مفهوم الفكر التربوي الاسلامي ومصادره
إعداد :هبة يوسف صرصور
“مجموعة الآراء والنظريات التي احتوتها دراسات الفقهاء والفلاسفة والعلماء المسلمين، ويتصل اتصالا مباشرا أو غير مباشر بالقضايا والمفاهيم والمشكلات التربوية”(فلية، ومحمد، ٢٠٠٤ ،١٩٣)وهذا التعريف نفسه ذكره كل من الخطيب (١٩٩٥ )في كتابه، والبيك (٢٠٠٩ )في دراسة له.
“هو عبارة عن التميز الفكري الذي وجد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وضمن الكتابة التربوية التي جاءت عن طريق مؤلفات أو رسائل أو وصايا أو إشارات في مواضع شتى من الإبداعات والمؤلفات الإسلامية، أنشأها مجموعة من المفكرين ممن تخصصوا في الجانب التربوي أو غيره من جوانب الحياة العملية المختلفة” (الرشدان، ٢٠٠٤ ،١٤).
هو “ما أثر عن علماء التربية الاسلامية من نظريات وآراء وأفكار توارثتها الأجيال وأخذتها من مفكري التربية الإسلامية قديما وحديثا” (المحيلبي، ٢٠٠٥ ،١٣).
“هو ما أثر عن علماء التربية المسلمين من آراء ونظريات من أمثال الغزالي والماوردي والقابسي وغريهم من قدامى ومحدثين على السواء”(رفاعي، وآخرون، ٢٠٠٠ ،١٥ .)
“يعني التصور الشامل لعناصر المنهج الرباني، والفقه التربوي الأمثل لمستلزماته، لتحقيق كمال الأداء وفق أفضل الأساليب والوسائل التربوية”(السامرائي، ١٩٩٧ ،١٧٢)
“هو مجلة المفاهيم والتصورات والمبادئ التربوية المستمدة من الكتاب والسنة والاجتهاد الموافق لروح الإسلام” (الرشدان، ٢٠٠٤ ،١٤)وجاء التعريف نفسه في دراسة أبي دف عن معامل الفكر التربوي الإسلامي عند سيد قطب (أبو دف، ٢٠٠٢ )
الفكر التربوي الاسلامي هو عبارة عن الإطار النظري الذي يتسع ليرسم مسار العملية التربوية في شكلها النهائي وفق فلسفة الأمة وعقيدتها، وقيمها، واتجاهاتها ومصادرها ، منطلقا من فكرها العام ليفي بحاجات المجتمع وتطلعاته وآماله وطموحاته في مجال تربية الفرد والمجتمع وباء الأمة وحضارتها.
فالفكر التربوي الإسلامي أشبه ما يكون بالكائن الحي ، يتأثر بعوامل قوة الأمة وضعفها ولذلك سجل حضورا هاما على مر العصور ، ولم يغب لحظة واحدة ، حتى فيما يقال إنه عصر ضعف وركود ، لذلك ام يصب من أهمل دراسة الفكر التربوي وفي حقبة من الحقب، فلكل مرحلة سماتها وخصائصها وفكرها التربوي المنبثق من الواقع، ولكل دولة سماتها الحضارية الخاصة ، وأنماطها الفكرية المتميزة ، حتى إن الدولة الواحدة شهدت مراحل نمو وازدهار وضعف في حركة الفكر التربوي (حسنة، ١٩٩١: ٥٤_٥٥)
يعتبر الوحي مصدرا للفكر التربوي الاسلامي، فكلا المصدرين القرآن والسنة يقعان تحت دائرة الوحي. فالقرآن وحي من عند الله، والسنة كذلك فهي وحي من عند الله تعالى. وهو ثابت قال تعالى: ” ا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ” (فصلت،٥٢) وهذا يشمل القرآن والسنة قال الله تعالى: ” إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” (الحجر،٩)، قال تعالى: ” إن هو إلا وحي يوحى“{النجم: ٤}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا اني أوتيت القرآن ومثله معه) (أبو داود، د ت، ح رقم ٤٦٠٤)، من الآيات الجامعة لأنواع الوحي، قوله تعالى: “وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ الله إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَآئِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِىَ بإذنه مَا يشاء ۚ إنه عَلِىٌّ حَكِيمٌ” (الشورى: 51]، وقال تعالى فيما أوحاه إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (“وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى”)] النجم:٤]، قال تعالى: “وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا” (النساء، الآية 113)، فالوحي يتمثل في القرآن الكريم وسنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، من قوله: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا..) وبيان هذين المصدرين كالتالي:
