جهاد شعب فلسطين

 بقلم: حنان عثمان طباسي الأغا

كي لا ننسى جهاد شعب فلسطين

الى ذكرى كل شهيد من شهداء أمتنا في تاريخها الطويل وفى كل قطر من اقطارها.

الى كل مهاجر ذاق مرارة الهجرة وضيق الاغتراب

الى كل مخلص شعر بمر النكبة وضرورة الإعداد

اليهم جميها اهدى هذه الكلمات

مقدمة

ها هي السنون تمضي ….وها هو حلم يكبر ويتجسد وها هي الثورة الفلسطينية تملاء سمع العالم وبصره، الناجون القلة الذين عاشوا حكاية الوطن المسلوب يرون لنا ما كان هناك على ارض فلسطين المحتلة.

لم تشغل العرب قضية في العصر الحديث كما شغلتهم قضية فلسطين ولم تتجمع أقدار أمة في قطر من اقطارها كما تجمعت أقدار العرب في فلسطين كما لم تتحدد مصائر أمة في جزء منها كما تحددت مصائر العرب في فلسطين فقد صارت أجيالا منا  نحن العرب أجيالا فلسطينية….

إن الصهاينة الذين روجوا مقولة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض لتبرير اغتصابهم لفلسطين، ينكرون على الدوام وجود الشعب الفلسطيني وحضارته وتاريخه وينفون من كل تاريخ مكتوب لديهم الحقائق التي تثبت وجود الشعب الفلسطيني والتي تؤكد أن فلسطين كانت مهدا لحضارة عريقة ونشاط إنساني خلاق طوال تاريخها العربي الإسلامي وقبله، فهي مهد المسيح- علية السلام – ومسرى النبي محمد صل الله علية وسلم.

مع بداية القرن العشرين بدأت المؤامرات والمعارك وزخر القرن بالأحداث : المؤتمر الصهيوني ، اتفاقية سايكس- بيكو، وعد بلفور، ثورة 1936، إعلان الكيان الصهيوني وحرب العرب الأولى ثم الثانية ، ومن بعدها بعث الثورة الفلسطينية على يد (فتح)، وحرب حزيران الحزينة ، ثم الكرامه ، وبعدها أيلول الحزين أيضاً وغياب عبد الناصر ، وتمر عشريات القرن ونقترب من نهايته مع حصار بيروت ، وصبرا وشاتيلا وحمام الشط ، ومظاهرات بيرزيت ، وأطروحات المؤتمر الدولي، وعلى مدى سنين القرن بل وعلى مدى أسابيعه الخمسة ألاف يمتد نضال العرب وجهاد شعب فلسطين حتى ليمكننا أن نسمي كل أسبوع فيه باسم شهيد ، وأن نزين كل العرب منه بصورة مجاهد عربي كانت فلسطين وعروبتها غايته وهدف جهاده.

يقولون أن الإنسان كلما تقدمت به سنه الى الأمام تراجعت به ذاكرته الى الوراء حتى ليكاد يدرك الصور التر عاش فيها إبان صباه بل إبان شبابه، ولست أراني الى من يؤكد لى صحة هذه المقالة وذلك لان بين يدى صورة بطولية لجهاد شهب فلسطين كيف قاوم مؤامرة القوتين الغربية الشاذة وكيف بذل الأرواح على مر التاريخ فلا تكاد تهدأ له ثورة حتى يبدأ ثورة جديدة وكيف كان محتاجا لعون اخوانه الذين منعهم عنه جور الاستعمار ومشاكله فبقى وحيداً في معركته المره عشرات السنين فقضية فلسطين وجهاد شعبها تاريخ قضية المصير العربي  في جميع المراحل.

