مقاربة لحقوق المرأة فلسفياً

لماذا فلسفيا؟؟ لأن الفلسفة هي في حد ذاتها فلسفة إنسانية وليست فلسفة خاصة بجنس محدد والعقل هو واحد عند كل الأجناس البشرية حيث أكد ديكارت ذلك في مقولته ” العقل أعدل قسمة بين الناسإن الخطاب الفلسفي الراهن يطمح الى توليد فكر نقدي حر وتوسيع مجالات اللغة وهذا يعني مناخا من الديمقراطية والمدنية التي تسمح بنشأته وتقبله.

تبحث المرأة في مجتمعنا وأنا اولهن عن الأجوبة الصحيحة لتساؤلاتنا التاريخية الشائكة بشأن حقوقها المسلوبة وإرادتها المغتصبه. بداية لنعرض القضية من وجهة نظر فلسفية ولأن الفلسفة من ضمن ابداعاتها هي صناعة المفاهيم وهي تبحث دائما عن أصل المفهوم و عن ما يضفيه هذا المفهوم من معنى على الشيء فيجعله متحققا علينا ان نفهم المعنى المقصود من كل من الحرية، العدالة، المساواة، العنف.

الفرق بين مفهوم الحرية والعبوديّة

فالحرية تعني غياب التحديدات والقيود حيث يكون الفرد حرا حين لا يوقفه احد عن متابعة أهدافه او القيام بما يرغب القيام به يقول جون لوك: ” إذا تكمن الحريه في هذا.. في قدرتنا على ان نتصرف أو لا نتصرف بحسب ما نختاره أو نريده” وأما تطرقي لمعنى الحرية هنا يحيلني الى مفهوم نقيض الحريه وهو العبوديه والتي تقتضي ان يكون انسانا مملوكا بواسطة انسان آخر يفعل ما يأمره به.

هل كان على المرأة أن تكون عبدة للرجل؟

حيث كان على المرأة أن تكون عبدة للرجل حتى لو لم يكن هذا الأمر واضحا بشكل مباشر ولكن عندما يكون دور المرأة في المجتمع هو أن تكون مطيعة مأمورة بلا حق في حرية التعبير ولا حق في حرية العيش بكرامة وأن يتم انقيادها للذكر لأنه يعتبرها الأضعف والحلقة التي لا تستطيع أن  تدور الا بالتبعية. هنا تكمن مشكلة المرأة التي لا زال معظمنا يعاني منها أنها لم تفهم بعد معنى أنها حرة وان لا أحد يحق له أن يقرر مصيرها الا هي.

فالحرية بشكل عام و حرية المرأة بشكل خاص هو حق طبيعي لها وأهميتها تكمن من كونها شرط طبيعي للإنسانية جمعاء فالحرية لا تحتاج الى تبرير انما غيابها هو الذي يحتاج الى تبرير .أما بالنسبة للعدالة  فيتبادر السؤال التالي الى ذهني هل بإمكان العدالة إنصاف جميع أفراد المجتمع اذا كانت تهدف الى خلق المساواة فيه ؟؟ان العدالة هي أساس الحياة الراقيه وليحققها الإنسان عليه الإلتزام بمبادئها الثلاث القائمة على الحريه والمساواة وإحترام حقوق الإنسان .

هل يقتضي العدل أن نعطي كل ذي حقٍ حقّه؟

والعدل بمعناه البسيط هو إعطاء كل ذي حق حقه ومن هنا فللمرأة حق بأن تعامل بعدالة وأن لا يتم تهميشها والنظر في حقوقها بجدية وعدم المساومة على حقها في الحياة وحقها في الاختيار وحقها في ممارسة نشاطاتها والنظر في هذه الحقوق بعدل وليس فقط أن تعامل قانونيا وأن يتم صياغة قوانين تضمن العدل والمساواة لها انما تمكين المرأة مجتمعيا وسياسيا وتعليميا واقتصاديا ومحاولة النظر في السلوك المجتمعي والعاداتي والتقاليدي.

وتغيير هذا السلوك بما يتماشى مع حق المرأه وابراز هويتها فلا يمكن أن تعيش المرأة الهوية الحرية الفردية دون هوية مجتمعية حرة .لست أريد أن أهمش الرجال على حساب النساء أو النساء على حساب الرجال إن العدالة والإنصاف يقتضيان الا يكون ثمة معيار يفاضل بين الجنسين الا الكفاءه.

