الأرض المباركة في القرآن الكريم

قال الله تعالى عن الأرض المباركة “فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ” ﴿القصص 30﴾ الْمُبَارَكَةِ: الْ اداة تعريف، مُبَارَكَةِ صفة، فلما أتى موسى النار ناداه الله من جانب الوادي الأيمن لموسى في البقعة المباركة من جانب الشجرة: أن يا موسى إني أنا الله رب العالين، وأن ألق عصاك، فألقاها موسى، فصارت حية تسعى، فلما رآها موسى تضطرب كأنها جانٌّ من الحيات ولَّى هاربًا منها، ولم يلتفت من الخوف، فناداه ربه: يا موسى أقبل إليَّ ولا تَخَفْ؛ إنك من الآمنين من كل مكروه،

أوّلُ بيتٍ وُضِع للناس 

و “إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ” ