تداعيات فيروس “كورونا” المستجدّ: إيقاع متناغم بين المرئي واللامرئي

بقلم: سمية الحمداني

ما هذا الفيروس اللامرئي الفتاك/القاتل، واللعين/الملعون؟ ما مدى تداعياته الخطيرة وخلفياته المتناقضة؟ ما الذي تراه العين وما الذي لا تراه؟ هل هناك ما يغوي العين وهي تلامس فتحايث واقعا يغزو فيه فيروس غير مرئي محاولة التعبير عن أبعاده المتحجبة عن ذهنية الفنان وذهنية المتلقي؟ كيف تستبطن عين الفنان هذا الفيروس المستجدّ من خلال رؤية مجهرية لرؤية تشكيلية لها تصوّرات لامتناهية غايتها غد أفضل؟ مقال يتحدث عن الرسومات التعبيرية عن فيروس كورونا ويمكنك قراءة المزيد من المقالات التي تتناول جوانب فنية من هنا.

     

رؤية مجهرية لفيروس كورونا المستجد

كورونا أربك العالم

يعتبر فيروس “كورونا” المستجدّ هاجس اللحظة..هاجس قد أربك العالم..هاجس مخيف له إيقاع مخيف ووقع مرعب..إيقاع فتاك يفتك بالبشرية حسب سلالات متنوّعة..فيروس خفي لامرئي..لا يرى بالعين المجرّدة، صغير الحجم، سريع الانتشار، وكثير العدوى..يتذاكى فيتصرّف بطريقة مختلفة عند انتقال العدوى..مما يشير إلى تغيّراته في ظلّ انتشاره واختلاف فترات حضانته في ظهوره وظهور عوارضه المتناقضة..وباء جعل العالم بأسره متقدّما كان بتكنولوجياته الحديثة أو متخلفا بحسب إمكانياته البسيطة عاجزا عن التصدّي له وإيجاد لقاح ملائم للحدّ من انتشاره والحدّ من أضراره الجسيمة..وباء تغلغل بوتيرة متسارعة فأثار الفزع في صفوف البشرية وهدّد الكرة الأرضية بكثرة الإصابات وتعدّد الوفيات..فيروس قد غير موازنات القوى والمعادلات بين دول العالم في شتى المجالات (الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والسياحية والثقافية…) فجعل الحقائق تتمظهر والأولويات تتجدّد.. كوكب يتجدّد بسرعة دون تدخّل البشر والطبيعة تتنفس.. حياة هشة إلى حدّ وجب التعايش فيها بحذر..حذر يترجم رهافة بشرية لا حيلة لها أمام القدرات الالاهية.. لذلك، فلا آمان دون الله ومشيئته ولا ملجآ غيره..أولويات  قد عكست أهمّية الجانب الصحّي والعلمي ودول متقدمة تراءى عجزها أمام فيروس لا يرى.

حسب هذه الحيثيات، لقد بدا هذا الفيروس كوحش كاسر يداهم البشرية جمعاء في كلّ أنحاء العالم. وباء ينذر بخطر محدق جعل الفقير فالغني والضعيف فالقوي يهتز في مشاعره قلقا وخوفا. مما جعل كلّ الفئات تتساوى وتتعايش هذا الرّعب. وتستمرّ “الكورونا” في انتشارها المتسارع بأنواعها المتباينة. انتشار وبائي ينتقل من دولة لأخرى عبر إنسان لآخر. فتنتقل العدوى عبر حاسّة اللمس : “لمسة قاتلة”. فتتحوّل من معناها المادي الحقيقي إلى معنى آخر يكسوها. فبعد أن كانت حاسّة اللمس علامة رمزية للسلام والتفاعل التواصلي والتعارف الاجتماعي أصبحت علامة رمزية لانتقال العدوى وحتى علامة للموت المحتم. علامة تبث الهلع في النفوس.

في زمن هذه الجائحة، تساقطت الأقنعة وسقط جبروت الإنسان بفيروس لامرئي. فانقسمت البشرية إلى أصناف : سياسيون مرتعبون من هذه الأزمة الشاملة على جميع الأصعدة والميادين المختلفة ومحاولة إيجاد حلول متناوبة فحجر صحي متعالق. مجموعة من الأطباء حاولوا معالجة المرضى ومراعاتهم ونشر سبل الوقاية من هذا الفيروس وتجاوز مخاطره وخطورته اللعينة.. فئة من عامّة الناس قد استقطبها الخوف من كلّ صوب وجانب وأحاط بها القلق : خوف من الفيروس وخوف من كيفية مزاولة المعيشة  في ظلّ ظروف صعبة.. فنانون قد عبّروا عن ضرورة داخلية وهواجس خفية نابعة من الأعماق بتناول هذه الظاهرة الوبائية وفق تعابير متباينة.. بحيث، تستلزم الرّؤية الفنية حوارا بين ما هو مرئي وغير مرئي. وتنجلي، عن هذه الجدلية الثنائية، إدراكا لما حولنا باستظهار الفيروس اللامرئي لجعله مرئيا بتصوّرات ورؤى متناقضة تربك المشاهد والرّؤية المألوفة. مما يستدعي للتساؤل: هل الإدراك البصري، ضمن هذا السّياق، يؤدّي إلى تدعيم الجانب اللامرئي لمزيد استكشافه واستكشاف حقائقه المجهرية المستترة والمخفية بين طياته أم انه أصبح ذو شمولية تتجاوز حدود الرّؤية الاعتيادية التي تنم عن محدودية إدراك المرئي للغوص في أعماق اللامرئي ومخاطره لإدراجه عبر دلالات لامتناهية والتي تنشد إلى غد أفضل وعالم مشرق؟

رؤية مجهرية لفيروس كورونا المستجد

ما الغاية من الفنون التي تعطي تصورات عن فيروس كورونا؟

في بوتقة هذا الفيروس اللامرئي في جوانبه وأبعاده، تنقلب المعادلة الفنية. بحيث يدلي بقوله “بول كلي”: ” الفن لا ينتج المرئي بل يجعله مرئيا”[1] في حين أنّ كلّ فنان  قد استقطب هذا اللامرئي ليجعله مرئيا بطرق تعبيرية متباينة. فقد خلق، بذلك، كلّ فنان عالما لذاته..عالم أفضل من الواقع الذي تعايشنا معه فترة الحجر الصحّي ونتعايش معه إلى يومنا هذا بحذر.. واقع منشود فمشرق يخلو من الضغوطات والقلق المتزايد.. وفي شتى الأحوال عالم ملوّن مختلف ومتناقض عن غيره من العوالم. ففي الاختلاف، قد نجد التميز والأصالة التعبيرية التشكيلية. وبذلك، يتمظهر الفيروس بطريقة إيحائية للكشف ما خلف اللامرئي في المرئي المشكّل. “فضرورة الفن ليس في كونه ينسخ صورا للواقع المرئي وإنما في مقدرته على جعل ما هو خلف العالم المرئي قابلا للرّؤية” رؤية تتجاوز المعتاد والواقع المتضرّر والذي قد أطلق صيحات فزع ورعب قد تناهت إلى مسامع العالم بأسره..رؤية مجهرية للامرئي المتناهي في الصغر الكثير الضرر. لذلك، أطرح تساؤلات من جديد: ما غاية الفن؟ هل على الفنان التشكيلي أن يكون فيلسوف ذاته ليتميز بأسلوبه وتصوّراته أخذا بعين الاعتبار بالتأثيرات الخارجية والمؤثرات الطاغية في الواقع؟ وهل عليه أو بمقدرته أن يحوّل فيغير أي واقع إلى رؤية فنية مرنة قابلة للتشكل والتشكيل فالتأويل المتناوب؟

تساؤلات قد أرست تفاعلات تشكيلية انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي والفضاءات الافتراضية بعد أن أغلقت قاعات العرض والالتزام بالحجر الصحي..حيث أصبحت هذه الفضاءات كمساحة للتواصل والتفاعل بين الفنان والمشاهد/المتأمل. بحيث أدلى الفنان التونسي “سامي بن عامر” بقوله “..لم يعد الفنان التشكيلي رهين قاعة العرض القادرة بمفردها التعريف بأعماله. وما نحن نلاحظه اليوم من ظهور منصات افتراضية تهتم بتسويق الأعمال الفنية ليس إلاّ ترجمة عن هذه النقلة النوعية”[2]. نقلة نوعية تباينت فيها العناوين. فاختلفت الأعمال الفنية في مداولاتها التشكيلية المتناوبة وفي سياقها الإبداعي رغم اشتراك أغلبية الفنانين إثرها في عنصر استلهامهم للتفاعل التشكيلي. فأصبحت صفحة “الفايسبوك” بمثابة معرض فني وموقع ثري بثراء هذه الأعمال وتقنياتها التعبيرية. فتوالفت الأبعاد الجمالية والتقنية مع التفاصيل الجوهرية والمضمونية عبر موازنات متناسقة. موازنات قد أنتجت تداخلا متشابكا شكلا فمضمونا في عناصرها البصرية لاستكشاف مجالات إبداعية متجدّدة في بداياتها ومعاييرها ومحتوياتها.