إن الذين يغضون أبصارهم عن جريمة الإنجليز في إقامة دولة إسرائيل وتشريد العرب هم من ذوي النظر القصير أو الفكر التافه أو الوطنية المريضة , لأن هذه الجريمة واضحة فهي لا تخفى على دراس يبتغى الطريق الى الحق ليقيم مشاعره واحاسيسه على أسس صحيحة لا يرقى إليها الوهم ولا ينفع معها الخداع.

أن الاستعمار البريطاني له غايتان كبيرتان في دنيا العروبة والإسلام وقد ظفر بالغاية الأولى على أتم وجه وبقيت الغاية الثانية وإذا كان تحقيق الغاية الأولى نذيراً بتحقيق الغاية الثانية فقد اصبحت دولة إسرائيل عصية جداً على العالم العربي جميعه.

فأما غاية الاستعمار فهي القضاء على الخلافة الإسلامية قضاء تتفرق به كلمة المسلمين وتتشعب وحدتهم ويملأ اليأس نفوسهم حتى تخلو للنفوذ البريطاني دنيا العروبة والإسلام.

لقد سلك الاستعمار البريطاني في تقويض الخلافة الإسلامية وقتل ثقة المسلمين بعضهم البعض والذى ساهم في ذلك الكثير من زعماء الفكر بنية سيئة غاية في السوء.

وأما الغاية الأخرى فهي أن تقوم لليهود دولة في منطقة الشرق الأوسط وأن قيام دولة لليهود في منطقة الشرق الأوسط لأمر تنشده السياسة البريطانية كما تنشده المطامع اليهودية على قدر سواء.

فقد كان البريطانيون يرون قناه السويس دائما سبيل حياة دولتهم العظيمة فقد كانت طريقاً للهند واستراليا ونيوزيلنده وكانوا دائما يرون أن مصر اذا قويت و اتحدت مع أخواتها العربيات اتحاداً قائماً على أساس قوى سليم فإن من الممكن أن يكون لها موقف زعامي عظيم تهدد به نفوذ بريطانيا وحياة السياسة الاستعمارية البريطانية في كل مكان .

ومن اجل ذلك أعانت وحرضت وظاهرت قيام دولة إسرائيل فى منطقة الشرق الأوسط لتكون ملجأ لها و مفزعا تفزع اليه لتقلم أظافير القوه المصرية حين تصبح خطراً على الاستعمار والمستعمرين

العرب أسبق وجوداً وكياناً في فلسطين من اليهود

هل لليهود علاقة بفلسطين؟ هل لهم واقع تاريخي يسمح لهم بأن يطالبوا بها؟ هل يحتفظ لهم التاريخ ذكرى تسبق ذكرى العرب وتاريخهم، أو تستطيع أن تزحزح من واقع العرب في فلسطين؟

“لنبدأ الموضوع من حيث واصلة الإنجليز عام 1917”

فلسطين جزء صغير من بلاد الشام (سوريا، ولبنان ،الأردن، فلسطين) ولقد عرفت دائما على تعاقب التاريخ بأنها القسم الجنوبي من تلك البلاد، هكذا المؤرخون العرب، وهكذا تحدث عنها هيرودوت المؤرخ اليوناني منذ قديم الزمان، وبنفس هذا الاسم وردت لدى مؤرخي الحروب الصليبية.

فلسطين هي الجزء الجنوبي من بلاد الشام تخضع لسلطان الخلافة العثمانية ويسكنها حوالى 750ألف منهم نحو 55ألف يهودي بواقع لا يتجاوز7% من مجموع السكان العرب.

كان التاريخ يدرس في حواضر العالم بالشرق وبالغرب أن بيت المقدس الإسلامي وكنيسة القيامة المسيحية ومولد المسيح علية السلام توجد كلها في جنوبي الشام (فلسطين)، وأن هذا القسم مر بأدوار تاريخيو واضحة تبدأ منذ أن عرف بأرض كنعان عام 2005ق.م وأن هؤلاء الكنعانيين العرب استمروا سادة البلاد، يحكمونها ويعمرونها ألفا وخمسمائة سنة سميت باسمهم حين تحدثت ثوارة اليهود عن عبورهم نهر الأردن واستقرارهم جنوبي القدس بأرض كنعان وكان أول من عبر ذلك النهر النبي إبراهيم مع مجموعة من قومه .

وعندما تاه نبي الله موسى باليهود أربعين عاما في صحراء سيناء سنة 1290ق.م حسب الف حساب لعرب كنعان فلم يغزوهم بجموعه التائهة وبقي بعيدا يحذر دخولها فلا يمكن أن تدخل أرضاً معمورة دون أن تلفت الأنظار وعندما صمم خليفته يوشع بن نون على دخول فلسطين عام 1186ق.م قاد البدو فجأة الرعاة الأجلاف من اليهود الذين توالدوا في الصحراء أثناء التيه ، واحتل بهم فجأة مدينة أريحا العربية الكنعانية وهدمها وأجرى السيف في سكانها فأسال دماءها أنهارا وأهلك أغلب من فيها تماماً كما فعل اللاحقون من اليهود فى قرية دير يا سين بعد ذلك بثلاثة اَلاف عام في أبريل (نيسان) سنة 1948م، وهكذا بدأت فكرة التجمع اليهودي منذ ذلك التاريخ مبنية على الأشلاء والدماء وهياكل العظام.

ولكن ما فعله اليهود عام 1917م وقبلها من تملق للإنجليز سبق أن فعلوه في عام 539ق.م حين تملقوا ملك الفرس “كورش” ولا ريب أنهم كانوا له جواسيس وطابوراً خامساً حتى استطاع أن ينتصر على بابل فكافأ اليهود بإباحة العودة الي فلسطين ، ومع هذا لم يقيموا دولة بالمعنى المعروف حتى فى غابر الأزمان ولكنهم عاشوا يجترون ذكريات الهيكل وتاريخ دولتهم البائدتين.

أقوال للتاريخ

“إن فلسطين ليست ملك يميني بل هى ملك شعبي، الذي رواها بدمه فليحتفظ اليهود بملايينهم، وأن عمل المبضع في بدني لأهون على من أن أرى فلسطين قد بترت من إمبراطوريتي، وهذا أمر لا يكون”

السلطان عبد الحميد الثاني يرد على زعيم الصهيونية هرتسل عام 1901

تاَمر الاستعمار والصهيونية

وضعت الصهيونية صك الانتداب ولم يكن الأمر في حاجة الى لجنة  او تحقيق فالأهداف المشتركة بين الصهيونية وبريطانيا نجحت في جعل الانتداب البريطاني على فلسطين وثيقة مهمة تستهدف تهويد فلسطين وهذه الوثيقة حملت توقيعات دول الاعضاء عصبة الأمم.

وجاء صك الانتداب يحمل في ظاهرة صورة المستند الصادر من جمعية الأمم الملتزمة به بريطانيا كما لو انها بعيدة عمن وضعة مجبرة على تنفيذه ولكن الايام اثبت عكس ذلك، فقد استطاعت الصهيونية العالمية والصليبية الاستعمارية في فرض بريطانيا لتكون الدولة المنتدبة في فلسطين واعطتها صك الانتداب حدودا اتفقوا جميها عليها وهى أن تكون مسئولة عن فلسطين واحوالها السياسية والادارية والاقتصادية في ان تكفل اقامة وطن قومي لليهود فيها .

فكانت بريطانيا تسهل لليهود كل عمل اقتصادي يقوي من ثرواتهم ويبني مشروعاتهم ويساعد في فتح بنوكهم اليهودية وتعطيهم امتياز الكهرباء وتوزع عليهم البذور مجاناَ، وفى المقابل لا تنسى بريطانيا ان تضع العراقيل في وجه كل تقدم للعرب فتحرمهم من البنوك الزراعية وتحارب بقوانينها تقدمهم الاقتصادي وتتعمد افقارهم وتحارب بمختلف الاساليب وفق هذا نجد اللغة العبرية لغة رسمية والمدارس اليهودية حرة لا سلطان عليها الا للجنة اليهودية، هكذا دخلت بريطانيا فلسطين وهى متمنطقه بهذا الصك الخطر للانتداب الذى تقمص بالفور ووعده في كل بند من بنوده والذى حور وعد بلفور من وعد بريطاني الى صك عالمي.