النظرة الاختزالية للمرأة 

إن النظرة الإختزالية للمرأة عموما وللشرقية خصوصا منعها من تنمية كفاياتها لتتقلد المناصب وتشارك في الأعمال الإنسانية وحتى نتجنب هذه النظرة الاختزالية والتصور الكلاسيكي المنمط للنساء يجب فتح الأبواب أمامهن والاعتراف بجدارتهن وأهميتهن في تقدم المجتمع ككل.فلا نهضة ولا تحديث عربي إالا برفع المرأة وإعطاء النساء موقعهن الأصلي على قدم المساواة مع الرجل داخل المجتمع وتدبيره الى جانب الرجل.

ثنائية التمييز بين الذكر والأنثى

ان ما نعاني منه فعليا هي مشكلة الثنائية، وهي مشكلة فلسفية معروفة منذ القدم ثنائية الروح والجسد وثنائية المادة والعقل الذات والموضوع المطلق والنسبي… إلخ ولكن هنا سأتحدث عن ثنائية التمييز على مستوى الجنس ( ذكر/أنثى) وهي مختلفة عن ثنائية النوع (مذكر/مؤنث) فالثنائية كإختلاف جنسي هي الأساس في التصور للعالم ككل ولكن هذه الثنائيية تحيلنا الى تمييز أعمق وهو التمييز الذي يضعنا في مشكلة ألا وهي اضفاء التفوق على الذكر وإضفاء النقص على الأنثى.

ومن ثم ففي كل تاريخ الخطاب الفلسفي الذي نتحدث فيه عن الذات والموضوع فبما أن الرجل هو تلك الذات للخطاب الفلسفي فلا بد بالضرورة أن يكون موضوع الخطاب هي المرأة وأيضا نعود للثنائية ثانيا والتي حتى نتجاوزها يجب ضحد هذه الثنائية والتركيز على انجازات المرأه سواء على الصعيد الشخصي كعائلة وأم ومعيلة أو على السبيل المجتمعي والسياسي واالثقافي وفي جميع مناحي الحياة.

من هي المرأة؟

ولا يجب التعامل مع المرأة كأنها القطب الآخر ذلك القطب السلبي الذي يضع الرجل قطبا ايجابيا وفي مقابله قطب سلبي هي ( المرأة ) طرحت سيمون دي بافوار  سؤالا وأجابت عليه كان سؤالها… من هي المرأة؟؟ وقامت بوضع ملامح ومعالم لوضع المرأة فهي بالنسبة لها تشكل الآخر المهزوم وأنها قامت بقبول الدور الذي أنيط بها كآخر أيضا ومن ثم فإن التراجع لدور المرأة من أهم أسبابه التواطؤ الذي يعارض تحملهن للمسؤولية تجاه الحرية الحتمية.

مضمون اتفاقية سيداو

ان أهم إتفاقية تم إعتمادها من الجمعية العامة للأمم المتحدة وهي اتفاقية سيداو والتي تقتضي القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة…إن أهم ما تميزت به اتفاقية سيداو هو أنها رسمت مبادئ المساواة وعدم التمييز وربطت ما بين الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحددت واجبات الدول  المناهج والاجراءات القانونية والسياسات الواجب اتباعها لضمان حقوق النساء وازالة العوائق امام تحقيق المساواة

حيث تتعرض الاناث في انحاء العالم بشكل عام وفي مجتمعاتنا العربية بشكل خاص الى شتى أنواع الانتهاكات والعنف الذي يمارس ضدهن بسبب كونهن إناث وتتراوح هذه الانتهاكات ما بين التهديد والإيذاء والاغتصاب والاكراه والعنف النفسي والجسدي وصولا الى القتل.

العنف ضد المرأة

وبالنسبة لمفهوم العنف من ناحية فلسفية فهو العقبة امام تحقيق الحرية والمساواة والعدالة التي تحدثنا عنها مسبقا فالعنف على أساس إظهار القوة وتبيان ضعف الآخر هو ما يؤدي الى جعل المرأة في حالة من الهلع والخوف وعدم المقدرة على ان تواجه خوفها لأنها ستتصادم مع مجتمع بعادات وتقاليد تحرمها حريتها في الحياة دون وجود وصي او ولي او مسؤول عنها وكأنها خلقت وألزم عليها ان تكون صامتة لا تطالب بأبسط حقوقها وهي أن تكون بأمان.

فيديو مقال مقاربة لحقوق المرأة فلسفياً

 

 

أضف تعليقك هنا