كورونا.. ورقمنة التعليم قبل الجامعي

التعلم الرقمي هو الحل الأنسب لضمان استمرارية التعليم في زمن الكورونا 

اجتاح فايروس  صغير دول العالم، وفرض إجراءات على جميع المؤسسات والأفراد للعمل بنمط جديد، تفادياً للإصابة به، وللحد من انتشاره، مما فرض على قادة الميادين التعليمية نمط تعليمي جديد لطلبة المدارس والجامعات، وهو التعلم الرقمي، والذي أثبت من قبل فاعليته ومساهمته في تحفيز وتعزيز العملية التعليمية، وتفوقه على التعليم بالتلقين الذي يحد من المهارات الإبداعية لدى المتعلم، بالإضافة لأهم ميزة يتمتع بها التعلم الرقمي وهي الحرية التي يمنحها للمتعلم في تلقي المعلومات عن بعد، سواء بطريقة متزامنة، أي يتفاعل المعلم والمتعلم في نفس الفترة الزمنية، من خلال أدوات وبرمجيات متزامنة لكن بأماكن مختلفة، لإجراء مناقشات وحوار بين المتعلمين أنفسهم وبينهم وبين المعلم مثل: استخدام الفصول الافتراضية، والحلقات الدراسية عبر الإنترنت، ومؤتمرات الفيديو، أو بطريقة غير متزامنة، وهي تفاعل المعلم والمتعلم في أماكن وأوقات مختلفة، ويستخدم أدوات وبرمجيات غير متزامنة تسمح للمتعلم بالتفاعل معها، مثل المنصات التعليمية، والمقررات الإلكترونية المفتوحة واسعة الإنتشار MOOCs، والفيديوهات والملفات الصوتية، والمراسلات البريدية التقليدية، فلم يعُد المتعلم مُلزماً بوقت وزمان محددين من أجل الحصول على المعلومة، أو انتظار المعلم حتى يُعطيه إياها، بل هو من يبحث عنها عبر المواقع والمنصات.

ويُعد هذا النمط من التعلم الأنسب لمواصلة العملية التعليمية في ظل الانتشار الواسع والمتسارع لفايروس كورونا، والذي حصد حتى كتابة هذا المقال أكثر من 32 ألفاً من الأشخاص راحوا ضحية هذا الفايروس، بالإضافة لإصابة أكثر من 700 ألف إصابة حول العالم، مما فرض على قادة الميادين التعليمية في كافة دول العالم العمل بنمط التعلم الرقمي، لضمان استمرار العلمية التعليمية، وتحقيق التواصل الفعال بين المعلم والمتعلم.

التحديات التي يواجهها التعلم الرقمي في فلسطين

ففي ليلةٍ وضحاها أُجبر ملايين من المتعلمين والمعلمين، لإعتماد التعلم الرقمي كوسيلة بديلة، بل ووحيدة للعملية التعليمية، في ظل فقر الإمكانيات التي تُعاني منها المؤسسات التعليمية، والعديد من التحديات التي ظهرت بقوة بعد استخدام هذا النمط من التعلم، أهمها: عدم وجود بنية تحتية لتفعيل التعلم الرقمي، وضعف المنصات التعليمية في فلسطين التي تعتمد على تقديم المناهج الفلسطينية بطريقة رقمية على شكل مقررات إلكترونية، بكافة عناصر المنهج (الأهداف، المحتوى، الأنشطة التعليمية التعلمية، التقويم)، وقلة الوعي الكامل من قِبل المجتمع والمسئولين عن العملية التعليمية حول مبادئ التعلم الرقمي، والتكلفة المالية العالية اللازمة لتفعيل واستخدام التعلم الرقمي بشكلٍ كامل، والتكلفة العالية في تصميم وإنتاج البرمجيات التعليمية، بالإضافة لقلة الخبراء والمختصين من ذوي الكفاءة والخبرة في مجال التعلم الرقمي، كما أن المعلمين بحاجة لدورات تدريبية حول كيفية التعامل مع التقنيات الحديثة للتعلم الرقمي، وكيفية إنتاج المقررات الإلكترونية، وكيفية تفعيل الأنشطة التعليمية التعلمية باستخدام المستحدثات التكنولوجية، ولا نذهب بعيداً عندما ننادي بضرورة تدريب أولياء الأمور لطلاب الصفوف الأولى على كيفية استخدام التقنيات الحديثة في عملية التعليم، وذلك لمساعدة أبنائهم في عملية التعلم، فالمتعلم في الصفوف الأولى لا يملك الخبرة الكافية للتعامل مع التقنيات الحديثة في التعليم، حيث يكون التعلم شاقاً وغير مُجدي إذا لم يجد المتعلم الطفل من يُسانده ويُرشده خلال تعلمه.

