما هو آت ولتواجهوه بقوة وحكمة وحسن تصرف، ولتنزعوا حقوقكم وتحصلوا عليها ولو من فك الأسد –وإذا كنتم مؤمنين بأن العمر واحد والرب واحد فلِمَ الخوف؟!!!- لا تتخلوا عن أحلامكم وتطلعاتكم ولتقفوا في وجه أي طغيانٍ وظلم، فمصر بكم ولكم وأمانةٌ في رقابنا جميعاً.

اللهم بلغت اللهم فاشهد

فيديو مقال “الشعــــب هو القـــــوة العظمــى” #مصر

أضف تعليقك هنا