سرديات من وهج ثورة الـ 26 من سبتمبر، ثورة الريف اليمني

نشوة وفرحة الريف اليمني بذكرى ثورة 26 سبتمبر

أتذكر في كل ذكرى سنوية لـ ثورة 26 سبتمبر كُنا نحن أبناء الريف أكثر من ينبعث في ذواتنا نشوة الإحتفاء والتوقف عند حدث عظيم كهذا، كُنا أطفال في حواري القرية وأزقتها نردد أغاني أيوب الثورية النضالية: دمت يا سبتمبر التحرير يا فجر النضال.. ثورةٌ تمضي بإيمان على درب المعالي.. تسحق الباغي تدك الظلم تأتي بالمحال.. كفطره أنبتت فينا روح الحماس من حكاية وأحاديث الأجداد والأباء عن عظمة هذا اليوم الإستثنائي الذي حول حياة الشعب والمُجتمع اليمني من حال رث لحال أفضل بكثير مما كانت عليه، مع تحريره من ظلم وإستبداد الكهنوت الإمامي وأخرجه لواقع أكثر انفتاحاً وتطوراً على الحياة.

أجمل سرديات ثورة 26 سبتمبر في اليمن

من السرديات الجميلة حول الإحتفاء بهذا اليوم نحن كأبناء ريف عايشنا جُزء من طفولتنا هذا الحدث كانت حوارينا وأسطح منازلنا في القرية خاصة في اليلة الثورية -ليلة 26 سبتمبر-  تبدو كثرية تتدلىٰ قناديلها الصغيرة من عليها لتضي أرجاء المكان بأنوراها الخافته ، وما هذا إلا نتاج تجهيز مسبق قبل العرض الكرنفالي بفترة ، كُنا نتسابق كأطفال في مقالب المُهملات للبحث عن علب الفول والصلصة والحليب الفارغة لأخذها وإستخدامها في تزين الأسطح في كل بيت ، بعد أن يتم تعبيتها بالرماد – مسحوق من بقايا مصاعد خبز المافي المعروف عندنا كأبناء الريف – ليتم بعد هذه المرحلة البحث عن مادة الكاز ” السليط ” في لهجتنا الدراجة وهو متمم العمل وشرارة لإشتعال الشُعلة.

أتذكر أيضاً في هذه اليلة كُنا نتسامر كلاً في سطح بيته ونظل حتى ساعات متأخرة من اليل نسمع الحكايات من إذاعات البث المحلية كإذاعة صنعاء أو عدن على إيقاع الأناشيد ونغم الأجواء الثورية التي كانت تخيم على أرجاء القرية وضواحيها ،فكانت قريتنا – الواقعة غرب مدينة إب –  أكثر قرى الجوار إحتفاءً وأكثر قرى الريف تتزين بقناديل الشُعَل المُشتعلة لكثافتها السكانية ، وتدرج مبانيها السكنية فالقادم إليها في تلك الحظة يستطيع يشاهد جمال الثورة فيها بكل تفاصيلها ، شعل تحترق لتضي المكان نور بهيج يبدو كمشكاة خيط مُستقيم يتخافت نوره على مدار اللحظة بفعل تذبذبات الرياح وإنحصاره من وقت لأخر.

مرحلة صعبة عاشها اليمنيون في ظل حكم الأمامة

كل هذا كان إعتقادا بأن هذا اليوم هو من خلصنا كيمنيين تواقين للحرية من مرحلة ظلامية أفسدت كثيراً بحق الحياة وكرم الإنسانية، فتجذرت فينا روح الهمة وروح الأثر الثوري الخالص الذي يعتبر جوهر التغير الحقيقي الذي طال المشهد الحياتي والشخصي لكل فرد يمني عاش حقبة زمنية من نظام الإمامة، وعايش سياسة القمع للحريات ومصادرة الرأي والرأي الأخر من قبل الحكم إنذاك.

لم يستبشر اليمنيين من الإمامة خيراً بل كان العهد مثقل بالجهل والفقر والتخلف والمرض، كان العلم عدو الحكم الإمامي فراهن على تجهيل الشعب وأمضى في تحقيق رؤيته في رسم خارطة أكثر دهاء لبقاء حكمة قائماً بجهل الشعب اليمني وخوفه من تعليمه، كونه كان  يدرك تماماً أن تعليم الشعب يعني بدء في تدمير أحلامه وتطلعاته لان العلم أو تشكيل يصنعه للشخص هو الحرية والتمرد على كل عشوائية الحياة والبحث عن سبل للتغير، وهذا ما لا يريده الإمام السيد ، غيب المدارس بقصد وأختصر التعليم على نطاق ضيق من جغرافية الوطن الشمالي.

ثورة الريف اليمني طوت أكثر مراحل اليمن ظلاماً

حتى جاءت ثورة النخب و الفلاحين والمسحوقين وطوت أكثر مراحل اليمن ظلامية، وتحرر الشعب من سياسة حكم قمعي حكم بالصميل والرهائن والأتاوات والخُمس، لم يترك ذكرى إيجابية في نفوسنا كيمنيين، بل أصبح واقع حاله منبوذ لا يطاق عند عامة الشعب، وما أن يطري حديث الإمام حتى يتصور لك كمية الظلم في أبشع صوره، وإن كان واقع الحال اليوم يعيد صياغة تلك الحقبة لكن بمنظور أوسع أو بإختصار إمامية الولي بثوب جمهوري أن صح القول ، وهذا ما أعتقد لا يهدد عرش الثورة فالزمت والمرحلة والعصر يختلف تماماً عن سابقه ، إذن لا خوف على الثورة، فكرتها وأثرها إرث لايطاله عبث مهما كانت طبيعة المرحلة الحالية.

فيديو مقال سرديات من وهج ثورة الـ 26 من سبتمبر، ثورة الريف اليمني

 

أضف تعليقك هنا