تميم البرغوثي معبراً عن مشاعره للقدس في ديوانه “في القدس”

بقلم: أرياف فرج سلمان العمراني

عندما قرأت ديوان تميم البرغوثي “في القدس” وجدت نفسي في صدد شاعر قد أشرع في كتابه ديوان كاملاً عن مشاعره تجاه القدس الحبيب، ومن ثم أخذ مني التأمل في شعر البرغوثي حيث وجدت ذاتًا صادقة، تعبِّر عن الكوامن الخفية التي تتغلغل في أعماقه فرحًا وحزنًا، تألُّماً وحًسرةً، على حال الأمة العربية، وعلى ما تعانيه فلسطين من اضطهاد وقتلٍ وتهجير لأبنائها، وتدنيسٍ لمقدّساتها من العدو الصهيوني المحتل.

الخصائص الشعرية في شعر تميم البرغوثي

ولذا أجد الذات الشاعرة المنفردة تتشكَّل في شعره، وتبرز حالها في حالات شعورية متعددة، فهي ذات حزينة، مضطهدة، مغتربة، مشرّدة لا مأوى لها، ولا تشعر بالأمن والطمأنينة، إذ يقول:

في القدس مًنْ؟ في القدس لكن لا أرى في القدس إلّا أنت.

يتضح لي أن الشاعر بهذه الرؤية ينفي عن الآخر فعل رؤية القدس إطلاقا، إيمانا منه بأن الآخر المحتل لا يتمتع برؤية الجمال، لا يستطيع تذوق جمال القدس؛ لأن همهم فقط السيطرة على القدس واحتلال مقدساته.

ديوان الشاعر تميم البرغوثي

وبينما أتنقل في قراءة ديوانه، إذ أجده يقول:

مرَرْنا عَلى دارِ الحبيب فرَدَّنا عَنِ الدارِ قانونُ الأعادي وسورُها

تندمج الأنا الشاعرة مع الجماعة في رحلة جماعية؛ لغرض زيارة القدس، تلك الرحلة التي يُسيِّرُها شوقُ الشاعر ومَن معه من الفلسطينيين إلى مسرى النبي – صلى الله عليه وسلم-  المسجد الأقصى الذي يرمز إلى الأمان والسكينة والراحة النفسية لكل من يزوره بعد تَعبٍ أو غير ذلك، لكنّهم يفاجئون بالصَّد والمنع من وصولهم إليه بسبب قوانين المحتل/ الغاصب الصهيوني، والأسوار التي يضعونها أمام كل فلسطيني، لكي لا يصل إلى المسجد بسهولةٍ، ذلك للدلالة على العزلة التي يعيشها الشعب الفلسطيني جراء التقسيمات التي طالت الأراضي الفلسطينية؛ مما يخلق فعل المنع في نفوسهم حالة من الاضطراب والقلق النفسي، تجاه ذلك.

وصف مشاعر البرغوثي تجاه القدس

ويكمل البرغوثي في وصف مشاعره تجاه القدس الحبيب بقوله:

وفي وسط الشام تاريخُنا

مثلُ سجّادةٍ من حرير ٍ تريّثَ تريّثَ فيها شيوخُ الصناعة

ويربطُها البائعونَ بخيطٍ رخيصْ

وتاريخُنا فُسْحَة ُ الشمس ِ في السجنْ

أو نجمة وقعتْ أو بُراقٌ قنِيصْ

وتاريخُنا عَرَقٌ في يدٍ أو دمٌ في قميصْ

وتاريخُنا ألفُ عام ٍ تحاصرُها نصفُ ساعة

فالشاعر يريد أن يقول للمتلقي بأن تاريخه غالٍ، كالحرير، يجب الحفاظ عليه، وعدم تركه للآخرين يعبثون به، وبقيمته التاريخية، وهويّته الحضارية والدينية في بضع ساعاتٍ أوفي جزء من ساعة، فهو تاريخ تليد ممتد عبر الأزمان.

دور البرغوثي في إبراز القضية الفلسطينية

إن من يتأمّل في الفضاء الشعري في ديوانه، يجد أن مشاعر البرغوثي قد شكًّلت انطلاقا له في وصف ما يحدث في القدس المحتل من قبل الصهاينة، وبالتالي أظهرت هذه الأحداث ما يختلج في نفس الشاعر من كلمات، والتي أدت بدورها ما يريد البرغوثي إيصاله للمتلقي من إحساس.

بقلم: أرياف فرج سلمان العمراني

 

أضف تعليقك هنا