ما نوع توحيدك؟

أعلم أنك تعلم أنَّ رسالةَ الرسل -عليهم السلام- هي تحقيق عبادة الله وحده في الأرض. وأعلم أنك تعلم أنَّ الله أيديهم بالآيات المُبهرات. وأعلم أنك – وأنا مثلك- من أتباع أفضل الرسل ، وبالتالي فأنا وأنت من الموحدين. (أنواع التوحيد). (اقرأ المزيد من المقالات على موقع مقال من قسم إسلام).

أنواع التوحيد

ولكني سألت نفسي يوماً  -ولا أدري ما الذي حرَّك هذا السؤال الغريب في ذهني -:ما نوع التوحيد الذي نؤمن به ونطبقه في حياتنا؟ قد يكون السؤال غريباً، فالتوحيد الذي نعرفه واحداً ، فهل هو أنواع!؟بالمراجعة للواقع رأيت أن توحيدنا في الحياة نوعين:توحيد رباني. توحيد انتقائي.

  • فالرباني هو الذي أمر الله به، بحيث يكون مصدر التلقي لكل شؤون الحياة هو الله فقط، حتى الرسول صلى الله عليه وسلم فأهل الرباني يطيعونه لأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالرباني أكله وشربه وعمله وأسرته وعلاقاته وعطاؤه ومنعه بكل تفاصيلها مصدرها واحد (توحيد) هو الله، بل حتى مشاعرة من الحب والبغض والكراهية وغيرها من الله،  فهو لله وبالله ومع الله.
  • أما الانتقائي فهو الذي يَدَّعي أن مصدر التلقي عنده الوحيد هو الله لكنه في الواقع العملي ينتقي ما يتوافق مع هواه وشهواته إلى حدٍ ما، فما وافق ذلك عمله، وما خالفه بحث له عن علة للتملص منه: فمرةً يخالف العقل وأخرى ما الحكمة منه وثالثة هناك ما هو أهم ورابعة الأخلاق أولى وخامسة الصلاة العمود وما عداها سهل وسادسة الظروف وسابعة وثامنة ، والحقيقة التي يرفض قبولها أن توحيده انتقائي وليس رباني. لا أكتمك سراً فقد أصابني الحزن والفرح، الحزن لأني لا أعلم عن نفسي ما نوع توحيدي، والفرح أني بدأت أكتشف خفايا الحيل النفسية، لذا كان السؤال الثاني:

كيف أعرف نوع توحيدي؟

الإجابة هي النظر إلى القبول والتطبيق، فمتى جاء الأمر الرباني بـ “افعل” أو ” لا تفعل” كيف تجد قبولك له: رضى وتسليم وقناعة راسخة بالخيرية لك ، حتى في أصغر الأمور في المظهر والجوهر ” قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)” الأنعام، كيف إذا جاءتك الأحكام الربانية في الصراعات والخلافات أتقبلها بلا حرج وتسلم لها؟ ” فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)” النساء ، هل تسمع للنداء الرباني بإصغاء للعمل به ” وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ…(285)” البقرة فلا تكتفي بـ “سمعنا” بل تتبعها برضاً وقناعة “وأطعنا”.

أو أنك ممن  يتردد ويتلعثم ويتلكأ فتبدأ بالبحث عن الخيوط الواهية لتشكك في النص ، وإن لم تنجح بدأت تحيك خيوط الاعتراضات وتغوص في أعماق الكتب والدراسات لتلتقط قولاً لأحد العلماء من هنا أو هناك فتتمسك به على أنه الحق من عند ربك، ثم إذا لم تجد بدأت رحلة البحث عن المبررات للتملص من العمل والتطبيق، وتسمح لنفسك بمخالفة الأوامر الربانية وبشكل مستمر ومتكرر حتى تصل إلى الذوبان ونسيان الأمر، وربما تدافع عن مخالفتك لمن ينصحك، بل ربما أصبحت ممن يدعو لتلك المخالفة بطريقة أو أخرى – وأنت لا تدري-.

التوحيد الرباني للمجتمع

نحن بحاجة للغوص في أعماق نفوسنا -كل واحد- ليستخرج منها حقيقة توحيده ومصدر تلقيه وربان عمله، نحتاجه قبل أن يُكشف لنا يوم لا ينفع الندم ولا وقت للتراجع ولا فرصة للتعديل. وما ينطبق على الفرد ينطبق على المجتمع ، فالتوحيد الرباني للمجتمع هو الذي يكون مصدره في التشريع والاحتكام وسائر الأعمال هو الله وحده في كل شؤون الحياة بلا استثناء ، والتوحيد الانتقائي للمجتمع هو الذي ينتقي من التوحيد ما يتناسب من الأهواء والشهوات ويدَّعي أنه مجتمع رباني ببعض المظاهر الكاذبة  لإرضاء النفوس وخروجاً من الحرج المنكوس.

إنَّ شجرة التوحيد تُثمِر الراحة والطمأنينة والحياة الطيبة للفرد. كما أنها تُثمر العزة والرفعة والانتصار والتمكين للمجتمع. وتلك سنة الله ولن تجد لها تبديلا ولا تحويلا.وعلى مقدار ما تزرع تكون الثمرة  :” إنَّك لا تجني من الشوك العنب” .وأظنك تستعد الآن في البحث عن نوع توحيدك(نا)؟

فيديو مقال ما نوع توحيدك؟

أضف تعليقك هنا