القصر الكبير (البيت المهجور) الجزء الأول

لِمَ يحذرنا الجميع من الدخول إلى المنزل المهجور؟

كنا في الصغر نذهب دائما أمام بيت مهجور يقال بأنه شيد أثناء عهد الحماية الفرنسية الإسبانية على المغرب، فجدرانه المشققة تفسر وتحكي في طياتها عصراً وأحداثاً عجيبة وغريبة إلى مرعبة.. يقال أنه صنع من الطين والاسمنت المشبع بالملح.. وهذة تقنية قديمة كان يستعملها المستعمر في بناء منازلهم. ولكي نلهو أنا ورفاقي لابد من الذهاب إلى ذلك المنزل المهجور، لابد من ان أرجع لخمسة عشر سنة للوراء، كان الكل يقوم بتوبيخنا وتحديرنا بالذهاب أمام ذلك المنزل بداعي أنه في أية لحضة قد يسقط.. ولكن كنا نحب اللعب أمامه، والبعض يقوم بتوبيخنا حتى معاقبتنا لتنذيرنا على العصيان. ومع ذلك نذهب فهو يساعدنا عن الاختباء من الشخص الذي يبحث عنا بعدما أغمض عينيه في لعبة ” الغميضة” وهي لعبة مغربية شعبية فلكلورية.. لا يمر أي طفل وصبي من صغره إلى واستمتع مع أصدقائه بها ولا يحلو اللعب بدونها، فالكل مستعد للتخلي على كل شيء من أجل أن نجتمع ونذهب للاختباء بجوار المنزل المهجور.

صوت ما قادم من المنزل المهجور!

إلى أن جاء ذلك اليوم المشؤوم. وبينما نحن نلعب حتى سمعنا صوتا قادما من وسط المنزل ومع حلول الضلام سمعنا صوت وكان شيئا ما بالداخل يستنجدنا، وبطبيعة الحال نحن مرعوبين، مرة لحظة صمت حتى انفجر الجميع بالصراخ، وعم الركض والفزع للجميع إلى أن وصلنا أمام البقال “عزيز”، سألنا جميعا وقمنا بأخباره، فتراكم على وجهه الاستغراب ولكن تمالك نفسه مفسرا لنا “لا تخافوا إنه مجرد تهيؤات لا أكثر، لا تذهبوا مجددا فالبيت قديم ويمكن أن يسقط ويشكل خطرا عليكم” فذهب الجميع بطبيعة الحال الكل أرعب لكن ليس باليد حيلة، وفي الغد اتى عندي صديقي محمد وأخبرني أنه وبدوره لم ينم من الحادث السابق، ولكن حاولنا إقناع نفسينا بأنه مجرد تخمين أو حدس خاطئ.

ماذا حدث لصديقنا طارق في المنزل المهجور؟

يوم جديد شمس مشرقة هيا لنلعب يا رفاق كان كلام صديقنا طارق، ذهبنا للعب كسائر الأيام . وكالعادة البيت المهجور وجهتنا، وصلنا وكان صامتاً كعادته وعم ولهنيهة بعض الخوف. لكن بلحظات تلاشى هذا الخوف، وأصبحت الهيبة مجرد حدس .. بدأنا نلعب ونجري، إن المكان هائل يشبه مدينة وليلي بالمغرب فهو بلد جد هائل من الناحية الجمالية ويمتاز الاثموسفير بجمالية ورونق جذاب.. اللعب والصراخ يعم المكان وللحظة كان طارق جالس في عتبة باب المنزل المهجور وللحظة وكأن شيئاً امتص صديقنا طارق.

الصدمة والهول دفعنا للذهاب تجاهه، البعض هرب والبعض بدا يصرخ، والباقي قام بالذهاب ومنهم أنا لنجدته وبدون جدوى ..حتى هرول جميع الساكنة لاستنجاده، لكن الصاعقة أن طارق خرج وكأنه كان بحضرة فيلم مرعب خرج وبدون كلام لا يسعني التعبير على مدى سار وصار. لتمر الأيام والكل مندهش مما سار مع طارق، أما الاخير فقد كان كل كلامه يدور على أنه كان وكأنه بحلم، ولكن استمر الحال على حاله!

حتى سمعنا من الناس الذين كانو يجاوروا ساكنة البيت المهجور أنه توالى الصياح حوالي منتصف الليل، وكأنه أنين. وصاح لبعض لمكالمة الشرطة، التي قدمت بدورها لكن كانت تنتظر قرار النيابة العامة التي رفضت بداعي أن المكان قد يسقط في أية لحظة ولا تريد أن تغامر بعناصرها في الشرطة، فهم بشر ولديهم أسر يرعوها وهذا شيء مغامر فيه .
وحتى عند قدوم القوات المساعدة كانت تحيط بالمنزل وتقوم ببحث روتيني لكن حقيقة كل الجهود هي التقليل من شكوك الساكنة.

لحظة دخولي إلى المنزل المهجور

وفي ليلة كان الجو ممطر وصوت الرعد مع صورة المنزل يجعل من المشهد جد مرعب، وكنت قادم من المدرسة أنا ومحمد وطارق.. وبينما نحن نلهو بالطرق وقعت أعيننا في المنزل المهجور والساعقة أنه تفاجأنا بضوء خافت من وسط المكان وكان شخص فتحه والروح رجعت له من جديد.. ولوهلة حتى طفئ.. أسرعنا بالركض اتجاهه حتى وصلنا أمامه وعامل الرعب يسيطر فينا وما إن وصلنا حتى أدركنا أنه.. يمكن أننا نتخيل وهيء لنا.. ولكن لم نستسلم هنا وبدأت بالتوغل وأصدقائي يصيحون كل من محمد وطارق “لا تتعجل يا ياسين. إنه مكان خطير وملعون.. قد يشكل خطرا لك فماذا سنعفل لقدر الله “ما إن سمعت المكان ملعون وقفت.. وللحظة استمررت بالمشي تجاهه فلماذا الجميع يوبخنا منه ولماذا كل هذا الرعب إنه مجرد بيت حجري قديم؟! لماذا الجميع يهابه أحجار يشفق لها بناء أقل ما يقال عنه سخيف..ليضع طارق يده على كتفي ..ليمنعني من الدخول فأزلت يده.. مصيحا محمد ” لآخر مرة يا ياسين لا تذهب.. يا أخي قف عندك إذا ذخلت سنتبعك وستكون عاقبتنا من مسؤوليتك..” نعم إنهم أصدقائي لكن المكان ليس قصر السلندرمان.. إنه بيت سكنه أحد اليهود القدامى وعند هجرتهم.. بقي هذا المنزل محاطا بخرافات الجن والرعب المنفوخ لا أكثر.

إني قريب من فتح الباب دفعت طارق فسقط ..ولمست لباب وإستدرت للمرة الأخيرة محمد ذهب لطارق لإيقاظه وهو يقول لا يا ياسين قف لا تدع كل هذا يجذبك، أكملت الطريق وبيني وبين أصدقائي عشرة أمتار.. والبيت بيني وبينه عشرة سنتيمات.. طارق محمد يركضون باتجاهي.. دفعت البيت يا للهول! إنه ضوء، ما هذا؟ شيء يجذبني، لم أعد أسمع صوت أصدقائي! هل هي ضحكات؟ ماذا؟! نلتقي في جزء ثاني..

فيديو مقال القصر الكبير (البيت المهجور) الجزء الأول

 

أضف تعليقك هنا