عندما يكون الصمت أبلغ من الصوت

إليك سيادة القاضي الجليل عبدالله غزلان: منذ ثلاث سنوات كمّل سيادة القاضي الجليل عبد الله غزلان مقاله الأول في الشأن القضائي بعنوان (قضاءً بالمقاس)، ذلك العنوان البارز المشرق بنور حرفه وبهاء سمته، رغم عتمة المواقف وضبابيه الرؤى، رغم وضوحها لنافذ البصيرة والوعي القانوني الذي لا يختلف عليه ولا يناقش فيه إلا صاحب حقد واضح أو حسد بواح.

رسالة إلى القاضي عبدالله غزلان بمناسبة مقاله (قضاءٌ بالمقاس) 

ذاك المقال الذي أصبح بعنوانه ومضمونه، إشارة ضوئية حمراء ثابته لا تبدل لونها، مهما حاولت دائرة الألوان أن تتحرك، وعاصفة إعصارها تدور، حتى غدت أحرف الكلمات “قضاء بالمقاس” تتردد على كل الألسنة بين جادٍ في المنطوق و له كل الإحترام، و بين متاجرٍ بالعبارة لخدمةِ أهداف خاصة. دقيقة وصادقة أنا في رؤيتي للأشياء، لطالما قرأت بتأنٍ وأمعنت النظر، قرأت التاريخ القضائي بالكامل في حقبةٍ ليست باليسيرة تجاوزت الثلاثين عاما، عشتها برفقتك واقعاً عن كثب، لم أقتضب شذرات من ذلك التاريخ ولن يكون.

إنصافه وعدله

فنحن من فريق الإنصاف الذي هو دائماً سيد الموقف الذي تمنيناه وعملنا من أجله ما كتب الله لنا في هذه الحياة، فكان الإنصاف في الطرح، و عدم التغافل عن أي جزء من هذا التاريخ على الرغم من الإخفاقات الكثيرة، والتي لن يُنقذها موقف سافر ورؤيا ضيقه جاءت على عجل، حري بنا أن لا نعمم ثقافة ” الزهايمر الإرادي والذاتي”، لتغييب الحقائق مهما كانت صادمة ومغايرة، ليختلط الحابل بالنابل ونشارك عن حسن نية أو… في صناعة أبطال من ورق، ورفع قامات مشوهة، كان الأولى أن تُسحق و منذ زمن بعيد.

لطالما كانت عباراتك مواساةً للكثيرين

لطالما كانت عباراتك إكسيراٍَ لحياة الكثيرين، لأن خلف جدار الألفاظ روحاً صادقة وفكراً حاضراً واستقامةً أكيده ، وأناملُ قوية كتبت حقاً وعدلاً على مدى سنواتٍ مشرقة، نقّطَّت احرف كلماتك قهراً قبل الحبر في كثير من الأحيان لست مغاليةً ولا مبالغة لطالما كان صوتك أذان وصمتك بيان، في حضرتك وجدت صِغَري وكِبَري معا، تعلمت منك الكثير ولم أزل، وسأبقى وفيةً لكل المفاهيم الصادقه التي كبرنا بها حقاً، لطالما قرأت عباراتك وأيقنتُ تفاصيل ما يراه البعض مجملا، تعلمتُ برفقتك الكثير بعد حواراتنا التي لا تنتهي في مدها وجزرها، وبلغت حدَّ اليقين أن صمتك هنا هيبه واحتواء، ولا بُدَّ أن يكونَ صوتك مقام، ولكل مقامٍ مقال.

مما قالته الزوجة لزوجها القاضي عبدالله غزلان

زوجي العزيز، طريقنا شاق، واتجاهنا واحد، و منذ أمد بعيد، و لم و لن يحيد بإذن الله، ربما أكتب بعبارة ثقيلة الخُطى لأن الطريق شاقٌ وشائك الى أبعد من تصور، دائما كان نقاشنا حوارٌ طويل، وصلتُ معك أن صمتك لا بد ان يكون بألف صوت، وتساءلت حينها هل كان هذا المشهد الإفتتاحي هو العنوان الأكيد والجاد بايقاعه وصخبه؟ هل أسلوب الحوار من طرفٍ واحد هو الطريق الوحيد للنجاه مما نحن فيه في مسار الأزمة المستمرة؟ هل وصلنا إلى تلك النقاط الساخنة بتوصيفها وفحواها ؟ ام لازلنا ننتظر البركان في أحد المواد الأكثر جدلاً.عندها أيقنت حقاً أن الصدارة يجب أن تكون للأفكار لا للأشخاص.
تلك الأسئلة التي سألتها ألف مرة ودون إجابه تصل إلى عمق غروري، بلغت عندها حدَّ اليقين أن أفكارنا لن تكون يوماً مجرد افرازات عقليه ليس إلا، طالما قناعاتنا واضحة، وخُطانا ثابتة وطريقنا مشرق بإذن الله.سيادة القاضي الجليل عبد الله غزلان تعلم تماماً أن الكلمات لم تجافيني يوما فأنا من عشاقها الأوفياء، لم تعاندني الأحرف ولم أعانى معها من عقوقٍ لغويّ، في وقت أصبح فيه العقوق القانوني واجب وطني، فما حاجتنا لأوطان لا تمتن لقامات وهامات رَفعت مقامها وأرست قواعد العدل فيها،واشرأبت لرفعتها وعنفوانها على مدى ثلاثة وثلاثين عاما ويزيد، كنت فيها فقيهاً وايقونةً وشيخاً لقضاتها.

لا أكتمل إلّا بوجودك وستبقى أجمل ما في حياتي

وقبل أن أغادر أوراقي، عهداً علي وأنت تعلم أنه وفاء، أنني لن أسمح أن تكون أحزاننا قابلةً للذوبان بنقطة حبر مهما غلا الثمن، لا أعلم حقيقة متى سأتوقف عند السطر الأخير، لأجد هذه القصة الطويلة والعريقة بين دفتي كتاب، أزينُ بها جبين المكتبات المشتاقة لكلمة حق.قصه حقيقية عشناها بكل تفاصيلها، ونهايةً وقبلها بداية أرفع كلماتي هذه إلى صاحب الأمنيات الصادقه التي لا تموت.أرفع كلماتي كزهرة نرجس عبقة تليقُ بك سيادة القاضي الجليل عبد الله غزلان، الذي لا تكتمل أناقتنا حقاً إلا بوجودك. وستبقى أجملَ ما في حياتي، وأعبقَ وأنقى ما في ذكرياتي. زوجتك أسمهان عريقات، و رسالة ٌتليق بك.

فيديو مقال عندما يكون الصمت أبلغ من الصوت

 

أضف تعليقك هنا

أسمهان عريقات

أسمهان عريقات

زوجة القاضي عبدالله غزلان