بعض الفنون و الرسومات التعبيرية عن فيروس كورونا

الرسومات التعبيرية عن فيروس كورونا للفنانة التشكيلية هندة بوحامد

فيتجلى عمل الفنانة التشكيلية “هندة بوحامد” المعنون “بسلسلة ضدّ كورونا” متناغما في تجلياته الشكلية واللونية. فيغلب اللون الأزرق بعمقه ليمتدّ على المحمل الدائري الشكل ويستقطب المساحات اللونية الحارّة والمتوهّجة. ومثلما يفصح “فاسيلي كاندنسكي” بقوله “إن عمق اللون الأزرق يجتذب المرء نحو اللامتناهي فيوقظ فيه رغبة النقاء والتعطش إلى الخارق الطبيعي”[3]. عمق نقي صاف وتوهّج حارّ مشع يثيران عين المتأمل عبر تجريدية تعبيرية غنائية تبث حركية وذبذبات متسارعة في تكوينها المتناسق. تجريدية غنائية حالمة تحلم بزوال هذا الفيروس. فهي تبعث من خلال عملها التصويري برسائل غير مشفرة توحي بجمالية العمل. جمالية تنفي بشاعة هذا الوباء ومخاطره. مما يحدث شعرية بصرية تتجسّد وفق علاقات تشكيلية متضافرة في شكلياتها اللونية. شعرية بصرية  تتواصل في حيثياتها المتلوّنة من فنان لآخر.

هندة بو حامد: سلسلة ضدّ كورونا.

اكريليك على قماش ملصق على قرص دائري

من الخشب، قطر القرص 30 صم.

فترتسم، وفق هذه المنطلقات التصويرية، انفتاحات نحو صفاء الرّؤية لاتساع أفق الواقع عبر ابسط الوسائل التعبيرية. انفتاحات حاولت بدوري إثرها التعبير عن هذه الظاهرة وعن القلق الذي انتابني عبر ملامسة الفراشي لتملك فراغ القماشة أو المحمل الورقي. فراغ يوحي بالسكون وواقع يوحي بتوتر داخلي. مما يحدث ثنائية السكون/الهاجس المتحرّك. فتعكس إجرائية إنشائيتي في عملي التصويري الأول والمعنون “بإيقاع الكورونا يتشعّب فيمتدّ” تشعبات شكلية/لونية/خطية حاملة للون الأزرق الصافي. فتتلوّن التشعبات الوبائية على محمل يغزوه الصفاء. صفاء يسيطر على الاجتياح بامتداداته وتفرّعاته الخطية الحاملة لخاماتها الورقية وللونها الدّهني الأبيض. سيطرة تشكيلية تستبعد أيضا هذا الفيروس الفتاك الرهيب. فتعكس إيقاعا متناوبا فمتحرّكا يخوّل للمتأمل التجوال في أرجاء الفضاء التصويري من زوايا مغايرة كاختراق للمتخفي اللامرئي وفق مجال منفتح بلا نهايات معيّنة. “فيكمن جوهر الإيقاع في الحركة ومن المعروف انه أينما توجد الحركة فان الزمن يلازمها”[4]. زمن تتالى وفقه التشكلات للعناصر الفنية في عملي التصويري الثاني المعنون “بلا للكورونا”. حيث يتوسّط الشكل الدائري المحمل داخل إطار تعانقه الخطوط المتهافتة في تكرارها المتتالي والمساحات اللونية المنصهرة بلونها المميع مع خلفية المحمل. مما يضفي نمطا تشكيليا متناغما وديناميكيا في تجلياته. فتتشكّل وحدة بصرية تتبادل وفقها الموازنات اللونية/الشكلية/الخطية وتتوازى الفاعلية التصويرية حسب علاقات مشكّلة. وحدة بصرية تدعم جدليات ثنائية وأهمها المرئي/اللامرئي كازدواجية ذات انطباعات فنية مضاءة.

