حيفا لم تسقط.. لكن دخلها الساقطون

بقلم: محمد جمال

الموقع الاستراتيجي لمدينة حيفا

سنتحدث في هذه المقالة عن مديتنا الجميلة حيفا، واسمها مأخوذ من الكلمة العربية «الحيفة» وهي تعني الناحية، وموقعها يبدأ من الساحل الرملي للبحر الأبيض المتوسط حتى أعالي سفح جبل الكرمل، فكأنها ناحية منه..

جبل الكرمل هو أعلى مكان في حيفا، واشتهر هذا الجبل باسم «مار الياس» الذي كان يسكنه، وقد انتصر على أعدائه من الوثنيين واليهود، والكرمل في لغتنا تعني الشجر المثمر، فالجبل مكسو بأشجار الزيتون واللوز والعنب والتوت، إضافة إلى أشجار البلوط والسنديان والصنوبر والزهور الجبلية بأنواعها التي تكسبه رونقا وجمالا.

وفي أعلى الجبل يوجد قصر جميل له قبة مذهبة تحيط به الحدائق والأشجار وهو مزار لطائفة البهائيين، ويعتبر من أهم الأماكن السياحية في حيفا، وقد بناه أتباع المذهب البهائي، وحين تزور هذا المزار سترى روعة البناء وجمال الحدائق والتماثيل من الحجارة الموجودة في الحدائق لمؤسس المذهب. كما وتوجد مكتبة ضخمة تحتوي على الكتب والمخطوطات والوثائق التي لها علاقة بالمذهب البهائي، وهناك الكثير من الكنائس في حيفا أهمها مزار لمريم العذراء ­سيدة الرمل، ­كما يوجد عدد من الطوائف المسيحية منها الروم الأرثوذوكس والموارنة والأرمن واللاتين والطائفة الإنجيلية الأسقفية.

أما بالنسبة لسهلها فيبلغ 11 كم ويروى من نهر المقطع، وهو ثالث نهر بفلسطين بعد نهر الأردن والعوجا، وتأتي مياه هذا النهر من مرتفعات مدينة الناصرة، وكان ميناء حيفا ثاني ميناء على البحر الأبيض المتوسط بعد ميناء مرسيليا، أنشأه العثمانيون سنة 1908.

حيفا من الناحية التاريخية

أما من الناحية التاريخية فعلى شاطئ حيفا قامت أول معركة بحرية مصورة في التاريخ وقعت سنة 1191ق. م. بعدها جاء الفلسطينيون من جزيرة كريت، وامتلكوا الساحل من الكرمل إلى غزة، ثم تتابعت الغارات إلى أن حكمها الرومان، وفي سنة 620م في عهد معاوية بن أبي سفيان حررها المسلمين هي وجميع بلاد الشام بعد تسليم قيسارية، ثم توالت عليها الحروب من فرنج وأتراك إلى عهد الانتداب البريطاني سنة 1918م الذي كان يسعى إلى تهويد وإزالة صبغتها العربية، حيث هدموا بيوت أهلها ذات الطابع العربي، وأقاموا مكانها المستعمرات والمنشآت الحديثة، ثم سقطت حيفا أسيرة في شهر نيسان 1948 وتعرضت للتخريب، وسرقة تراثها، وهدم قبورها من الإرهاب اليهودي الإجرامي الذي لا يهمه حرمة الأديان السماوية.

ففي يوم الاحتفال بعيد الجمعة الحزينة عند إخواننا العرب المسيحيين في اليوم السادس عشر من نيسان سنة 1954 فوجئوا بعدد كبير من اليهود يهاجمون المقابر وينبشونها ويسلبون ما دفن فيها من صلبان ويحطمونها، وسرقوا ما استطاعوا سرقته من ذهب وفضة وتذكارات نفيسة، بل أنهم سرقوا الموتى، فقام المسيحيون هناك بمظاهرات توجهت إلى القبور حيث تليت بصوت عال مراثي آرميا من التوراة، والمعروف أن «آرميا» نبي أنشد مراثيه بعد أن اضطهده اليهود المبعوث إليهم وطلبوه للموت ككل الأنبياء، ثم قاموا بهدم وتخريب الآثار التاريخية في المدينة، ومنها (تل السمك) ويقع في المنطقة الشرقية، و(الخضر) ويقع بين منطقة تل السمك، و(رأس الكروم) وفيها بناء إسلامي قديم، ومنطقة (مار الياس) وفيها قطع معمارية وبقايا كنيسة محفورة بالصخر، وكانت قديما قلعة للأفرنج منذ العصور الوسطى وتقع إلى الجبهة الجنوبية من المدينة.

وأخيراً نذكركم بأحياء مدينة حيفا العربية التي قام اليهود بتغيير أسمائها واستبدلوها بأسماء عبرية دخيلة حيثُ أنّنا سنعود لها يوماً ما، ونعيدُ لها أسماءها الأصلية وسيرتها الأولى ومنها: حي الحسبة، والبوابة الشرقية، حارة المناظير، وسوق الشوام، والجرثية، وحارة الكنائس، وفي البلدة القديمة ما زال يوجد المسجد الكبير والسوق العام والمحلات التجارية التي ما زالت تحتفظ بالطابع الشرقي العربي القديم.

#أكاديمية_دراسات_اللاجئين

بقلم: محمد جمال

 

أضف تعليقك هنا