قطار الغربة

في دروب الغربة 

ما الداعي للاستمرار في الغربة طالما أنك فقدت القوة البدنية والذهنية والنفسية الخاصة بك لتكملة ذاك المشوار الطويل المحفوف بالمخاطر، أهي المادة وبريقها والطمع الزائد في توفير المزيد والمزيد أم ماذا؟ التفكير في تأمين مستقبلك ومستقبل أبنائك وقد يصل الأمر بالبعض منا أن ينظروا إلى الأحفاد، ضياع العمر والمشيب المبكر علامات واضحة على عذاب السنين في دروب الغربة ، طاحونة الغربة لا ترحم ولا تترك فردا إلا وقد أخذ نصيبه من المرار ألوان، يا نفس حمليني زكائب الأوجاع فسوف أسير ولا أشتكي فقط كفاك دفع لكي أغرق وسط أمواج متلاطمة من الأحزان، كل قطار له محطة نهائية أما قطار الغربة فلا نهاية له ولا يعلم المرء متى تأتي اللحظة التي ينزل فيها من القطار، الغربة كأسنان المشط متساوية في الشقي والحزن ومساحة الفرح فيها قليلة وقد تكون شبه معدومة، المشط له نهاية وهي تلفه بالكامل مثل الغربة تماما فقد ترجع في تابوت من الخشب وقد وهمت نفسك طوال السنين أنك أكملت رسالتك على أكمل وجه.

منعكسات الغربة على حياة المغترب وعائلته

يهرب المرء من سجن بلده ويأتي للغربة في بلد ثان وأحيانا ثالث وأحيانا سواحا بين البلدان حالما ولكنه في الحقيقة يبحث عن سجن آخر واسع مقابل حفنة من الأموال وفي النهاية قد تكون غير كافية ومرادك في الآخر لسجنك الأول، بكاء الأهل والأولاد عند الفراق تحفر في الذاكرة وتعيش به حتى ترجع مرة أخرى يخف الوجع معها والحزن قليلا وذلك حتى موعد الوداع ، وحتي إن عشت أنت وزوجك وأولادك بجانبك في الغربة، فمصيرك في النهاية العودة من حيث أتيت وقد فقد الأبناء تراب الوطن وقيمة الانتماء وزوال العادات والتقاليد، فعند العودة النهائية وبعد أنك عدت بالثروة والأموال الكافية أصبحوا غرباء في وطنهم الأم وسوف يأخذوا من الوقت لكي يعودوا إلى طبيعتهم، لا معنى للبناء خارج الوطن ولا يضاهيه شعور البناء في الوطن الأصلي، ما أجمل أن تأخذ من الغربة ما يكفي لعيشة كريمة والعودة بسرعة للوطن وتبدأ عندها تعود المياه إلى مجاريها وتغتنم لحظات لا تعوض قد تفقدها في رحلة الغربة، موت المشاعر والأحساسيس في الغربة وتصبح الذكريات التي نشأت عليها هي التي تصبرك علي ما تواجهه من آلام تعيشها لوحدك في الغربة، تحديد الهدف أفضل من انتظار التفكير والمرابحة على أهداف في الغربة قد لا تصل إليك، لحظة الفراق لا يعدلها كنوز الأموال التي تفني عمرها في تحصيلها، الوضع الاقتصادي ليس السبب في الظروف وإنما غياب العلم والتفكير والتخطيط والمجازفة في فعل شيء على أرض الواقع ، والرزق بيد الرحمن ولا يرتبط ببلد دون غيرها ، أحيانا تفرض الظروف الطاحنة ضريبة الغربة ولكن العاقل هو من يحاربها ويستطيع التغلب عليها، الأحضان ومحاوطة الأهل والأحباب والأصحاب والأصدقاء مغقودين في الغربة ولن تجد مثيل لهم في أي مكان سوي في بيت الوطن وكنف العائلة.

لا نهاية للشقاء في دروب الغربة

جدران الخوف في الغربة تتكون من مشاعر الحزن والحرمان ، طريق الغربة مفروش بالأشواك التي تدمي الأقدام وكلما عبرت من واحدة كانت الأخرى في انتظارك، الضحكة في الغربة تخرج مجروحة بحزن داخلي، تحكم أناس آخرين يترك في نفسيتك شيئاً حتى وإن نلت أعلى المناصب فالتحكم أشكاله كثيرة وإن قل الشعور به فهو بالطبع موجود ولا هروب منه، ضياع العلم الذي أفنى المرء في حياته ويذهب لعمل آخر بعيد كل البعد عما درسه ولكن مع هذا لا نستطيع أن ننكر البعض يعمل بمؤهلاته ولكن مقارنة بعدد الآخرين فالكفة غير كافية، اللهم هون علينا غربتنا وأن نجد كل منا الفرصة المناسبة لغلق كتاب الغربة وليس بالضرورة تكملة صفحات الكتاب لآخره، فمن الممكن أن يكون المستقبل الأفضل ينتظرك في بلدك فلا تتأخر كثيرا فبدلا أن تعود باختيارك تعود غصبا عن إرادتك …

فيديو مقال قطار الغربة

أضف تعليقك هنا