ربيع القلوب

بقلم: غناء الموعد

إن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى ورسالة إلى الإنسانية كافة وهو نور للعالمين، فقد تكفل الله بحفظه من التحريف والتدليس ليس كالكتب السماوية الأخرى التي وصلها التحريف، فقد قال تعالى: ” إِنَّا  نَحْنُ نـزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُلَحَافِظُونَ  ”  سورة الحجر ( ٩)
أي أن الله حفظ هذا الكتاب من التبديل والتحريف ومن المبطلين، وتحدى رسول الله العرب بالقرآن فهو نزل بلسانهم أي باللغة العربية وعجزوا أن يأتوا بمثله أو حتى بمثل سورة، فثبت له الإعجاز وبإعجازه ثبتت الرسالة.

تنزيل القرآن على سيدنا محمد

قال تعالى: ” شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى  وَالْفُرْقَانِ” سورة البقرة
في هذا الشهر المبارك وهو رمضان أنزل القرآن على سيدنا محمد جملة واحدة أي دفعة واحدة من اللوح المحفوظ في ليلة القدر من شهر رمضان فوضع في بيت العزة في السماء الدنيا ثم نزل به جبريل على دفعات في ٢٣ سنة، وإما أن تنزل الآية بسبب حادثة حدثت مع الرسول أو بسبب سؤال أن يسأل رسول الله عن حكم ينزل القرآن ببيان هذا الحكم، وهذا لا يعني أن يكون لكل آية سبب بل كان القرآن أيضاً ينزل بالعقائد أي ما بين عقيدة المسلم وواجبات الإسلام.

كيف نتدبر القرآن الكريم ؟

عندما نقرأ القرآن الكريم علينا علينا أن نتدبر آيات القرآن الكريم علينا، فالتدبر هو إدارة إعمال الذهن وتحريك القلب، فهنا علينا أن نفهم معاني الآيات ونتفكر بها ونفهم مقصدها وعلى القارئ أن يكون حاضر القلب لينتفع بما يقرأ وهنا ممكن أن يقرأ القارئ بقرآن مفسر للآيات، وممكن أن يقرأ الآيات ويضع بجانبه كتاب التفسير ليفهم ما يقرأ، وهناك كتب تفسير كثيرة من أهمها تفسير ابن كثير وغيرها من الكتب.

وسائل معينة على تدبر القرآن الكريم

  • صدق الإقبال على الله تعالى مما يعين على الإنتفاع بكتاب الله عز وجل فهذه وسيلة مهمة للتدبر
  • البعد عن الصوارف: أي التي تصرف عن التدبر، فقد قال تعالى: “أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ  الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ  أَقْفالُها” سورة محمد (٢٤)فلا بد أن تبتعد عن هذه الأقفال وهي (المعاصي والغفلة والقسوة والإعراض والإستكبار)
    قال تعالى: ”  سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ” سورة الأعراف (١٤٦) فالمستكبر لا يمكن أن ينتفع بالقرآن ولا يمكن أن يتدبر
  •  صفاء القلب فصفاء القلب مما يعين على التدبر وبعده عن الشحناء والبغضاء ليتدبر كتاب الله تعالى
  • اختيار الوقت المناسب بعد صلاة الفجر، فهذا الوقت هو أفضل الأوقات ومن أجملها فنجد فيه الصفاء الروحي، والخلوة مع كتاب الله
  •  اختيار المكان المناسب فمثلاً تخصص جلسة في المسجد أو يكون لك جلسة في خلوتك في البيت أو في دار القرآن المهم اختيار الوقت المناسب
  • اصطحاب كتاب تفسير في مجلس التدبر، ومن الوسائل المعينة قراءة بعض التفاسير المختصرة منها: المختصر في التفسير أو التفسير الميسر، تفسير ابن كثير، السعدي، اجعله بين يديك حتى تقرأ ما تيسر لك ثم نتدبر.