                                                 

سمية الحمداني: العمل التصويري الأول.

إيقاع الكورونا يتشعّب فيمتدّ، تقنيات مزدوجة على

محامل متنوّعة، الإطار الأول 27/22.5صم، الإطار الثاني 18/18صم.

                                                                                           سمية الحمداني: العمل التصويري الثاني (مقتطع).

                                                                             لا للكورونا، تقنيات مزدوجة على قماش،40/42صم

الرسومات التعبيرية عن فيروس كورونا للفنانة التشكيلية منال علولو

“إن الفن يستوجب أن يكون تعبيريا. فالفن الحقيقي وجب أن يضفي على الأشياء حياة مختلفة”[5] بعد تعبيري ينجلي كتشكيل حيوي مغاير يبرز في عمل الفنانة التشكيلية “منال علولو” والمعنون “بكورونا فيروس”. فتترسخ خلايا لونية تتفرّع فتتجاور وتتداخل فتتشابك عبر شكليات لونية ذائبة… تفرّعات متنوّعة الحجم تتشكل عبر اتجاهات ذات دوران حلزوني لا متناهي. فتجتاح الفضاء التصويري ضمن إشعاعاتها اللونية الحارّة في تناقضها مع التشكلات اللونية المخضرة. وهذه التنوّعات تفرز بدورها إيقاعا لونيا وحركة شكلية ذات غنائية لونية متكاثرة على نحو متزامن. حركة مفعمة بطاقة ايجابية في تموّجاتها  اللونية وكأنها توحي  بالانفتاح نحو انبعاث متجدّد من اجل محيط أجمل مضيء إضاءة ساطعة.

منال علولو: كورونا فيروس.

تقنيات مزدوجة على قماش، قطر الغربال 30صم.

ففي الإبداع الفني، تتجدّد الإحداثيات الفنية لتتراوح بين جدلية الثابت والمتغيّر. فينفتح، بذلك، المجال التشكيلي دوما لاستقطاب إشكالات تعبيرية متناوبة. فتترسّخ الأبعاد الفنية لترويض هذا الفيروس كتعلة فنية قوامها تخطي فتجاوز هذا الواقع الرهيب  لإحداث نظرة جديدة في الرّؤية. ومثلما يقول “بيات موندريان”: ” ينبغي على النظرة الجديدة في الرّؤية أن تقودنا إلى مجتمع جديد كما قادتنا إلى فن جديد، مجتمع يجمع بين عنصرين ذي قيمتين متعادلتين : مادّية وروحية، مجتمع بنسب متناغمة”[6]. تناغم بين المرئي واللامرئي يتأقلم وفقه كلّ فنان تشكيلي بحسب رؤيته الفنية وحسب تصوّراته الفكرية ليضفي شحنات تعبيرية متجدّدة. وبذلك، ينتج كلّ فنان من ممارسته ونظرته ومعالجته الفنية مقترحات تصويرية فمقاربات مشكلة في موازاة بين ما يحيط به وهواجسه المتهافتة. وعلى حدّ قول “سامي بن عامر” : “أن تكون تشكيليا  يفترض أن تكون قادرا على التفاعل مع وضعيات مختلفة ومتغيرة. ولعله من الطبيعي جدا أن يتفاعل الفنان مع هذه الوضعية التي تعيشها الإنسانية جمعاء. وهي فعلا ملهمة له بل تدفعه إلى التفكير في عديد المعاني ذات العلاقة بوجودنا اليوم وبالعلاقات في ما بيننا. فليس من الهين أن تصبح مصافحة الآخر وتقبيله مصدرا للموت”[7]. تفاعل تناقضت فيه التصورات الفنية وتغيرت معادلات التلقي. تصوّرات تحاول نشر التفاؤل لاشراقة متجدّدة ومضيئة لواقع متجدّد يأمل كلّ فنان فيه اندثار هذا الفيروس اللعين.