وهو كلام الله المنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل الأمين ، المحفوظ بين دفتي المصحف، المبدوء بالفاتحة والمنتهي بسورة الناس ( الزرقا، دت : مج ١، ١٤)، فالقرآن الكريم جاء كمصدر أول رسالة للعالمين وأساسها للعلوم ، فيه يجد الناس حاجتهم على السواء ، قال تعالى ” مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ” (الأنعام ، ٣٨)
السنه في اللغة تعني الطريق لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلتموه) (البخاري ، أحاديث الأنبياء : ٣٤٦١) أي طريقهم، واصطلاحا هي ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلقية أو خلقية (السباعي ، ١٩٨٥: ٤٧) والسنة وحي من الله كلف النبي صلى الله عليه وسلم بتبليغها والعمل وفق هديها، قال تعالى : “وَمَا یَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰۤ ٣ إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡیࣱ یُوحَىٰ” ( النجم،٤)
وهي المجال التطبيقي وصورة الالتزام بدين الله عز وجل ، حيث أمره ربه فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِين ﴾ [المائدة: 67]، ثم زكاه فقال : “وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم”(القلم، ٤)
ويشمل اجتهادات العلماء حول نصوص الكتاب والسنة ، والعلوم المتعلقة بهما والعلوم القديمة التي ذابت في الفكر الإسلامي وتشربها، ويمثل كل ما وصل من الماضي ويشكل جزءا من الحضارة السائدة في حينه فهو موروث، والتراث يأخذ معنى الثروة التي انتقلت إلينا من أسلافنا في كافة المجالات ، سواء كانت مادية أو معنوية، زمانية أو مكانية ( أبو العينين ، ١٩٨٨: ٧٠) ويوجد التراث الإسلامي في مستويين على النحو التالي :
ويعتبر أهل السنة والجماعة أن فكر الفرق والجماعات فكراً غير سليم في كليته ، إذ إنه نتاج عقولٍ درجت على إيذاء المسلمين وهو تراثهم الفكري والثقافي فكان لهم موقف منه تمثل في الآتي:-
وفي ضوء ذلك يتضح أن الفكر التربوي الإسلامي متمثلاً بمصادره حدوداً لا يمكن تجاوزها وضوابط لا يمكن تعديها، ولقد أصبح التراث الفكري يمثل قاعدة فكرية عريضة ينطلق منها الفكر التربوي في كافة العلوم ومناحي الحياة. ويتضح ذلك من خلال الاطلاع على ما كتب حول أنواع العلوم وأقسامها مثل:
ويندرج تحت التراث الإسلامي فكر وثقافة الشعوب المجاورة ، وتلك التي فتحها المسلمون فذابت بفكرها وثقافتها في فكر الدولة الإسلامية : (إذ الحكمة ضالة المؤمن أنَّى وجدها فهو أحق بها ) (الترمذي ، كتاب العلم : 2611) .فكل ما دخل في حوزة العرب من ثقافات وأفكار عبر مراكز العلم القديمة لم يتجمد على أيديهم بل تطور في ظل ظروف طبيعية فبلغ القمة وحقق غاية النمو ، كل ذلك في إطار الفكرة الإسلامية الصحيحة القائمة على أساس من التحرر من الهوى والعصبية والحقد مستمدة مفاهيمها وأصول حركتها من مصادر الفطرة (أبو سلمان ، 1991 : 190 ) .
