علاقة الحب غريبة بين المليبار وأندونيسيا

بكل تأنٍّ، نجد كلمات أغنية مؤثّرة تنتاب مشاعرنا، تحمل في ثناياها سردًا تاريخيًّا لا يتجاوز حدود المستحيل. تنطوي هذه القصّة، المتداخلة مع أحداث التاريخ، على رابطٍ غريب يربط بين عائلتين، نابعًا من غياب وثيقة تاريخية واحدة.

قصص الأجداد

بواسطة إرادة الله ونعمته، نُدعى لاستعادة قصص أجدادنا. ولكن حين ينقطع خيط الحياة، ينغلق باب التاريخ. رحلةٌ تأخذنا إلى قلب إندونيسيا، أرض تمتدّ على نحو أربعة آلاف ميل. تتضمّن عددًا لا يُحصى من الجزر، بما في ذلك سومطرة وجاوة وبالي وكاليمانتان، كل منها بجاذبيته الفريدة. وبينما يسود أكبر جماعة مسلمة على وجه الأرض، يُسمع لسانهم بأثر من اللغة الملايوية، مربطًا العوالم البعيدة.زيّهم، كورقة من تراث كيرالا، يعكس هويتهم. ضمن هذه الأماكن، تتلوح أسماء جاكارتا وباندار وباتام، تلك هي الأدلّة على تراثهم.

أسباب الزواج المحلي

تنقلنا القصة عبر أعماق الزمن، إلى أعماق البحر حيث اندفع العديد من المواطنين لمصائرهم. وبعضهم توجه إلى أرخبيل إندونيسيا، ليبقوا هناك إلى الأبد. أما القلّة المختارة، فواجهت ظروفًا فريدة، فغادرت وطنها لفترة طويلة، متجهة نحو إندونيسيا. وفي تلك الفترة، كانت هناك أسباب خاصة لهذا، حيث لم يكن للأجانب مُسمَحًا بالإقامة الدائمة هناك. لتجاوز هذا العقب، توجه كثيرون نحو الزواج من الأسر المحلية. والذين اتبعوا هذا الطريق وجدوا أنفسهم مسموحًا لهم بالبقاء، تحت رعاية شريك الحياة.

وهكذا، جاء باركل أسن كوتى حاجى، في تلك الفترة، بعد أن طلب إذن الزواج في وطنه. وبموافقة زوجته، انطلق نحو زواج سريع في إندونيسيا. تحمل قصة حسن كوتي في وطننا أربعًا أو خمسًا مرات، ما بين إقامته في إندونيسيا لخمسة وخمسين عامًا. يُروى أنه عندما يزورنا، يبقى لمدة عام أو نصف عام فقط، غرابةٌ تتسامى.

خديجة، أحمد، وباتو يمثلون نسل الزواج الأصلي، بينما أبوبكر وعبد الله وفاطمة تحلوا بأنفسهم في إندونيسيا. ومع وصول الأخبار من بلدٍ إلى آخر، انفتحت القصة أمام العيون. بعد هجرته إلى إندونيسيا، رافق حسن كوتي ابنته الصغيرة خديجة. وبعد زواجها، الذي حدث عندما كان عمر طفلها عامًا ونصف، تبيّن أن العريس كان أوسنكيوتي ماستر، ابن أخيه.

قصة الرجل الذي قدّم حياته كتضحية في أندونيسيا

إنّ قصة هذا الرجل العادي، الذي قدّم حياته كتضحية في إندونيسيا ووطنه، لم تكتمل عند هذا الحد، بل انطلقت من جديد. بعد مرور أربعين عامًا على وفاة أوسانكوتي حاجي، التقى الأشقاء في إندونيسيا ووطنهما، وتواصلوا عبر سلسلة من الأحداث،
ُذكِّرنا بأفلام بوليوود. والحادثة الغريبة التي جرت في عام 2011 لا تترك أي شخص إلا وتذهله.

ولد في أسرة مشهورة في كدوتور، حيث قضى طفولته وشبابه كباقينا في أرض كدوتور. ولكنّ المصير قاده ليستريح على جزيرة تبعد آلاف الميل. قدر إلهي لم يتأثّر به. تظهر وصفات أبنائه أنه كان رجلاً ينثر الحب بكثرة في اللحظات النادرة التي التقى فيها.

لمن تحملهم المصاعب، يفهمون الوحدة والفصل التي فرضها الضرورة.”
“حسن كوتى حاجى” لم يقطع أبدًا روابط الحب مع وطنه، فقد بقيت الروح المحبة والعطاء حاضرة في كل رسالة نادرة تصلهم. رغم البُعد الجغرافي، تمتد الأيدي بين هؤلاء الأشخاص البعيدين حيث يرتبطون بالحب والوفاء.

بعد مضي أربع سنوات على رحيله، كانت عائلة عسنكوتي مختفية عن عائلة إندونيسيا. ومع البحث في سجلات والدهم القديمة لدعم أحد أبنائه في إندونيسيا، اكتشفوا عنوانًا يحمل الذكريات والتواصل النادر. وتجسيدًا لعواطفهم، قاموا بنشر عنوانهم على موقع فيسبوك في عام 2011، مُرفقًا بملاحظة تشير إلى رغبتهم في البحث عن جذورهم. وبهذه الخطوة، بدأت سلسلة من الأحداث العجيبة.

أربع سنوات بعد رحيل حسن كوتى حاجى

وبينما تكون المسافة عقبة، يُظهِر القدر غالبًا أن الأشياء البعيدة تكون أقرب إلى قلوبنا، حيث تُحاكي الحكاية الشائقة هذه تلك النظرية. فمرّت أربع سنوات بعد رحيل حسن كوتى حاجى، وبالرغم من البُعد الجسدي، تنبعث الروحانية المشتركة بين العائلتين.

عندما كانوا يبحثون في سجلات والدهم القديمة بحثًا عن دعم أحد أبنائهم في إندونيسيا، وجدوا عنوانًا قديمًا يتضمّن “Punathummal House، Kadavathur، Kerala، India”. فقرروا مشاركة عنوانهم على فيسبوك في عام 2011، مُرفقًا بملاحظة تبحث عن جذورهم. عملوا أيضًا على إرسال بطاقة بريدية إلى نفس العنوان.

البحث عن جذور العائلتين

في أحد الأيام، وبينما كان سريدهاران يبحث في سجلات والده القديمة بحثًا عن دعم أحد أبنائه في إندونيسيا، اكتشفوا عنوانًا قديمًا يتضمّن “Punathummal House، Kadavathur، Kerala، India”. فقرروا مشاركة عنوانهم على فيسبوك في عام 2011، مُرفقًا بملاحظة تبحث عن جذورهم. عملوا أيضًا على إرسال بطاقة بريدية إلى نفس العنوان.

لقاء العائلتين

ومن هنا بدأت العلاقة تستعيد حيويتها وتقرب القلوب. ومع تواصل الجهود، تم ترتيب لقاء بين سريدهاران وأوسان كوتي ماستر، والذي أُقيم في منزل كاريكوديان. بمجرد وصول أوسان كوتي ماستر، اتصلوا بعائلتهم في إندونيسيا باستخدام رقم الهاتف الموجود على البطاقة البريدية. وهكذا تم تحقيق هذا اللقاء العائلي النادر والغريب.

من خلال هذه اللقاءات والاجتماعات، تعاملت العائلة مع الجرح الزمني والمسافة الجغرافية. استمرت الروابط في التجدد والازدهار، حتى حان الوقت لزيارة أرض آبائهم وأجدادهم. في أجواء حافلة بالمشاعر والحب، زرعوا زهور الذكريات على قبر والدهم، حاملين معهم تلك الرسائل الباهتة والصور القديمة.

وهكذا، حاولوا بكل الوسائل الممكنة الحفاظ على هذه العلاقة الرائعة عبر الزمن والمكان، ولو كانت بطرقٍ غير تقليدية. حكاية تجمع بين أفراد يعيشون في عوالم مختلفة، وتجسد قوة الحب والروابط الأسرية التي تتحدى الزمن والمسافات.

فيديو مقال علاقة الحب غريبة بين المليبار وأندونيسيا

 

أضف تعليقك هنا