ظاهرة الثقب الأسود

الثقب الاسود هو إحدى الظواهر الكونيه التي اخذت حيزاً مقدراً من اهتمام الفلكيين وعلماء الفيزياء  الرياضيات، فمنذ بدايه القرن العشرين ومع ظهور نظريه الكم “واهتمامها بالاشياء المتناهيه في الصغر”  والنسبيه بشقيها الخاصه والعامه “واهتمامها بكل ما هو متناه في الكبر ” تضمنت النظريه وجود الثقوب السوداء ولكن قبل هذا التاريخ عبر كل من الانجليزي جون ميشيل 1783 والفرنسي بيير لابلاس 1798 منفصلين عن بعضهما عن الثقوب السوداء .

لقد كان للعالم جون ويلر 1968 الفضل في اطلاق عباره الثقب الاسود على هذه الظاهره ولفهم ظاهره الثقب الاسود سوف نستعرض قانون نيوتن للجذب في ابسط صوره له كمدخل لذلك  ، حيث ان” الأجسام تؤثر على بعضها بقوه جذب تتناسب مع كتلتيهما وعكسيا مع مربع المسافه الفاصله بينهما ” وبهذا كلما تعاظمت كتله الشئ كلما ذادت قوه الجذب له ، فعندما نرمي شيئا بقوه الزراع  فانه ياخذ شكلا اهليجيا ثم يعود مره اخرى الي الارض ، ولكن كيف يمكننا ان نطلق شيئا من سطح الارض ويتحرر من جاذبيتها وينطلق نحو الفضاء  ؟

هنا تظهر سرعه التحرر ، حيث تعبر عن اقل سرعه يطلق بها جسم ما ليتحرر من جاذبيه جسم اخر ، وكما قلنا من قبل ، كلما تعاظمت الكتله للكوكب كلما زادت قوه جاذبيته ، وعلى سبيل المثال سرعه التحرر على كوكب الارض هي 2.11 كلم/الثانيه ، وعلى سطح الشمس -وهي بالطبع اكبر كتله بمرات كثيره – هي 618كلم/الثانيه ، ولكن ما علاقه كل هذا بالثقب الاسود !

لنطرح سؤالاً، ماذا لوكان هنالك جسم له كتله هائله بحيث ان سرعه التحرر على سطحه هي اكبر من سرعه الضوء ؟

نعم ، الثقوب السوداء لها كتله هائله جدا تساوي اكثر من خمسه وعشرون مره كتله الشمس وهذه الكتله مضغوطه في حيز صغير نسبيا بحيث تكون الكثافه هائله جدا تصل الي  طن لكل سنتميتر مكعب .

اذا الثقب الاسود يجزب الضوء اليه ولا يستطيع الفكاك منه ، وبهذا لا يصلنا منه اي ضوء ولا نستطيع رؤيته بالطرق التقليديه وبذلك يظهر فراغ اسود مكانه .

الثقوب السوداء في عصر التكنولوجيا

لقد دأب العلماء في عصر التكنولوجيا والاتصالات لتصوير الثقوب السوداء وإعطاء عموم الناس والعلماء على حد سواء صوره عنها ولكن كما قلنا من قبل ، لا يستطيع شئ ان يخرج من جاذبيتها الهائلة حتى الضوء والموجات الكهرومغناطيسية وبذلك يصعب تصويرها .

تتكون الثقوب السوداء من منطقه الفراده وهي حيز له كثافه عاليه جدا ، وتمثل الفراده لب الثقب الاسود ، فاذا اقتربنا من الثقب الاسود الي منطقه أفق الاحداث وهي حد وهمي يفصل بين الثقب الاسود وخارجه حيث بتخطينا حاجز افق الاحداث والعقبه الحرجه او ما يسمى بشعاع شوارزشيلد لا سبيل للتواصل مع الخارج لان لا شئ يستطيع ان يقاوم جاذبيه الثقب الاسود ، حتى اشارات الاتصالات .

الثقوب السوداء اصبحت ظاهره مُسلّم بها لدى علماء الفيزياء والرياضيات والفلك وغيرهم ، ولكن ماذا عن النجوم السوداء؟

يزكر كتاب “ما الثقوب السوداء ” لكاتبه باسكال بوردي عن هذه الحقيقه  ، فنظريه نيوتن للجذب تتفق مع النظريه العامه اختلافا يكاد يجزم المرء انهما يتفقان كذلك حيال الثقوب السوداء ولكن الحقيقه هي ان نظريه نيوتن لا تتنبأ بالانهيار الحتمي للنجم الاسود على عكس النسبيه ، وبذلك نقول ان النجوم السوداء لا وجود لها وانما هي كلها في الاصل ثقوب سوداء ، وان النجوم السوداء هي مجرد تطبيق لنظريه خارج حدودها .

الثقب الاسود ظاهره تتخطى تصور عقولنا للمقادير والمقاييس ، لكي نتصورها فلنترك خلفنا المقاييس الارضيه التي  نعهدها ونتصور الكون بابعاده الاربعه  ، فالزمان والمكان “الزمكان” متصلين دائما ولا يمكن تصور احدهما بدون الاخر .

عدم رؤية الثقوب بالعين المجردة

رغم صعوبه واستحاله تصوير الثقوب السوداء بالمفهوم التقليدي الا انه تم مؤخرا تصوير ثقب اسود وذلك عن طريق مراقبه الماده من حوله ، فالثقب الاسود قبل ان يقوم بالتهام ما يقع بالقرب من نطاق جاذبيته يقوم بالتاثير عليها ، وعليه تمكن العلماء من تصويره بتصوير ذلك التاثير .

في علم الكون لازال صنع الله يبهرنا يوم بعد يوم ،  فعلمنا هو بقعه ضوء صغيره وسط ظلمه لامتناهيه في الكبر وكلما كبرت هذه البقعه من الضوء زاد احتكاكنا  بالمجهول اكثر فاكثر .

(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ) الاسراء 85.

فيديو مقال الثقوب السوداء