فيروس كورونا بين الخيال العلّمي و الموت البشريّ

وُلِد فيروس كورونا في مدينة الأولمبياد العسكرية (ووهان) في جمهورية الصين الشعبية حيث سوق خوانان للمأكولات البحرية الذي يبيع حيوانات بريّة بشكل غير قانوني، تطوّر هذا الفيروس سريعاً وتوغلَ في أطياف الكرة الأرضية دون أن يراعي حُرمات البيوت و الدّول و الأجساد البشرية ولا حتى ضُعف مناعة الكبار منهم، فهو جديد من نوعه تفوّق على الطاعون وعلى الأوبئة التي ولدت قبله وماتت دون أن تُثير البلبلة التي آثارها هذا الفيروس الغامض، ربما لأنّه استطاع أن يتحول سريعاً فبدأ بالزكام وها هو اليوم ينتهي بمجزرةٍ بشرية.

هل أصبحنا نعيش أفلام الخيال العلمي حقيقة؟

تواجه البشرية في الوقت الراهن أزمةً تهيأ لنا في بدايتها أنّها أزمة تُعنى بها جمهورية الصين فقط حتى هبطت طائراتهم أراضينا، كنّا ننظر إليها من شبابيك منازلنا حتى أصبحت بداخلها، ما كنّا نقرأ عنه منذ شهرين عن بُعد أصبح أمراً راهناً نعيشُ بداخله، وما كنّا نراه في الأفلام المُحاكة بعقولٍ أجنبية أصبحَ واقعاً مُؤلماً يتجسد في أجسام البشر ويهدّد مصير البقية منهم الذي بات اليوم خاضعاً لمعطيات العلم وتطوارته.

بعد تفشي الجائحة متى ستعود مياه حياتنا لمجاريها؟

في ظل الإجراءات الإحترازية التي إتخذتها دول عديدة مُؤخراً للحد من تفشي هذا الوباء المستجد، وشملت تعليق الدراسة وتقييد حركة المواطنين وإغلاق الحدود وتعطيل الرحلات وتدابير الحجر الصحي الجماعي غير المسبوقة المفروضة على مجموعات فرعية ضخمة من السكان، ضمن إجراءات أخرى أربكت السير العادي لحياة ملايين الناس و تسببت في  تعطيل النشاط الاقتصادي؛ تبرز أسئلة كثيرة لعلّ أهمّها: متى ينحسر هذا الوباء وتعود الحياة إلى مجراها الطبيعي؟ وتأتي الإجابة الحقيقة التي لا ترتدي ثوب الدبلوماسية: إنّ عودة الناس إلى حياتهم الطبيعية لا تخضع لمعطيات العلم فحسب، وإنّما تخضع لحسابات أخلاقية وسياسية لا يملك أحدٌ الرغبة في نقاشها جهراً لأن أرواح البشر الآن أهم من النقاشات و المفاوضات والإجتماعات الدولية.

لقد غيّر فيروس كورونا معالم الحياة على هذا الكوكب

لقد رَكَدَ العالم بأسرهِ بعد أن كان ممتلئاً بالحياة، ولا ينكر أحدنا إصابة المجتمع الدولي بحالة شلل جماعي بجميع أركانه ومجمل طبقاته، فالمشاورات حول إيقاف هذا التباطؤ الحاد يستدعي إجراءً جذرياً يلتزم به أفراد المجتمع محليّاً وعالميّاً، فالوجوه باتت غريبة لنا بسبب الأقنعة الواقية التي تخفيها، أما المواد المُطهِرة التي ستنفذ إذا استمر الأمر على هذا الحال، جعل الشركات تتعّهد في بذل كل جهد ممكن لزيادة الإنتاج، وما تقوم به الدولة من عمليات التهوية والتعقيم في المطارات والمراكز التجارية تجاه الحُمّى والتهابات الجهاز التنفسي والسعال وآلام الصدر وضيق التنفس التي لم تعُد أعراض نوبة بردٍ بعد الآن وما كان بسيطاً في الأمس وأدويته في متناول يد الجميع أصبح اليوم وباءاً يشكوه الصغير والكبير ويقلّب قواعد الدول وقوانينها وحركة أفرادها.

ماذا بعد الكورونا من آثار نفسية؟

لن يقتصر الأمر على صعوبة إيقاف الوباء الحالي فحسب، لأن الحل الوحيد للأزمة الراهنة يَكمُن في تطوير لقاح ضد الفيروس القاتل لنوقف عدد الوفيّات و المُصابين، واحتكار هذا اللقاح لطرحه في الوقت المناسب سيتسبب في تسميم العلاقات الدولية لسنوات قادمة فكل دولةٍ من الدول العُظمى سترمي بهذه الكارثة الكونية على الأخرى، لتنفض عن نفسها غُبار الكورونا الذي أطاح بالعالم أجمع وتُلقي به على من يهدد إقتصادها و نمّوها، حتى وإنّ عادت الامور إلى مجراها فبقايا هذه التجربة المؤلمة سيترك أثراً في نفوس الناس لن يجتازوه بسهولة، كيف وبعد أن أصبحت الكمامة جزءً من معالم الوجه.

ما زال كل إحتمال يمتلك نفس النسبة، والعديد من الأسئلة تدور في مخيلتنا: هل سيصبح فيروس كورونا من الماضي؟ أم أنّها نهاية العالم فعلاً؟ وكيف سيبدو العالم بعد الفيروس؟ ومن سيكتب حكاية كورونا؟ وهل هي مسألة وقت فحسب؟  أم أن الأجيال ستتداولها ؟ فهل الصين من أنشئت هذا الوباء ؟ أم أن الولايات الامريكية هدّدها إقتصاد الصين المتسارع فحاولت أن تضع حداً له؟ وما ذنب الضحايا البشرية و بقية الدول في هذه الحرب البيولوجية؟ أم أنّها عقوبة ٌ إلهيه؟ ما زال هذا اللغز مُحيراً من كل جانب فقصة هذا الزائر المُلثم ما زالت غامضة.

هل هنالك بريق أمل لتلاشي هذا الفيروس؟

إنّ المناخ الذي كان متغيراً من دولةٍ الى أخرى بين صيفٍ و شتاء أصبح الآن متشابهاً بين الدول كافة، فكلّ ٌ في منزله يراقب حركاته الصغيرة وينظرُ إلى الأسطح بتمعن و يراقب هاتفه يسترقُ النظر إلى الشائعات التي تنتظر الصيف وحرارته المرتفعة ليتلاشى هذا الفيروس وتعود الحياة إلى طبيعتها  ولكنها بمثابة تكهنات ولا يمكن الاستناد إليها إذ لا أساس علمي لها، وما زالت البشريّة تنتظر بريق الأمل و طريق النجاة والضوء الذي يلّوحُ مُعبراً عن نهاية الطريق والخروج من النفق، سوف ننظرُ إلى الجانب المُشرق من هذه  القصة الغائمة التي نعيشها لنعتبر هذه الأزمة هي فرصة لنقيّم أنفسنا و ضمائرنا وعقولنا من جديد.

فيديو مقال فيروس كورونا بين الخيال العلّمي و الموت البشريّ

 

 

 

أضف تعليقك هنا