الغياب الصريع،الإله في وجه الإنسان!

صوتٌ روماني يدخل إلى الأعماق ، يناجي الخلجات ، ينساب كسمفونية تعزف لمشهد درامي أسيف.لقد ختارت الغياب ، وهي تعلم أن الجروح تُبلى بالنسيان ، وأنّ غياب المرء عن الحياة هو تغييبٌ للذات والحياة نفسها ،لكن ثمة أمورٌ في حياتنا العابرة تشهد أحداثٌ متضاخمة ، تتبلور فيها الرؤى في الطريقة التي نريد أن نعيش عليها .هذه المرة أصبحت إمرأةٌ فولاذية ، بعد أن كان قلبها أرق من جناح فراشة ، ودمعها يهطل كدموع الأنبياء والرهبان ،لكأنّها كانت تشغل الملائكة وتلهيها بحشرجة صوتها.

المرأة الجميلة

قيل أنّ الرب قد خلق قلبها بعنايةً فائقة بخلاف كل الإناث ، إضافةً إلى جمالها الفتّان البراق ، إمرأةٌ خلقت من شعاعات النور ، أنفها رومانية ، خدودها حمراءٌ مورّدة كأنّها تفاحةٌ لذيذة في يوم نضجها ، لها خصرٌ دقيق أهيف ، وشفتاها كسلكة الرمان ، إنّها إمرأةٌ متجلجلة يمر الزمن وتنقضي الأيام فتزداد فتوناً وجمالاً ، مثل الزهرة حينما تكبر تصير وردة كلما نمت أزدادت عبقاً ورونقاً وضّاءاً ، نهديها كقمرين مُضيئين ، وحلمتين كنجمين صغيرين فيهما تذوب المجرات ، وتدفن الأكوان ، ويُبعث منهما الإنسان!

لقد أصبحت فجأةً كالسندباد في سفر مستمر، لقد أقتحمت كل المسلّمات ، وصارت تعيش في أرضِ بلا شعب ، وصحراء بلا عشب ، كانت رسائلها يغلب عليها سيادة الحزن ، والوحدة القاتلة ، وجمالها الفريد الذي أصبح مشكلةً لها فيما بعد ، قالت : أنّها تعشق المطر وزخّاته ، لأنّها تعبر عن حنان السماء التي تهطل دموعها بغزارةً تضامناً مع حزن العشاق.

هزةٌ لاهوتية مرعبة توحي بالخطر والسماء تُصاب بالإنهيار ، وتكاد تبتلع نفسهاعندما ينكسر قلب تلك الفتاة التي وجد تاريخها في الروايات البولندية وهي تتحدث أن الرب عندما قرر خلقها فقد أستثناها من بين كل البشر ، ولم يخلقها من غبار التراب كم تتحدث الأساطير عند الشعوب الشرقية .

صفات تلك المرأة

فمها لهُ شهية السكر ، لسانها تتدفق بالعسل ، يديها مغسولةً بماء الفجر ، الملائكة وحدها من تمشط شعرها ، بطنها منسابةً مسطحة يفوح منها رائحة ورود البنفسج ،تتوسطها سُرّةً مُصغّرة ، كأنّها لؤلؤةً مُضيئةً ،شفتيها كالتوت الأحمر ، نهديها كعناقيد المانجو ، قيل إن اعظم إمبراطوريات وحضارات الأرض أختفت فجأةً تحت هؤلاء العنقودين كما تُشير بذلك قصة الناجي الوحيد في بيونس آيرس في وسط الأرجنتين -أمريكا الاتينية ، سليلة الثوار.

إنوثتها طاغية ، تتمايل بمشيتها كم لو أنّ الأرض فرشاً ملكياً أحمراً ، تهتزّ خصلاتها فتهتز الجبال طرباً ، عيناءٌ حوراء ، عنقها فيه السر الأحمر لتخدير أبناء السماء ، إنّها إنشودة البقاء ، ورواية الخلود ، إنّها إسطورةً ، صوتها فيه بهرجةً وجلجلة، كأنّها صوت الناموس الكوني ، الذي يشبه الموسيقى التركية الممجدة للأحزان ، والأغاني الفارسية التي تقفُ دوماً على الأطلال .

لماذا تشعر بالحزن؟

لما مضت بين جموع من الفتيات الأرستقراطية والذي عادةً ما يحظين بالإقتران من أصحاب السلطة والثروة ، تحولن إلى وصيفات لها ، أول كلمةً دوّنتها على أوراق مذكراتها التي أسمتها “أوراق ما قبل الغروب ” أنّها تشعر بحزنِ عميق ، لأنّها شديدة الجمال ، تقول هذه العبارة بدون تورية ولا تلميح ، لكنّها كما تقول : تحاول أن تنسى جمالها بموسيقى دافئة ،لا سيما عندما تكون وحيدةً كبطريق يقاوم عواصف زمهرير الثلوج.

فيديو مقال الغياب الصريع،الإله في وجه الإنسان!

 

أضف تعليقك هنا