ولذلك لابد من النظرة النقدية البناءة للتراث التربوي الإسلامي، وذلك لمعرفة الغث من السمين وتجنب الفكر الدخيل والهدام، سواء كانت جذوره قديمة أو حديثه، إذ الأمة اليوم بحاجة إلى فكرٍ تربوي فاعل يتسم بالعصرية، ولا حاجه لها بكل ما خلفه الأوائل، إذ لربما كانت لبعض أفكارهم خاصية بمرحله معينه، وزمن معين، ولم تأخذ صفة الاستمرارية والحيوية. وعلى ضوء ذلك انقسم الناس تجاه التراث الإسلامي إلى ثلاثة أقسام:
هو ذلك الكم المعرفي في مجال التربية والتعليم الذي تركته الأجيال المسلمة السابقة للجيل المسلم الحاضر.vويعتبر التراث التربوي مصدرا للفكر التربوي الاسلامي في ضوء البناء التراكمي لخبرات الأمة المسلمة عبر القرون الماضية التي تمثل حالتها الحضارية ، وهويتها وعمقها الوجودي والإنساني والتاريخي في إطار تفاعلها العقلي مع واقعها الاجتماعي وسياق النصوص الشرعية .
ولا يمكن أن يكون هناك فكر تربوي إسلامي بدون الاستناد إلى التراث التربوي الإسلامي قطعيا لأنه يعتبر امتدادا له شرعيا وحضاريا ومعرفيا ، وأن الانقطاع عنه وتجاوزه يعني التنكر لهوية الأمة الإسلامية، وأصالتها الحضارية وعراقتها الاجتماعية.vان التراث عنصر أساسي من عناصر الوعي بالذات الثقافية والحضارية والاجتماعية ولا سيما التراث التربوي المختص بالفكر والممارسة الذي يظهر اثره في صياغة شخصية الفرد والمجتمع.
التراث التربوي الإسلامي هو ما كتبه العلماء عن الفكر والممارسة في مجال التربية والتعليم وليس الوحي الإلهي والهدى النبوي
فالتصور الإسلامي السليم ينظر إلى التراث التربوي بأنه ” اجتهادات علماء مسلمين سابقين” وهي قابلة للصواب والخطأ من جهة كما أنها ممكنة لأن تكون صالحة لحاضرنا أو غير ممكنة رغم صوابيتها الشرعية.vالتراث التربوي الاسلامي هو إنتاج العقلية المسلمة التي عاشت في ماضي هذه الأمة ، وأبدعت واجتهدت وقدمت ما قدمت من نتاج تربوي متصل بواقعها المعيش ، فمصدرية التراث التربوي الاسلامي هي مصدرية متسعة تاريخيا وحضاريا بشكل كبير لتشمل ما تم تأليفه وكتابته سواء بشكل مستقل أو متصل من علوم الإسلام.
فالفكر التربوي الاسلامي جعل من التراث التربوي للأمة مصدرا متجددا ومفيدا يصل حاضر المجتمع المسلم بماضي أمته ويطبعه بخصائص حضارتها، ويضمن له هوية تربوية مستقلة به .
هي مجمل عناصر العلم التي يتعلمها المتعلم من حقائق ومفاهيم ومبادئ ونظريات تختص بموضوع العلم، والأثر الناتج عن عملية التعليم والتعلم الذي نلاحظه في السلوك العملي للمتعلمين. والخبرة البشرية المعاصرة تشمل خبرة المجتمع في بلدان العالم حيث أن بعض هذه الخبرات أصبحت معولمة بحيث نجدها في معظم مجتمعات العالم وفي الوقت نفسه نجد اختلافا وتنوعت في هذه الخبرات، وكلها خبرات متاحة للنظر والتبصر والتقويم.
يقصد بالخبرات التربوية العالمية، تلك الآراء والتطبيقات والتجارب التي قدمتها الحضارات الإنسانية العالمية في مجال التربية والتعليم. فهي بذلك تشكل مصدرا من مصادر الفكر التربوي الاسلامي لكن بالشروط الإسلامية .وذلك من خلال:
وتتضمن الخبرة التربوية المعاصرة مجمل الفلسفات والنظم والمبادئ التربوية التي تشيع في معظم بلاد العالم اليوم والممارسات التي تقوم عليها.
هو بذل الجهد لاستنباط واستخراج الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها التفصيلية في الأمور التي لم يرد فيها نص شرعي قاطع .قال تعالى: “إن في ذلك لآياتٍ لقوم يعقلون”] النحل:12]، كما قال تعالى: “كتابٌ أنزلناه إليك مباركاً ليدّبروا آياته وليتذكر أولو الألباب”. ] ص:29]
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد