التَّربية التَّقليدية الموروثة التي يتبعها الآباء والمربون لأبنائهم مبنية على التصور الذهني القائم على إعطاء الأوامر فقط، وتحديد ما هو صواب وما هو خطأ، وما يجبُ وما لا يجبُ فعلهُ من وجهة نظر شخصية متأثرة بالمجتمع والسَّائد القائمة على الخوف من الإتهام بالتقصير، أو الإهمال أو من عصيان الابن للأب وانحرافه عن عادات وتقاليد المُجتمع.

عواقب التربية التقليدية للأطفال

يؤدي ذلكَ إلى كبت وحبس تدفق فطرة الطفل، وإبداعه، مما يجعلنا نظن أن الطفل عاجز عن التَّصرف ولا ندري أننا نحنُ من نصنع الجدران حول عالمه وتكوينه في تكويننا المتناسب مع أعمارنا، ونكونُ بذلك حققنا توقعاتنا السلبية عنهم.

جهلنا كآباء أو معلمين أو قادة في طبيعة التدرج والنمو لدي الإنسان يجعلنا نحكم عليه بناءً على ما يناسب عمرنا وتطورنا الفكري وخبراتنا، لا على ما تقتضيه المرحلة التي يمر بها الطفل من حب للتجربة التي تتطلب الوقوع بالكثير من الأخطاء، والاكتشاف الذي وقوده الدهشة والفضول الفطري، نحنُ بتلكَ التَّربية الخاطئة والتي قد تكون من نوايا طيبة غالبًا، تجعلنا نفهم ونفسر عملية الاكتشاف بأنها مُشاغبة وسوء خلق.

عندما نُغير تصورنا الذهني من مفهوم الطفل المُشاغب إلى الطفل المُكتشف الذي يريد أن يجرب بنفسه كل شيء حوله. نكونُ بذلك قد غيرنا من نظرتنا لمفهوم التَّربية، من تدجين وبرمجة إلى رعاية وإلهام.

لماذا نعتمد في تربيتنا للطفل على التربية بالقدوة؟

من المهم أن نعتمد في تربيتنا للطفل في سنواته الأولى على التربية بالقدوة، لأن الطفل في هذه المرحلة يتعلم بالتقليد أكثر من التلقين وتنفيذ الأوامر وكبح جماح فطرته المتدفقة من هندسة الكون، فبدلاً من إعطاء الطفل أمر بالمحافظة على نظافة غرفتهِ مثلاً، ابدأ بذلكَ أنت في غرفتك، وبدلا من أن تُجبر ابنك على مذاكرة دروسهِ، ابدأ بقراءة الكُتب أنت وبنية صادقة لنفسكَ أولاً، فأنت تكون بذلكَ قد كسبت رفع وعيكَ وثقافتك وبالتزامن مع ذلكَ تكون قد قمت بتربية ابنك بطريقة غير مباشرة. ينطبق ذلكَ على مستويات عدة في التعليم والمؤسسات أيضًا.

نحنُ للأسف نربي أبناءنا لكي يقبلهم المجتمع، لا أن يقبلوا أنفسهم. ويكونوا أداة تغيير وتأثير في هذا المجتمع.

مقالات متعلقة بالموضوع

فكيف لإنسان يتم استنساخه ليُشبه الآخرين أن يُغير حالهم ويلهمهم للأفضل! وهذا يُفسر السكون والجمود الفكري الموجود في مُجتمعاتنا، علينا أن نؤمن بمصدر الطاقة الكامنة لديهم وهي الفطرة، لنحرر أطفالنا من قوالبنا الجاهزة، وندعهم يُشكلون قالبهم الخاص على أساس القدوة الحسنة التي نتركها فيهم. التربية الذَّاتية هي مفتاح كل تغيير وتطوير.

فيديو مقال مُشاغبونَ أم مكتشفون؟

أضف تعليقك هنا
شارك

Recent Posts

مشاركة تلاميذ ثانوية المتنبي التأهيلية بإقليم آسفي في مباراة الصحفيين الشباب من أجل البيئة دورة 2024

بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد

% واحد منذ

أفكار أعمال صغيرة مربحة جداً وغير مكلفة

بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد

% واحد منذ

على من نطلق الرصاص؟

بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الكوارث تبرز أفضل وأسوأ ما في الناس

بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد

% واحد منذ

فن الشاطئ.. رؤية فنية بحس جمالي فني سياحي لمدينة أصيلة الشويخ عبدالسلام

بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

نقاء الروح

بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد

% واحد منذ