الرسومات التعبيرية عن فيروس كورونا للفنان التشكيلي سامي بن عامر

في هذا الإطار الفني الثري بحيثياته المشكّلة، اذكر على سبيل المثال واخصّ بالذكر معرض الفنان التشكيلي وأستاذنا القدير “سامي بن عامر” المعنون “بلمسة مميتة“. هو معرض افتراضي ثلاثي الأبعاد قد ضم 20عملا فنيا. وهنا بالذات وفي هذا الموقع الفني المترف بتصوراته وتقنياته، ينطلق فيبدأ الحديث وقد لا ينتهي حيث تتزاوج اللغة الإنشائية مع اللغة التشكيلية. ومثلما يقول “بول كلي” “…الأعمال الفنية تتكلم وحدها لغة تخصّها”[8]. لغة ليست ككلّ اللغات في معرض فني قد تناول هذه الظاهرة كإطار تعبيري. بحيث يعرب بقوله : “بحكم الحجر الذي فرضه الوباء على الجميع تخليت على التنقل إلى مرسمي للعمل فيه وجلست في المقابل أمام الحاسوب لانجاز مجموعة رسوم رقمية. وقد سعيت أن تترجم هذه الأعمال ما عشناه ولا زلنا نعيشه في زمن هذه الجائحة. فاللمس هذه الحاسّة الأساسية للإنسان ومصدر الرقة والطاقة والمرادف للتواصل والمداعبة والمودّة والتواصل والتجسيد العاطفي ورمز الإنسان الاجتماعي أصبح ممنوعا  ومراقبا بل مصدرا للهلاك وهو ما يعبّر عنه عنوان المعرض لمسة مميتة”[9] . فالعنوان في حدّ ذاته مثير. يثير ويعكس فيؤيّد خطورة هذا الفيروس وسرعة انتشاره عبر لمسة فمصافحة مميتة. فالتواصل بالمصافحة أصبح منبعا للعدوى ومصدرا لهلاك حتمي. لذلك، قد اهتم الفنان باللامتوقع ليفتح المجال التشكيلي  في ممارسته التصويرية أمام تجليات تعبيرية غير متوقعة. تجليات تعبيرية تتميز بتلقائية الحركة  المتوافقة مع ميكانيزم الإنشاء في اغلب أعماله التصويرية والرقمية.

                                             

سامي بن عامر:  عمل رقمي.

ضد العدوى ومن اجل عالم أجمل، تهديد 5 أو لمسة مميتة.

                                                                  سامي بن عامر:  عمل رقمي.

                                                                                        ضد العدوى ومن اجل عالم أجمل، تهديد 6 أو لمسة مميتة.

                                                   

سامي بن عامر:  عمل رقمي.

ضد العدوى ومن اجل عالم أجمل، تهديد 12 أو لمسة مميتة.

                                                                                               سامي بن عامر:  عمل رقمي.

                                                                              ضد العدوى ومن اجل عالم أجمل، تهديد 10 أو لمسة مميتة.

إذا حسب هذا النمط التشكيلي المسترسل في تزامناته والمتناغم في شكلياته، يحتلّ الشكل الدائري وبشكل مغاير من عمل فني لآخر فضاءه الرقمي في سلسلة من أعماله: أعمال شعارها الفني “ضد العدوى ومن أجل عالم أجمل”. شعار فني يحتوي علاقات تشكيلية ذات وصلات إيقاعية شاعرية متناقضة في تلوّناتها وتناغماتها المتراسلة. وصلات إيقاعية لا متناهية ولا مجال لحصرها حيث نتأملها فنبصرها في تكرار نمطها الشكلي المنسّق و تتناهى إلى مسامعنا في فيض من الخيال.”فالصّورة إذن هائمة بين الشكل والفكرة، ولكل منهما سلطته على الحيز المعنوي لفيض الخيال الذي يغلب طرفا على آخر، الشكل الذي هو ظاهرة ثابتة يحققها الخيال عن المتصوّر. ولا يمكن تغيير مواصفات تحققها إلا باستدعاء مفاهيم مغايرة ومختلفة، تؤسّس لبناء الأشكال الجديدة إذ يبقى الشكل هو ذاته، أو ما حققه من شروط تواجد تتعارف عليها الكائنات المتعاملة معه (سلبا أو إيجابا). ولا يمكن تغييره إلا بتغيير شروط تحققه عبر تبديل لغة صياغته والهدف منه بلغة تقتحم الفكرة من الصورة والمشاعر أو الأحاسيس الذي سيجري استبدالها للتدليل على العلاقات الجديدة… وعلى ارتباط شامل ولا متناه مع الواقع (الواقعي أو الافتراضي) الذي نعتبره كونا في تشكيل ذات الشكل”[10]. صورة فنية هائمة في اللامتوقع والافتراضي لتحقيق فإحداث موازنات تشكيلية تعانق المضمون الجوهري للعناصر الفنية.

