المصلحة الخاصة فوق الجميع

لم تعد الناس كما كانت من قبل تخاف على بعضها البعض ومصلحة هذا من مصلحة ذاك من مصلحة الجميع وما يضر واحد فينا كأنما ضرنا جميعًا؛ والأخ لا يضر أخيه ولا يؤذيه ويعطيه الذي عنده وإن لم يبقى لديه شيء، والخير يقوم به الكبير والصغير من أجل الآخرين قبل النفس…

كيف كانت نظرة الناس في القديم للمصلحة و الأنانية؟

في القديم كان لا وجود للأنانية الطاغية ولا وجود للمصلحة الخاصة على حساب المصلحة العامة وإنما المصلحة العامة أهم وأول الاهتمامات ولا تعلوها المصلحة الخاصة مهما كان وحصل فالجميع يفكرون في مصلحة الجماعة والعامة، لم تعد القلوب كما كانت تحب الخير والنفع والفائدة لغيرها وتحب لغيرها مالا تحب لنفسها وتفضل مصلحة الجميع على مصلحته لأنه ما يعود على ما حوله من خير ومنفعة تعود عليه لا محالة ولا شك ولا احتمال لعكس ذلك.

ما هو حال الضمائر البشرية اليوم؟

لم تعد الضمائر كما في السابق فيها رحمة وحية ومستقيمة، فالضمائر اليوم لا وجود لها ولا شيء يدل على أنها موجودة فهي غائبة والأفعال والأقوال والبشاعة تطبق بلا ضمائر تمنع وتقف وقفة الرجل الضخم الذي لا يواجهه أحد ولا يكسر كلمته أحد  الحقوق ضائعة ولا يوجد سوى هذا ياكل في حق هذا وهذا يطعن في هذا وهذا يخرب على هذا وهذا يتعدى على حق وممتلكات هذا، وهذا ينهب وذاك يغش وهذا يحتال وذاك يستغل وينصب، وهذا يخون وذاك يخدع، هذا يخرب وهذا يدمر، وهذا يعاني ويعاني وذاك يزيد من آلامه ومعاناته وأزمته.

كيف تغير الناس بعد غياب الرقابة الوجدانية؟

هذا يظلم وذاك بالشر يؤذي، هذا يحقد وذاك ينتقم، هذا يبكي وذاك يفرح، هذا يبكي وذاك يضحك، هذا يجوع وذاك يبذر، هذا يتألم وذاك يضغط على مواضع وأماكن الألم فيزداد الألم زيادة الموت والرحيل الأبدي، هذا يهاجم وذاك يصارع، هذا يطمع وذاك يبخل، هذا يتكاسل وذاك يتهرب، هذا يتعدى وذاك يتجاوز، هذا مهمل وذاك مقصر، هذا عنيد وذاك وقح…

هذا محتاج وذاك النعمة فائضة عنده، هذا يمنع وذاك لا يمنح، هذا يفضح وذاك لا يحفظ، هذا يتخبط وذاك يمتنع عن مد اليد للمساعدة وللمساندة وللمساهمة وللمشاركة وللتضامن، هذا يسيء وذاك يذل، هذا يهين وذاك يسخر والبشر كأنهم في حرب سببها المصلحة الخاصة فوق الجميع.

ماذا فعلت الأنانية في المجتمع الإنساني الحديث؟

تغيرت النفوس وتحولت البشر نحو الأسوأ وللمصلحة الخاصة دور كبير في هذا التغيير والتحول الذي ان استمر وزاد فسيبشر بكوارث لا يمكن مقاومتها والوقوف ضدها، الكره والحقد والأنانية وحب النفس والسعي نحن ما يفيدنا نحن فقط دون التفكير في غيرنا جعل الجميع أو الأغلبية بالتحديد يجاهدون بالحلال والحرام من أجل مصلحتهم وإن تضرر وتأذى الجميع فلا إشكال ما دام الضر والأذى لم يصيبنا بأي شكل من الأشكال.

اليوم المصلحة الخاصة فوق الجميع فهذا همه سوى نفسه ومصلحته وحاجاته فيستفيد هو أول اهتمامته وأهدافه ولا داعي له بالباقي فهذا لا يعنيه ولا يخصه وليس عنده الوقت ليفكر في الغير إلا في نفسه فأموره الخاصة كثيرة وأنانية الطاغية لا تشبع وإن استولت على كل خيرات الكون فلن تقتنع ولن ترضى سوى المزيد والبحث والسعي نحو المزيد بكل الطرق المشروعة والغير مشروعة وحتى الممنوعة، لا يهم الأهم ماذا نجني وكم نجني وكله من أجل إرضاء النفس الأنانية التي شغلها الشاغل مصلحتها ثم مصلحتها ثم مصلحتها وفقط.

الصالحون من يفكرون وينوون ويخططون من أجل مصلحة الجميع ليعم الخير والسلام بالأرض والبلاد، فكن صالح النية والفكر والتخطيط والسعي من أجل صلاح البلاد والعباد.

فيديو مقال المصلحة الخاصة فوق الجميع

أضف تعليقك هنا