فالتعليم الرقمي هو التعليم الذي يُوظف التقنيات والمستحدثات التكنولوجية في العملية التعليمية، وتسخيرها لتعلم المتعلم ذاتياً وجماعياً، سواء كان بصورة متزامنة أو غير متزامنة تتناسب مع ظروفه وقدراته، لتحقيق تعلم نشط وفعال.

ومن أهم ما يُميّز التعليم الرقمي أنه يُسهل على المتعلم الحصول على المعلومات أكثر مما هو مُتاح له في التعليم التقليدي، ويُمكن أن يستعمل المتعلم أغلب حواسه أثناء عملية التعلم، من خلال الإستفادة من عدة مؤثرات مثل: (الفيديو، الصوت، اللون، نوع الخط، طريقة العرض)، وهذا يجعل العملية التعليمية أكثر متعة وتشويق، مما يُساعد على تنمية مهارات التفكير العليا لدى المتعلم.

افتقار التعليم في فلسطين إلى المنصات التعليمية الرقمية

وبعد أكثر من شهر من البحث والإطلاع الواسع على المنصات التعليمية التي تُقدم المنهج الدراسي الخاص بالمراحل: (الأساسية، والثانوية) بطريقة رقمية، سواء كانت للمحتوى التعليمي، أو الأنشطة التعليمية التعلمية، أو توفير بيئة تعليمية إلكتروينة في مُتناول الطالب، أو التقويم الإلكتروني، وجدت الكاتبة العديد من المنصات التعليمية التي تُقدم المناهج الدراسية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة الأردنية بطريقة رقمية، مثل منصة :نفهم” و”أكاديمية نون” ومنصة “إدراك” ومنصة “Classera”وسهولة الوصول لهذه المنصات، في حين أنها لم تجد منصة تعليمية متخصصة لتقديم المناهج الفلسطينية بطريقة رقمية، باستثناء بعض القنوات على YouTube التي تُقدم المحتوى التعليمي على شكل فيديو، وبعض الصفحات على موقع Facebook والتي تُقدم المحتوى التعليمي أيضاً على شكل فيديو، وتستخدم الطريقة التقليدية في التعلم وهي التلقين، من خلال المعلم الذي يظهر في الفيديو ويقوم بسرد المعلومات أمام المتعلم، والذي يفتقد لمبادئ التعلم الرقمي، ومن هذه المبادئ تفاعل المتعلم وتحفيزه للمشاركة في العملية التعليمية، وانعكاس هذه المشاركة وذلك التفاعل بوضوح، وإجراء التقويم التكويني الذي يُمثل من أهم أعمدة وركائز المنهج التربوي في التعلم، وإجراء التقويم الختامي الذي يتصف بأنه يُعالج سلسلة متنوعة من مستويات الإنجاز للمتعلم ويُمكنه من ترسيخ المعلومات بشكل جيد، وهذه المبادئ غير متوفرة في منصات التواصل الإجتماعي الموظفة في عملية التعليم، وتجدر الإشارة هنا إلى أن وسائل التواصل الإجتماعي مثل (Watsapp،Telegram ، Facebook، IMO) غير مقننة، ولها سلبيات كثيرة في التعليم النظامي، وخاصة من ناحية أمنية، فهي قنوات غير رسمية وقد تتعرض لقرصنة وإنتحال، والأهم أنها لن تُحقق جودة التعلم الرقمي.

في عصر الكورونا، الذي جعل التعلم الرقمي ظاهرة إجتماعية، ألم يحن الوقت لتقوم الجهات المسئولة بدراسة جدّية لرقمنة التعليم في فلسطين، وتهيئة بُنية تعليمية مناسبة لتقديم هذا النمط من التعليم، من خلال وضع قواعد وأسس له، ورصد تمويل كافي لتطوير المحتوى التعليمي إلى رقمي، وتطوير الكتب الدراسية بحيث تُصبح إلكترونية تفاعلية، وبناء بوابات ومنصات تعليمية مختلفة توفر بيئة للتواصل بين مختلف الفئات وتُقدم محتوى تعليمي رقمي يمتاز بجودة تعليمية عالية، قبل أن يقوم هذا الوباء الإستثنائي بتقزيم  التفاعل الإجتماعي الجسماني بشكل أكبر، والاعتماد على أنشطة الحياة عن بعد.

فيديو مقال كورونا.. ورقمنة التعليم قبل الجامعي

 

 

 

أضف تعليقك هنا