وتجتاح هذا الشكل الدائري المكوّن للتراكيب المشكلة (في العمل الرقمي تهديد 5 وتهديد 6) شخوص آدمية “مكوّرة ومشوّكة” متجاورة ومتراصة فمتفرّعة عبر اتجاهات مختلفة وكأنّها في صراع ابدي للبقاء. فيتشكل خطاب فني مشكل لألحان تراجيدية تتوالد إثرها الشخوص في جو غنائي حالم بعالم ليس ككل العوالم. عالم نقي، شفاف فشعرية بصرية تتواتر فيها أشرطة لونية شفافة في حضورها التشكيلي في اتجاه أفقي (في العمل الرقمي تهديد12) وأخرى مائلة (في العمل الرقمي تهديد10). أفقية متموّجة وميلان شرائطي متعرّج يحدثان في موازناته التعبيرية ديناميكية متغيرة. ديناميكية قد تحوّل وفقها “فانتقل النص التصويري من مستوى الدلالة إلى مستوى التدلال يوحي ولا يقول شيئا. بحيث يكون وعاء للمعنى ويقدم نفسه المعنى ذاته في الآن نفسه ليجد المتلقي نفسه إزاء فضاء رمزي”[11]. فضاء رمزي  ذو أبعاد جوهرية مؤثرة تنفتح كنافذة مطلة على رؤى مغايرة للواقع الراهن والمعاش. فهي تجربة فنية تتسم ببحث دؤوب ومتواصل عبر إبداع متناوب. بحث لا ضفاف له ولا متناهي. رحلة إنشائية تترجم عن تصوّرات متراكمة تجتاح تفكيره وأحاسيسه المتهافتة. بحيث يدلي الفنان بقوله “رحلتي الفنية مغامرة أعيشها بكلّ شغف وبكلّ حب ومسؤولية أيضا. وما أسعى إليه هو هذا التواصل في البحث المتراكم مع المحافظة على عنصرين هامين وهما الفصل والوصل فيما أنجزه. فصل حتى لا أكرّر نفسي ووصل حتى أحافظ على الخيط الرابط في مسيرتي الفنية. لقد سعيت دائما أن تكون رسوماتي ذات خصوصية من حيث تقنياتها وتفرّعات هذه التقنيات، وذات بعد مفاهيمي أتطرّق إليه في نصوص إنشائية واستيطيقية في كلّ معرض أقدّمه”[12]. خصوصية تتحدّد حسب تلاقح مدركاته وتأثراته الفنية.

خصائص ومزايا الفن التشكيلي

فيؤثث الفنان”سامي بن عامر” رؤية مبنية على معرفة وخبرة فنية فخطاب تشكيلي موغل في الزمان والمكان. “فخبرة التشكيل أهمّ من الشكل النهائي”[13]. إذ يحمل العمل التصويري أو الرقمي في طياته حركية نابضة لفنان عاشق لفنه ولميدانه فمتمكّن من آلياته التعبيرية: عشق لا يوصف وقد يتخطّى كلّ اللغات. ولذلك، تمثل فترات عمله التشكيلي ثرية ومتحوّلة تتشكّل فتتوحّد في تواصلها التعبيري. تواصل تعبيري متدفق يخول للمتأمّل الإبحار فالغوص في عالمه التصويري.. في عالم التشكيل الرّقمي.. عالم المقوّمات الفنية المنفتحة على حالة من الخلق والإبداع المسترسل..إبداع لا يصل إلى السّكون.

في ظلّ واقع غير مألوف.. واقع يكسوه فيروس قاتل، عدوّ للبشرية، تتغير المعادلات بحسب نوعيته ونوعية خطورته وحلقات العدوى المستمرة في انتشارها. حلقات عدوى متسارعة ومخيفة تحدث اضطرابات في الذات. بحيث يعيش الجميع على وقع الخوف المتزامن من هذا الوباء المتفشي بإحداثيات متجددة وعوارض متناقلة من شخص لآخر. ولذلك، لسائل أن يسأل وحسب ما تداول من أقاويل: هل هذا الفيروس هو وباء طبيعي بمشيئة الله أم أنه من صنع الإنسان والذي انتشر بداية من الصّين ليغزو كامل أرجاء العالم؟ هل ستضعف طاقته ويندثر أم سيعيش مع الإنسان فيتعايش معه بحذر وتوخي إجراءات الوقاية اللازمة؟ هل بالفعل وجد اللقاح الضروري للتخلص من هذا الفيروس اللعين؟ تظل هذه التساؤلات منفتحة دوما على المستجدات الذي نشهدها حاليا وما سيشهدها العالم ومتعلقة بأمل وتفاؤل يستطلع لآفاق حياة متجدّدة. حياة تخلو من الضغوطات الداخلية تتعاقب وتيرتها اليومية حسب أحداث اللحظة الراهنة. (شاهد بعض مقاطع فيديو موقع مقال على اليوتيوب).

