الطموحات لا تتحقق إلا بالفكر والفعل معاً

عنوان مقالي هو ترجمة لمقولة كتبها فيلسوف فرنسي هو  مين دي بيران Men De Biran: حيث قال «أنا أفعل إذن أنا موجود»، ومعنى كلامه أن المرء لا يوجد حقا إلا حين يجعل من «فعله» برهانا على وجوده، ومن قبله قال الفيلسوف الفرنسي والعالم الرياضي والفيزيائي ديكارت Descartes, René: (أنا أفكر.. إذن أنا موجود)، ولا شك في أهمية الفكر لكنه وحده ليس كافيا، فالأفعال وحدها هي التي تحقق الطموحات، وهي التي تولّد النتائج. والفكر تيار قوة، إلى أن تقع في يد من يحسن استخدامه بصورة فعلية مؤثرة، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} سورة النساء (66). وبالطبع نقصد من أغفل الجانب الخيّر ، في سلوك الإنسان كما قال تعالى : {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*}  سورة الحـج (77) .

الأقوال يجب أن تترجم إلى أفعال

لا مجال لإصلاح الخلل في حياتنا الشخصية أو العامة مع فقدان الفاعلية، أعني ضعف قدرتنا على الفعل. أما إطلاق الأقوال والشعارات دون فعل يترجمها إلى أرض الواقع، فهو يضعف مواقفنا وينتهى بنا إلى عجز فاضح على كافة المستويات. وهو موقف أعلن الإسلام شدة بغضه له: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ .كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} سورة الصف: (2-3). وحذرنا منه نبينا صلى الله عليه وسلم في قوله : (سيكون في أمتي اختلاف وفرقة، قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل) صحيح أبي داود ٤٧٦٥.

كيف يبدأ التغيير؟

إن تحريك الفاعلية في شخصية الفرد المسلم هو حجر الزاوية في عملية التغيير الناهض، وهو حصيلة عناصر ثلاثة: (فكر – نية – فعل) فعبر الفكر يكون التخطيط، وخلال النية يوضع المشروع، ومن ثم تأتي خطوة الفعل لتنفيذ متطلبات المشروع، الانتقال من الفكر إلى الفعل يتم عبر (النية) كما جاء في الحديث المعروف: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى). فالنية هي مشروع الفعل وعلى قدر إخلاصها وصدقها تتحرك في اتجاه الفعل ذاته، ولنحذر من اعتقاد أن في الساحة من يكفي عن دورك، وأن غياب فعلك لن يؤثر في نهوض مجتمعك، فلنؤكد وجودنا بأفعالنا، ولنثبت حضورنا بإنجازاتنا ، حتى لا يقال فينا ما جاء في المثل: أسمع جَعْجَعَةً ولاَ أرَى طِحْناً!!

شاهد حلقة الفاعلية  لكاتب المقال على الرابط: https://youtu.be/Eq2nhIpRalM