خطورة هجر القرآن الكريم

الهجر أنواع

  1. هجر فهم كتاب الله تعالى وتدبره أحد أنواع الهجر التي شكر منها رسول الله قومه إلى الله تعالى، قال تعالى: “وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ” سورة الفرقان ( .٣)أي قد أعرضوا عنه وهجروه وتركوه مع أن الواجب عليهم
  2. الإنقياد لحكمه والإقبال على أحكامه  ( تيسير الرحمن .ص ٥٨٢)
  3. هجر سماعه والإيمان والإصغاء إليه
  4. هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به
  5. هجر تحكيمه والتحاكم
  6. هجر الإستشفاء به والتداوي
  7.  ذم المنافقين لأنهم لم يتدبروا كتابه العظيم ولم يفهموه فهماً سديدا ًفضلوا لأجل ذلك ولم ينتفعوا بكتاب الله في هذا أشد
  8. ذم لمن لم يفهم آيات الله ولم يتدبر معانيها، الآية التي مرت سابقاً أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها إلى آخر الآية
  9. هجر فهم كتاب الله وتدبره فإنه يحرم الخير العظيم فإنه يقرأ القرآن ولا ينتفع به وبمواعظه ولا يتأثر بآياته.

تلاوة القرآن الكريم

تلاوة القرآن ليست مجرد قراءة حروفه أو حفظ آياته وسوره، وإنما حقيقة التلاوة: قراءة وفهم وعمل، فمن لا يعمل بالقرآن لا بكون من أهله بمجرد حفظه لحروفه، بل لا يكون من أهله حتى يرى في القرآن عبادة وخلقاً وتجنباً لما بسخط الله، فقد قال  ” إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب ” رواه الترمذي.

حفظ القرآن الكريم

لا يجب جميع المسلمين حفظه ولكن من بستطيع أي طائفة من الأمة تحفظ ولكن على الباقين تلاوة القرآن…

إن أردت أن تحفظ القرآن عليك بالتالي

  • إن الإخلاص طريق البداية عليك أن تخلص النية لله تعالى أي تكون نيتك بالحفظ هو التقرب لله تعالى  والإنتفاع بما تحفظ، وأن لا تكون نيتك ليقال عنك حافظ أمام الناس
  • التوبة وترك المعاصي أي أن يتوب الحافظ عما لا يرضى الله ويترك المعاصي ويعزم أن لا يعود لها أبداً، لأنه يتنافى مع حافظ القرآن أن يكون عاصي وهو يحفظ كتاب الله
  • احفظ مع محفظ متقن وبتجويد:  أي احفظ مع شيخ متقن في حفظه عندها سيعلمك قراءة الآيات بشكل صحيح، ويصحح لك أخطائك ويعلمك أحكام التجويد لتتقنها ، و تعطي كل حرف حقه ومستحقه من الأحكام
  • خصص وقت أي خصص للحفظ ، عندما تكون أكثر نشاطاً وعندما يكون الذهن صافياً لتستطيع أن تحفظ جيداً ، وأفضل وقت هو وقت السحر أو الفجر
  • إياك ومجالسة السلبيين لأنك عندما تجلس معهم وتسمع كلامهم ستحبط وممكن أن تتراجع عن تحقيق الهدف لأن الشيطان سييضخم لك أفكار السلبية ليحزنك…

كل ما ذكرناه يساعدك في حفظ القرآن ولا يقتصر ذلك على الكبار أو الصغار بل كلاهما يحفظ ولكن إن حفظ القرآن بعمر صغير أفضل لأنها هذه أفضل فترة للحفظ فترة الطفولة والشباب.

لماذا نحفظ القرآن؟

  1. لنصبح من أهل الله وخاصته
  2. ليشفع لنا القرآن يوم القيامة
  3. ليكتب لنا بكل حرف حسنة
  4. لتقويم اللسان وتقوية الذاكرة
  5. لنلبس والدينا تاج الوقار وغيرها الكثير

نفحة طيبة 

أخيراً علينا أن نعمل بالقرآن الكريم ونطبق أحكامه في حياتنا لأنه ينير دروبنا ويرفع درجاتنا في الجنة وهو تقرب لله تعالى فهو أحب ما تتقرب منه لله، أقبلوا عل  القرآن بقلوبكم لتنتفعوا به، فإن البيت الذي يتلى فيه القرآن اتسع بأهله وكثر خيره وحضرته الملائكة وخرجت منه الشياطين، وإن البيت الذي لا يتلى فيه كتاب الله ضاق بأهله وقل خيره وخرجت منه الملائكة وحضرته الشياطين “رواه أبو هريرة”.

عليك بالدعاء ولتستعين بالله ليقويك ويعينك على تلاوة القرآن وحفظه ولتكثر من الدعاء، فاللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا وجلاء همومنا وغمومنا، واشرح به صدورنا وقوِ به عزائمنا بحولك وقوتك فإنه لا حول ولا قوة إلا بك يا أرحم الراحمين، اسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهل القرآن وخاصته.

بقلم: غناء الموعد

 

أضف تعليقك هنا