“الحرية”

بقلم: الان مليحة

“الحريّة” كلمة تختلف حولها الآراء وتتنوع وجهات النظر، دُمّرت من أجلها إمبراطوريات وممالك وقامت بسببها ثورات غيّرت وجه البشريّة، ضحّت ،في سبيل الوصول إليها شعوب بأسرها وأُبيدت لها حضارات كاملة، البعض يعتبرونها أساس الحروب وسبب للنزاعات وآخرون لا يمكنهم العيش من دونها.

حرية مزيّفة

الغالبية العظمى من الناس يعتقدون ان الحرية هي مجرد امكانية التنقل و العمل و ابداء الرأي بحرية و هو مبدأ كان اساس للحملات الاعلانية في الدول الديمقراطية في وجه التوسع الشيوعي ، فساد مفهوم “الحرية السياسية” كتفسير للحرية بشكل عام على الرغم من انه لا يسلّط الضوء سوى على جزء اقلّ ما يقال عنه انّه بسيط بالنسبة الى الصورة الشاملة و الحقيقة الكاملة للحريّة.

ما هو تعريف الحرية؟

فبحسب موقع “ويكيبيديا” فتعريف الحرية هو :”إمكانية الفرد دون أي جبر أو شرط أو ضغط خارجي اتخاذ قرار أو تحديد خيار من عدة إمكانيات موجودة. مفهوم الحرية يعين بشكل عام شرط الحكم الذاتي في معالجة موضوع ما.” هذا المفهوم صحيح الى حد ما من ناحية تحديد ما هي الحرية كاتخاذ قرار بقناعة من الشخص لكنني اعارض هذا التعريف من ناحية ان يكون الضغط خارجيا فقط.

المفهوم السائد للحرية

فالمفهوم السائد ان مجرّد كون القرار متخذا من الشخص نفسه دون تدخل خارجي فالقرار قد اتّخذ بحرية لكن الغالبية يغفلون انّ الفرد قد يكون عبدا لنفسه ما معناه ان الانسان يقوم بأفعال و يتخذ قرارات يفضّل عدم اتخاذها لكن طبيعته كانسان بشريّ و وجوده على هذا الكوكب ترغمه على فعل ذلك. فعلى أرض الواقع، سكان اكثر الدول ديمقراطية و اكثرها حفظا لحقوق الانسان ، يتمتعون بأقل قدر من الحرية.

فالديكتتور ليس فقط حاكما استبداديا على امّة محددّة فيجود في حياة كلّ منّا اشياء و ظروف او علاقات ترغمنا على فعل اشياء لا نرغب بها فعليا. فمن منّا لا يرغب ان يتقاعد من عمله و هو في سن الثلاثين و من منا لا يطمح الى  شراء سيارة جديدة كل شهر او سنة لكننا كبشريين نقع تحت رحمة التقاليد الاجتماعية و القواعد الحياتية و مصدر دخلنا الذي يحدد مستوى نمط حياتنا و يضع حدودا لحريتنا في التصرف و اتخاذ القرارات.

المجتمع ونظرته للحرية

فنحن وجدنا في مجتمع يعتبر الانسان حرّا اذا كان قادرا فقط على الانتخاب بحريّة او التظاهر او ابداء رأيه لكن الحقيقة اننا غير احرار بل عبيد للمال و قواعد المجتمع و آراء الآخرين حولنا و لشهواتنا و خطايانا التي حولتنا لأشباه آلات تقضي الثلث الأول من عمرها على مقاعد الدراسة و الثلث الثاني في حقل العمل و الثلث الثالث نترحم على ايام الشباب بحيث اصبحنا دون قدرة و طاقة على فعل اشياء نرغب فعلا بعملها: هذا هو الانسان، كائن قد يتطور مع الزمن لكنّه لن يصبح حرّا ابدا الّا اذا تخلّى عن طبيعته البشريّة و انفصل عن نظام مجتمعنا الذي يحثّ الفرد ان يصبح عبدا بدلا من ان يجعله حرّا.

بقلم: الان مليحة

أضف تعليقك هنا