كلمة وكلمة

المواقف الاجتماعية المختلفة، والحوارات اليومية المتعددة تجعلك تقف أمامها ناقدا، غير متربص بأخطاء البشر، بل محللا ومدققا وضابطا لما فيها من انحراف أو عُوار، يؤديان إلى تفكيك الروابط الإنسانية، وتهدُّم بنيان العلائق الاجتماعية، وتمزق أواصر المحبة والإخاء. (الكلمة الطيبة)

الفرق بين الكلمة المُمرضة والكلمة المُسعدة

ما رأيت أنهش للحم الإنسان، ولا أجرح لمشاعره، ولا أنفذ في قلبه من الكلمة السقيمة التي قصد بها صاحبها لوما أو توبيخا أو إهانة أو سوءا، فالكلمة المريضة مُمرضة، والكلمة السعيدة مُسعدة.كم من كلمة قتلت، وكم من كلمة جرحت، وكم من كلمة أحيت أرضا جرزا، وذلك أن الإنسان مجموعة من المشاعر والأحاسيس، وليس آلة تُدار، فهو بين انقباض وانبساط، وخوف وأمن، وحزن وفرح، وتذكر ونسيان، وعالمه الذي يعيش فيه هو ذاته التي يجمعها في كل يوم، فتارة يلقاها، وتارة يبحث عنها فلا يجدها.

إن النفس في منحنياتها صعودا وهبوطا، هي في الحقيقة منحنيات من الأمل والألم، من التفاؤل والتشاؤم، تتأرجح بين الابتسام والانكسار، حين تختمر بها بلادة الحس في عالم مهين، فتُضرس كالحَبّ في الرحى، أو يمتزج بها نقاء الأرواح، فتشرق كالشمس في فلكها.

الكلمة الطيبة وأثرها في النفس

إحسان المرء في انتقاء كلمته، واصطباره على حبس سقيمها، وكظمها مراعاةً للأُخوة الإنسانية، مرتبةٌ عليا لا تواتي إلا كل حكيم عفِّ اللسان، ثابتَ الجَنان، قويَّ الإرادة، وقليلٌ من الناس من هو كذلك، فأما مسلوبُ الإرادة، مضطربُ الجنان، فلا ترى له همهمةً إلا حين تكون الكلمة ساقطة، وحين يكون السقوط والسفل هواية.أتعرف ما معنى الكلمة.. مفتاح الجنة في كلمة ودخول النار على كلمة.. وقضاء الله هو الكلمة الكلمة لو تعرف حرمة.. زاد مزخور الكلمة نور.. وبعض الكلمات قبور.

إن النفس تحيا وتأنس بتغاريد الطيور حولها، فغرد كطائر في دوحته، حتى يسمعك الوجود، وغنِّ كهَزارٍ راقصٍ حتى يغنيَ معك الكون، ولا تكن كلماتُك مُديةً تمتد لتقتلَ مَن حولَك وأنت لا تبالي، وتذكر أن أنفاسنا معدودة، وأن الكلمة باقية مهما طال الأمد، فاجعل كلماتِك شاهدةً لك لا عليك.

ماذا تشبه الكلمة الطيبة؟

تُرى ما ضرّك لو جعلت شعارك في الحياة إسعاد الآخرين، فأنت حينئذ تضبط كثيرا من انفعالاتك، وترتقي بكثير مما تتلفظ به، وتعامل غيرَك بما تحب أن يعاملك به غيرُك، فلم تكن الكلمة شيئا جزافيا يوما ما، فقد جعل لها القرآن الكريم مثالين؛ لأنها إما أن تكون طيبة، فهي كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، وإما أن تكون خبيثة، فهي كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، فاختر لنفسك ما شئت، واعلم أن كسب القلوب أهم من كسب المواقف.

فيديو مقال كلمة وكلمة

أضف تعليقك هنا