فرعون النقاش

بقلم: فهد المعلوي العسيري

عندما اِنْبرى قلمي لكتابة هذا المقال واِنغمس فِكري في ترتيب مفرداته لتلقي القارئ الكريم أخذت أغوص في بحر لُّجِي من تضارب الأفكار والمعارف.

كيف تؤثر الفروق الفردية في الإدراك بعملية اختلاف الرأي؟

هناك من يرى محيط الشيء ممتلء ومن يراه فارغ وهناك مصدق وآخر مكذب بالواقع المرير أو صامتٍ معزول وآخر يكذب ما تراه عيناه ومِلْئها الحزن والآسى لأَننّا نعيش في حالة من التناقض الفكري الذي يراه كثير من الأفراد والمفكرين حالة صحية لكل مجتمع، ولكن من المؤسف عندما ترى شخصان يتناقشان حول قضية ما سواء سياسية أو اقتصادية أو دينية و يقتحم كل منهما نوايا الآخر التي لا يعلمها إلا الله ولا يلتزم بآداب الحوار والنقاش و الاعتراف بالخطأ في حالة مخالفة لكل ما هو صائب و عدم انتقاء الألفاظ وعدم الابتعاد عن التشتت وإخفاء الحق عن قصد أو غير قصد و التشدد لفرض رأي معين وعدم المرونة والسلاسة أو التسرع في إطلاق احكام مسبقة على حديث الشخص الآخر وليس له الإ ظاهر القول بل يكاد يقسم على الله سبحانه إنه يعلم ما تخفي الصدور.

كيف نضبط الحوار بحيث نخرج بفكرة جديدة دون تعنّت الأطراف؟

لابد من الخروج بفائدة للمتلقي و للمحاور على حد سواء من هذا الحوار وتكن دائرة لتبادل الأفكار والمعلومات ليستفيد الآخرين من بعض النقاط لتخلص من فكرة سلبية أو غير منطقية ولا ينزلق الحوار إلى جدل يتجرد من الآداب، وتندثر الأفكار ولا تتضح الحقيقة وتكون محاولات لإسكات الطرف الأخر بإيجاد دلائل وبراهين على صدق قولة وفكرته وتجريم الآخر وإقصاءه والتراشق بالشتائم وهذا ما قد يأخذ النقاش الوديع إلى منحنى آخر ولى هاوِية السقوط الأخلاقي والغير مهني وعلى الرغم من أن هنالك مفكرين وعلماء إلا أنهم انجروا إلى نفس الإِسْتِراتيجية في اقتحام نوايا الآخر والحكم علية وجعل بينهما برزخاً لا يبغيان وإطلاق أحكام مسبقة وعلم الشيء وكل شيء وأذكر قول الأديب الأريب وزير القلم الراحل د / غازي القصيبي:

أما مَلَلْتَ من الأسفارِ..ما هَدَأتْ *** إلاَّ وألقتكَ في وَعْثَاءِ أسْفَارِ؟
أما تَعِبتَ من الأعداءِ..مَا برحوا *** يحاورونكَ بالكبريتِ والنارِ

لا تطغَ برأيك على الغير فتكون فرعوناً في الأرض

لا نجعل من الكبريت والنار منهج حوار و علينا التثبت ومعرفة كل ما يدور حولنا ومايروى لنا وأخذه على ماجاء به وحمله على المحمل الصحيح ولا يمنع ذلك من التحليل والتمحيص والنقد وأختباره ونتجنب مايسمى ما وراءه من استنتاجات وجعلها اللب وما جاء أمام اعيننا وعلى أسماعنا بالقشور وما يراد من وراء ذلك أمور نختلقها ونحورها على ما تشتهي أنفسنا لتصديق مانراه صحيح وإقناع النفس به ولنا في التاريخ عبرة لأنها استخدمت هذه الطرق من غابر الزمان مع نبي الله موسى عليه السلام إذ أتى غلى فرعون بدعوة التوحيد الخالص فأراد أن يؤلب الناس (( إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ )) فلا تكن فرعون الأفكار وكن حُر التفكير والاستنتاج ولا تظهر في الأرض الفساد إن الله لا يحب المفسدي.

بقلم: فهد المعلوي العسيري

أضف تعليقك هنا