عبودية الأفكار بين الحقيقة والتحرر

كما هو معلوم، فالمتلقي غالبا ما يعيش تحت ايديولوجية الاستهلاك، وهذا الأخير يعد خطرا كبيرا على الحياة الاجتماعية والثقافية…، فعلى الرغم من كونه سيرورة الحياة، إلى أنه قادر على قلب الموازين رأسا على عقب، فالأفكار هي تلك الانفعالات العقلية والجسدية والنفسية أحيانا، بها يعبر الانسان عن ما بداخله. (عبودية الأفكار). (اقرأ المزيد من المقالات على موقع مقال من قسم مهارات شخصية).

أنواع التقديس الفكري

وقبل الغوص في لب وقلب الموضوع، نقسم مفهوم التقديس الفكري إلى قسمين:

  • السياق الكلاسيكي: كان قديما المتلقي يضع نفسه مكان الناقد الحر، لأنه وبكل بداهة لم تكن المعلومات جاهزة رقميا كي يستهلكها دون اي تمعن، يرى الافكار من منضوره المنطقي السائد مع عصره مقارنة بنمط عيشه. بمعنى لم تكن تلك الوسائل الكثيرة التي تشوش على صحة الافكار، وبالتالي تصبح الفكرة محط اهتمام كبير من طرف النقاد العاديين.
  • السياق العصري:وهو ما يهمنا في موضوعنا، الآن ومع ظهور ما يسمى بمواقع التواصل الاجتماعي، (أحب تسميتها بمواقع الانفصال الاجتماعي- يمكن القول انها عامل مساهم في التواصل الاجتماعي، لكن تبقى عامل يفصل بين أفراد المجتمع- الأسرة)، زمن امسى فيه الكل يرى نفسه عالما، أصبح المرء يحب ان يرى نفسه افضل، رغم كونه يمثل صورة الأخر، وهنا تكمن المعضلة، فعند نقل اي فكرة كيف ما كانت، ربما يخفق فيها وينقلها بشوائب، الانسان كائن مختلف، وليس فطري، وهذا ما يميز كينونته في الوجود، على الرغم من بعض الامور الفطرية المعهودة.جرب العيش المبرمج، على العيش الفكري، وانظر ايهم اقرب اليك!

مصطلح قدسية الأفكار

ومن أجل فهم المضمون، نستعين بمصطلح جوهري، ألا وهو -قدسية الأفكار-، فمصطلح العبودية، يندرج ضمن كل ما هو مقدس لدى الفرد أو الجماعة، إذن وفي سياق الكلمة، يمكن ادراج الافكار بطبيعتها العليا للأشياء المقدسة نظرا لسيطرتها على غالبية الشعوب، فهي بمثابة القوة التحريرية لهم، لانها قادرة على تغيير الفكر والثقافة الإنسانية.فكما نعلم الدين هو الذي يجعلك تراقب نفسك وتحصنها وليس الاخر، هكذا الحال مع الافكار، هي الدافع وراء نجاحك وليس العكس!. فالافكار، أو الفكر، هو مفتاح السلطة، به تسمو او به تندثر، وهذا حسب أسلوب اكتسابك!

كيف يمكن معرفة الافكار الصحيحة من الرديئة؟

ببساطة شديدة دون إجهاد عقلي، فكما نعلم أن المرء كائن ثقافي، فلا بد ان يكتسبة أو إن صح التعبير ان يطور نفسه، عبر تحريك الحس النقدي الذي به يعرف هل الفكرة سامية ام انها رديئة، لكن وعلى خلاف هذا، دائما ما نجد البعض ينجدب إلى ظاهرة الاستهلاك الغير معقلن.

التقديس الفكري من الأمور المرفوضة منطقيا، والخنوع يفسد فطرة الفكر. فالتقديس للافكار الغير الصائبة احيانا قد يعطينا جهلا من نوع مختلف…، الانسان بطبعه مخير بين الحرية (الحقيقة)، والخنوع (العبودية). لكن غالبا ما نجده يتبع مبدأ التقديس الفكري. وهذا الامر غير محمود، بل غير مقبول عقلا.لأنه في الحقيقة، الفكر البشري غير محدود، هو عبارة عن شيفرات صعبة التفكيك، الشيء الذي يضعه محل نقد.

هل يمكن التخلص من الرداءة في الفكر؟

سؤال يتطلب معرفة رصينة وبحث معمق، لماذا؟لأن هذا الإشكال العريض، ينم عن مدى وعيك ونضجك، حيث يمكنك التخلص ببساطة من الأفكار السلبية التي تراها غير منطقية وغير مؤهلة لقيادة نفسك نحو النجاح.اليوم ومع ظهور كُتاب من فئات مختلفة، ولأننا اليوم نعاني من أزمة كاتب حقيقي، الشيء الذي يدل عن اكتساح نظام جديد في الثقافة، ألا وهو التهافت وراء تحقيق الربح على حساب الكتابة. وهو العامل وراء ظهور نظام جديد يسمى بنظام التسلط، او التفاهة!

ومن هنا يمكننا الخلاص إلى نقطة أساسية، -العلم أو المكتبة العالمية، تحتاج لتعديلات على مستوى الرداءة من أجل التحرر من الاستعمار الفكري، يجب الايمان بمبدأ الاختلاف. فالانسان يكتسب المناهج من أماكن مختلفة، وهذا أمر جدير بالذكر، لكن الإشكال الرصين هنا هو، عن أدبيات اكتسابها!.

ما هي القيمة العلمية وراء اتخاذ الأفكار جاهزة؟

كسؤال بسيط، ما هي القيمة العلمية وراء اتخاذ الأفكار جاهزة؟ أقول لك باختصار شديد، ملكة الفكر هي معجزة التاريخ، ولا يمكن ان نحافط عليها بهذه الطريقة المعاصرة السلبية، بها يعطل الفكر الحر. لتكن حرا في فكرك، حاول ما استطعت ان تأخذ الأفكار وتقوم بإعادة تأهيلها، حتى تتناسب مع منطقك. “مبدأ اتباع الاخر في نظام افكاره هو السبيل وراء تحقيق خنوع تام، دون اي ادراك حسي”.

الإنسان يولد حرا  فكيف يتحول إلى نظام التبعية؟

الانسان يولد حرا، إذن كيف يتحول إلى نظام التبعية!. وللفهم اكثر اطرح سؤال كالآتي:هل الانسان بطبعه مخير بين الحرية في الفكر، ام انه تابع للغير دون أي ادراك؟ بكل اختصار أقول لك أن الإنسان في أصله حرا، لكنه أحيانا تابع للحتمية، منطقيا يجب على المرء أن يكون مستقلا في تصووراته وأفكاره عن أراء أي شخص أخر. وفي الاخير أختم كلامي باقتباس مقتضب “لا يغرك فكرك ولا مظهرك، فقط تكون تابعا لغيرك!”

فيديو مقال عبودية الأفكار بين الحقيقة والتحرر

 

أضف تعليقك هنا