قائمة المصادر والمراجع الفنية

المؤلفات

  • كوستين(ف) يوماتوف (ف) لغة الفن التشكيلي، ترجمة برهان الشاوي، منشورات دار الثقافة والإعلام، الشارقة دولة الإمارات العربية المتحدة، 1997.
  • عيدابي (يوسف): مرايا الرؤى في شان بلاغة التشكيل، الشارقة دار الثقافة والإعلام.
  • كلي (بول): نظرية التشكيل، ترجمة وتقديم عادل السيوي، الطبعة الأولى، دار ميريت، شارع قصر النيل.
  • مارلوبنتي (موريس) : المرئي واللامرئي، ترجمة وتعليق سعاد محمد خضر، الطبعة الأولى.

الدوريات

  • مجلة “العربي الجديد”.
  • مجلة الشروق الايماراتية، في الأسبوع الثالث، من شهر ديسمبر،

Les ouvrages

  • Klee (Paul) : Théorie de l’art moderne, Ed Folio, essais, 1985.
  • Kandinsky (wassily): Du spirituel dans l’art et dans la peinture en particulier, Ed, établie et présentée par Philippe Sers A.D.A.G.P, 1987, Ed, Denoël, 1959.

Webographie

http: //fr.Wikipédia.org/Wiki/friedensreich-hunder twasser.

[1] « L’art ne reproduit pas le visible, il rend visible » Klee (Paul) : Théorie de l’art moderne, Ed Folio, essais, 1985, p 34.

[2]  في حديث للفنان سامي بن عامر في مجلة “العربي الجديد”.

[3]«Le bleu profond attire l’homme vers l’infini, il éveille en lui le désir de pureté et une soif de surnaturel » Kandinsky (wassily): Du spirituel dans l’art et dans la peinture en particulier, Ed, établie et présentée par Philippe Sers A.D.A.G.P, 1987, Ed, Denoël, 1959.

[4]  كوستين(ف) يوماتوف (ف) لغة الفن التشكيلي، ترجمة برهان الشاوي، منشورات دار الثقافة والإعلام، الشارقة دولة الإمارات العربية المتحدة، 1997، ص 32.

[5]“L’art doit être expressif, l’art véritable doit donner aux choses une vie différente » http: //fr.Wikipédia.org/Wiki/friedensreich-hunder twasser.

[6]  ذكرت في كتاب لعيدابي (يوسف): مرايا الرؤى في شان بلاغة التشكيل، الشارقة دار الثقافة والإعلام، ص 23.

[7]  في حديث للفنان سامي بن عامر في مجلة “العربي الجديد”.

[8]  كلي (بول): نظرية التشكيل، ترجمة وتقديم عادل السيوي، الطبعة الأولى، دار ميريت، شارع قصر النيل، ص 118.

[9] في حديث للفنان سامي بن عامر في مجلة “العربي الجديد”.

[10]  مارلوبنتي (موريس) : المرئي واللامرئي، ترجمة وتعليق سعاد محمد خضر، الطبعة الأولى، ص 18.

[11] كوستين(ف) يوماتوف (ف) لغة الفن التشكيلي، ترجمة برهان الشاوي، منشورات دار الثقافة والإعلام، الشارقة دولة الإمارات العربية المتحدة، 1997، ص 95.

[12]  في حوار مع الصحفية وحيدة المي، صدر في مجلة الشروق الايماراتية، في الأسبوع الثالث، من شهر ديسمبر، 2019.

[13] كلي (بول): نظرية التشكيل، ترجمة وتقديم عادل السيوي، الطبعة الأولى، دار ميريت، شارع قصر النيل، ص 38.

بقلم: سمية الحمداني

أضف تعليقك هنا