أصوات الحق العربي لا تسمع في بريطانيا

باءت بالفشل كل محاولات الشعب العرب في  فلسطين من أرسال الوفود وتفاوض الحكومات وتحدث الصحافة وتباحث أعضاء المجالس في اظهار وجه الحق واستنهاض الهمم للوقوف الى جانب العدالة العربية الفلسطينية فتسربت الى الهواء كل الحقائق وأهملت كل التقارير ، فأهمل تقرير اللجنة الامريكية التي جاءت الى فلسطين عام 1919 وبعد جولة كبيرة أعلنت بوضوح اخضاع الشعب لهجرة يهودية غير محددة ولضغط اقتصادي  واجتماعي من شأنه أن يجبر على تسليم البلاد

اشتداد النضال الفلسطيني

على الرغم من كثرة التقارير والتعبيرات المقنعة لسلطات الانتداب فإن السياسة البريطانية التي ترمي الى تهويد فلسطين لم تتغير وصمم العرب على أن يوجهوا اهتمامهم الي الانجليز أنفسهم وقد كانوا في معظم حركاتهم يحاربون الصهيونية ولكنهم تأكدوا أن من سحب الكتاب الابيض عام 1930م وعدم انتشار التقارير هم الانجليز انفسهم وهم الذين في يدهم الحكم وفى استطاعتهم الاستماع لو شاءوا الى نداء الضمير ومنطق الصدق فلم يجد الشعب من يتعاون معه والامتناع عن قبول دعواتهم و لهذا منع العرب من اجراءاتهم ولكن الشعب أعلن اضرابه في جميع أرجاء البلاد في مارس أذار 1933م، لم يكن في جهد شعب فلسطين غير هذا فبدأ بمقاطعة للحكومة  منتجات بريطانيا والصهيونية ولذا عمدوا اليه برغم انه ضعيف التأثير لان شعب فلسطين ليس من العدد الكبير الذي تتأثر به صناعات بريطانيا وأعلن الشعب الاضراب لجميع قطاعاته اسبوعاً كاملاً احتجاجاً واظهارا لسخط الشعب العربي على السياسة البريطانية.

الحرب بين عرب فلسطين واليهود

مساندة الإنجليز لليهود فى المعارك:

لقد كان واضحا منذ صدور قرار التقسيم والقتال يسود مختلف المناطق في فلسطين وكان القتال بين عرب فلسطين الذين يمتلكون السلاح الكافي وبين الجيوش اليهودية المنظمة والمدربة على السلاح حيث كانت الجيوش اليهودية تنتظم فى منظمات ثلاث 1- الهاجانا 2- عصابة شترن 3- عصابة الارغون زفاي ليومي .

ولقد كانت لقوة  الشرطة اليهودية المركزة التي تخضع للحكومة البريطانية عددها فى ذلك الوقت حوالي ألف شخص مدرب ومسلح ومجموع المحاربين من اليهود عند صدور قرار التقسيم لا يقل عن سبعين الف مقاتل وفى هذه الصورة كان حال القتال من شارع الى شارع ومن حي الى حي وكان النصر فى اغلب المرات للعرب الذين كانوا يؤمنون بحقهم ويستميتون دونه لكن سرعان ما تغير دبابات الانجليز وطائراتهم لتحمي اليهود وتنزل بالعرب ضربات اليمة .

ولا زال الحال بالنسبة لشعب فلسطين

 

 بقلم: حنان عثمان طباسي الأغا

أضف تعليقك هنا