يا خسارة ما كتبنا

بقلم: مودة طه

في كلّ مرة كنت أسمع فيروز تُغني فيها: و يا خسارة ما كتبنا ..كان يستوقفني ذهني قليلاً و أقول في نفسي، هل يندم المرء على حروف قد كتبها؟!

قد نندم على أحلام لم نحققها على فرص قد ضيّعناها

قد يندم على أحلام لم يحققها!على فرص قد ضيّعها! على أوقات لم يستغلّها! أما أن يندم على الحروف التي كتبها فهذا كان أمرا غريباً بعض الشيء بالنسبة لي _حينها_تذكرت جميع اللحظات التي هربت فيها للكتابه عنك ..لم يكن الأمر يتخلله ندم بل لم أكن أُمانع أن اكتب و أنا في أقسى حالاتي و أفضلها و أجملها و أسعدها، كان الأمر يبدو منطقيًا بشكلٍ ما.

كنت أعتقد أننا لا نندم عندما نكتب بل نستمر في الكتابة

كنت أعتقد أننا لا نندم عندما نكتب بل نستمر في الكتابة رغم شحة الأبجدية أمام ضخامة الشعور ..مشاوير الشقاء التي قطعتها لا أعتقد إنني كنت أقصد بها مساحة من الأرض أقطعها سيرًا على الأقدام، بل رحلات من الأرق و ليالٍ من الوحدة و طول صباحات الأسى التي قطعتها ثُم عُدت لأكتبها بلا كلل.

عندما قالت فيروز ” كتبنا و ما كتبنا و ياخسارة ما كتبنا ” تمنيت لو أنني لم أكتب لك ابداً

كان صوت فيروز عالياً و هي تغني في الراديو ” كتبنا و ما كتبنا و ياخسارة ما كتبنا “ربما حينها، تمنيت لو إنني لم اكتب لك ابداً
و ربما تمنيت للمرة الأولى في حياتي لو أن بإمكاني إعاده الزمن للوراء، وقررت التوقف عن ذلك.

حُبك كان خطيئتي الأولى

ف حُبك كان خطيئتي الأولى التي أخرجتي من السماء و جعلت قلبي يرتطم في الأرض في الصباح الأول عقب قراري بأن أتوقف عن الكتابة لك كان كل شيء يمشي في إتجاهٍ مُعاكس لإرادتي،كان الوقت يمر ببطء، ودقات الساعة التي كنت لا ألتفت إليها صرتُ أستمع لكل حركة ولكل صوت فيها، لم يكن الأمر منطقيًا.

فكرة وجودك بين كلماتي التي اكتبها يومياً كانت كالماء في يومي

فكرة وجودك بين كلماتي التي اكتبها يومياً كانت كالماء في يومي، لا غنى عنه، كذلك كنت أنت لا غنى لي عن إسمك في جميع كتاباتي _ جميعها_وفي الصباح الثاني عقب توقفي كانت الأرض تُواصل دورانها حول الشمس، بينما أنا أواصل بحثي عنك في تفاصيل يومي، وعندما تأخر الوقت و انا أحاول منع نفسي من الكتابه، ذهبتُ لأقرأ كلماتي الأخيرة لك ووجدتُ هناك ما يخبرني بأنني لا يجب أن أكتب عنك بعد الآن.

وفي الصباح الثالث كنت قد تقبّلتُ الأمر، ولكن صوت أنين قلبي كان عاليًا جدًا، حتى أنني خشيت أن يأتينا الجيران شاكيين بأنهم غير قادرين على النوم، كنت أشعر بالدوار طوال اليوم، ربما لقلّة الأكل، وربما لكثرة غيابك.

هكذا في كل صباح كنت أقتلع جزءًا من وجعي لأُشفى 

وهكذا في كل صباح كنت أقتلع جزءًا من وجعي لأُشفى ..الصباح الأول كان الأعنف، والثاني كان أخف وطأة والذي يليه كان أخف، حتى وصلت إلى صباحي هذا، الصباح الخمسين ..خمسون ليلًا استغرقتها كي أتقبّل فكرة أنك لم تعد هنا، وخمسون شمسًا كانت كل واحدة منهن تُشرق أمام نافذتي لتتأكد من أنني ما زلت على قيد الحياة.وخمسون ورقة في دفتر مذكراتي كانت خاليه تماماً من اسمك.

اليوم ربما أكملتُ مراحل علاجي منك

اليوم، ربما أكملتُ مراحل علاجي منكمنذ أيام اعتدتُ أن أستيقظ قبل العاشرة صباحًا لأرى ما يُكتب لجميلات الصباح، لطالما أعتقدت بأنني منهن، وعندما أستعيد ابتسامتي سأكون أجملهن.

22/3/2020

بقلم: مودة طه

أضف تعليقك هنا