لعلها أكثر الكلمات التي ترددها البشرية حالياً، وهي من أكثر الكلمات شاعرية، كما أنها من أكثر ما تطالب به البشرية اليوم في مختلف مجتمعاتها، ولا أظن إني أبالغ حين أقول إنها السبب الرئيس للعديد من الحروب والصراعات الحالية، فهي الحلم الذي تطمح إليه المجتمعات الانسانية.
كيف لا وهي أحد أسس ومنطلقات الثورة الفرنسية، وهي تمثل أشهر تمثال في أمريكا، وهي أهم حقوق الإنسان في الوثائق الدولية، ومع كل هذه الزخم الهائل فإنا لا نجد ذكراً لتكلك الكلمة(الحرية) في القرآن الكريم بالمعنى الذي نعرفه نحن.
نعم وردت مشتقات من مادة “حرَّ” في خمسة مواضع[1]وجلها تدور حول معنى نقيض العبد إلا في آل عمران ” ِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا ” أي حبسته لخدمتك وخدمة بيتك، وأشار طه العلواني إلى ذكر مرادفات للحرية في القرآن الكريم تزيد عن 200 مع مشتقاتها[2].
وقد يقول البعض “لا مشاحة في الاصطلاح” وليس بالضرورة ورود المصلح نفسه، أقول لكل مصطلح نغمة وتردد في ذهن الإنسان ، فهو يعني له شيئاً كثيراً، وهو يساهم في البناء الفكري وتكوين الصورة الذهنية والتي بدورها تكون الدافع الأهم نحو العمل إقداماً أو إحجاماً، ولعل من المؤشرات على ذلك كونها إحدى الحيل الشيطانية والإنسانية وخاصة في زمننا، وقد أومأ إلى ذلك حبيننا r فقد قال :” لا تَذهبُ اللَّيالي والأيَّامُ ، حتَّى تَشربَ فيها طائفةٌ من أمَّتي الخمرَ ، يسمُّونَها بغيرِ اسمِها“3 ولولا أهمية الاسم ( المصطلح) وتأثيره لما غيروه.
أما من حيث اللغة، فقد قال ابن فارس: حَرّ؛ ما خالف العبودية، وبرأ من العيب والنقص. يُقال: هو حرٌّ بَيِّنُ الحرية: أي واضح الحرية في سلوكه ومعاملاته. وقال الأزهريّ: والحر كل شيء فاخر جيد من شعر أو غيره.
في عام 1648 م تم عقد صلح وستفاليا لتنتهي حرب الثلاثين عاماً في أوربا، وهي بداية ظهور الدولة الحديثة، الدولة القطرية فظهرت ألمانيا وفرنسا وبقية دول أوربا بشكلها الجديد، ومع مرور الزمن بدأ اخطبوط الدولة تزداد سيطرته ويقوى نفوذه فأصبح يتحكم بكامل الأراضي ويدير كل شؤون رعاياه (الإنسان) من ولادته حتى وفاته.
فالتعليم عنده والزراعة لها قوانين والصناعة لها ضوابط والتنقل له أحكام وغير ذلك، ومن هنا بدأ الإنسان يشعر بالقيود ويتحسس الأنظمة التي تعيق حركته وتمنعه من الاختيار في بعض الأمور الخاصة به أو بأهل بيته.
ومع تنامي غول الدولة وتحكمها في مفاصل الحياة شعر الناس بالاستعباد بشكله الجديد، وفقدانهم لأهم سماتهم وممتلكاتهم، فبدأ الحِراك ونشط العباد لاسترجاع حقوقهم المنهوبة، وأبعد منه وضع نظام يضمن لهم أبسط حقوقهم المفقودة ومن أولها الحرية.
يقيناً لن نستطيع الإحاطة بكل الأسرار، ولكن منها أن القرآن لا يتحدث عن الأبجديات والمسلمات لكونها كذلك، فالحرية هبة ربانية للإنسان باعتباره انسان فكل مولود فهو حر بأصله ولا داعي أن يطالب بحقه الموجود، والحرية وُلِدت مع خلافة الإنسان في الأكوان ومع المهمة المناطة به، فكما أُعطي التنفس وغيره أعطي الحرية.
وليس يصحُ في الأفهامِ شيءٌ إذا كان النهارُ يحتاجُ إلى دليلِ
والله أعلم
وهذا مجرد رأيٍ حر.
[1] البقرة 178، آل عمران 35، النساء 92، المائدة 89، المجادلة 3
[2] العلواني، طه جابر العلواني، كتاب لا اكراه في الدين.
[3] فالقاعدة هنا كما قال علماؤنا “الأصل في الأشياء الإباحة”
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد