بين فكي كوفيد-19 والحصار.. كيف ستجري الانتخابات القادمة في غزة؟

أخيرا.. وبعد حرمان دام قرابة خمسة عشر عاما من ممارسة حقهم الانتخابي، مليون مواطنا في غزة يستعدون لخوض انتخابات تشريعية ورئاسية، بداية من 22 أيار/مايو المقبل. ستأتي هذه الانتخابات وغزتنا بين مطرقة «الحصار» وسندان «كوفيد-19»، وكما هو الحال في جميع مجالات الحياة في غزة بعد «كوفيد-19» التي لم تعد كسابقتها ، يتوقع أن تمثل تلك الجائحة تحديا خطيرا على الانتخابات الفلسطينية القادمة خاصة مع تزايد عدد الإصابات المستمر في غزة. والتحدي الآخر والذي لا يقل خطورة هو الحصار المفروض على غزة منذ 15 عاما.

فهل ستكون تلك الانتخابات واهنة وشاحبة كأوضاع غزة المعيشية التي تفتقر للكثير من مقومات الحياة الأساسية ؟ أم سيكون بمقدور ذاك الشعب الجبار أن يبدع رغم التحديات كعادته  ؟هل ستمثل تلك التحديات نعمة أم نقمة؟ ربما يمكنني من خلال هذا المقال تحريك العدسة قليلا لليمين لتتضح الصورة أكثر.

الآثار السلبية للحصار على الانتخابات الفلسطينية القادمة:

  • يشكل الحصار أحد التحديات الجسام وخصوصا للمرشحين الذين سيكونون محرومين من الوصول لجماهيرهم في المناطق المختلفة.
  • بالإضافة إلى عدم السماح للمواطنين خارج الوطن بالاقتراع . ولا يمكنهم كذلك التصويت عبر الإنترنت كبديل للتصويت التقليدي حيث يُعْتَقَدْ أنه يشكل تهديدًا لسرية وأمان العملية الانتخابية.
  • وكذلك حرمان الأسرى في السجون الصهيونية من الانتخاب.
  • ولاشك أن قرار اللجنة أن من عليه الترشح يجب عليه تقديم استقالته بجدية من عمله ولا ضمان له إن لم يفز بإيجاد فرصة عمل أخرى بالإضافة إلى الرسوم الباهظة الغير المستردة المفروضة على كل مرشح يعني بوضوح أنه لا يستطيع الترشح إلا من يملكون الأموال الطائلة والمرشح البسيط لا يستطيع المنافسة أو إظهار إمكانياته وبرامجه في ظل هذه الشروط التي وضعت وميزت بين المرشحين ولم تراع الفروق بين المواطنين .
  • وكذلك يعتبر منع جيش الاحتلال توصيل الأدوات اللازمة للعملية الانتخابية من الضفة الغربية لغزة معيقا لسير العملية الانتخابية.

الآثار السلبية لجائحة كوفيد-19 على الانتخابات الفلسطينية القادمة

في غزة التي تعاني  بشدة من جائحة كوفيد-19 تقرر أن تكون الانتخابات في ظل الجائحة  بشكل قد يكون مختلفا كليا على ما اعتدناه

  • فالتجمعات الدعائية للمرشحين ستكون بعدد محدود جدا ولا ندوات عن قرب، وجميع وسائل الاتصال المباشرة محدودة ، مع تركيز الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي التي تخلط الصالح بالطالح، ومواقع إلكترونية تدعم من يدفع أكثر .
  • يتوقع ضعف الاقبال والمشاركة في التصويت لتردد البعض بسبب تخوفات الناخبين من الإصابة بالفيروس.
  • يعتبر كذلك منع المصابين بفيروس كورونا من المشاركة في التصويت. ورفض تفويض تصويتهم إلى شخص آخر، اجحافا بحق المواطن الذي لا ذنب له بإصابته بالفيروس الأوسع انتشارا.
  • وإذا اعتمد المرشحون للانتخابات على المقار الانتخابية للتواصل مع جماهيرهم  ، فربما ستكون بؤر لنقل العدوى بفيروس كورونا.
  • اذا ارتفع عدد المخالفات المرتكبة. من الممكن إغلاق مقار انتخابية وخصوصا اذا تواجد فيها أعداد كبيرة من المواطنين خلافا للتعليمات التي حددت التجمعات العامة لا تزيد على 25 شخصا.

الآثار الايجابية لجائحة كوفيد-19 على الانتخابات الفلسطينية القادمة

بالرغم من الآثار السلبية لجائحة كورونا إلا أنه قد تكون هناك آثار ايجابية على الحالة الانتخابية بشكل عام.

  • فإن الاعتماد المتزايد على وسائل التواصل الاجتماعي بأشكالها المختلفة هو بمثابة بؤرة تشكل الرأي العام حول المرشحين. وفرصة للحث على المشاركة الفاعلة في الانتخابات لأكبر عدد ممكن، ذلك أن الشباب يشكلون الكتلة الاكبر من الناخبين و هم الفئة الأكثر استخداما لهذه الوسائل.
  • التكاليف المنخفضة للحملات الرقمية مقارنة بالمعتادة ،والتقليل من اعلانات الطرق ، ستكون دافعا للمرشحين للتوجه نحو الدعاية الالكترونية .
  • وكذلك فإنه من خلال أدوات التحليل والقياس التي توفرها مواقع التواصل الاجتماعي على اختلاف أنواعها ، يسهل على المرشح التكهن بالنتائج ومراقبتها عن كثب ، بخلاف الحملات المعتادة.
  • سرعة إنجاز الحملات وتنفيذها باستخدام الشبكة العنكبوتية ، خاصة في ظل الحظر المفروض على التنقل في بعض الأوقات

دور لجنة الانتخابات المركزية لمواجهة تحديات الحصار وكوفيد-19

بالرغم من التحديات التي تواجه العملية الانتخابية من  حصار و جائحة فإن على الجميع التصدي لها ومحاولة التغلب عليها . والمطلوب في هذه الحالة من لجنة الانتخابات المركزية أن تضاعف من حملاتها التوعوية حول الاجراءات المتبعة للوصول بالعملية الانتخابية إلى بر الأمان. واتخاذ إجراءات وقائية للمحافظة على صحة المواطنين وسلامتهم وحماية الحقوق الانتخابية للجميع مثل:

  • تطبيق عددًا من إجراءات السلامة الوقائية داخل مراكز الاقتراع مثل ووضع إرشادات السلامة العامة في مراكز الاقتراع. و فحص درجات الحرارة للناخبين، والالتزام بالتباعد الاجتماعي، والاستخدام الاجباري للكمامات . والمعقمات مع توفيرهم في أماكن الاقتراع.
  • الايعاز للناخبين بإحضار أقلامهم الخاصة لاستخدامها في التصويت.
  • زيادة عدد مراكز الاقتراع لضمان اتباع إجراءات التباعد الاجتماعي. وتنظيم ساعات التصويت للناخبين، للحد من انتشار العدوى.
  • تقليل عدد المراقبين والصحافيين والوكلاء داخل كل محطة لتخفيف الضغط.
  • إعطاء الفرصة للتصويت أولاً لكبار السن من 60 عامًا وما فوق ، وإبقاء مراكز الاقتراع مفتوحة حتى الساعة العاشرة ليلا.
  • إلزام موظفي لجنة الانتخابات بارتداء الكمامات والقفازات، و تعقيم المقصورات المُخَصَصة للتصويت على فترات منتظمة.
  • السماح للمرشحين بعمل مسيرات انتخابية بشرط ألا يزيد عدد المشاركين في المسيرة على 100 شخص.

وفي الختام؛ أستطيع القول أن الانتخابات دوما تحمل في طياتها الكثير من المفاجآت . ونأمل من الجميع أن يعي كيفية التعامل مع المرشحين للانتخابات القادمة، وأن يكونوا على قدر المسؤولية ، ، فلا للمصالح الحزبية والشخصية ، ولو تعارضت، فالوطن فوق الجميع.

بقلم: راوية حسن أبو الخير

أضف تعليقك هنا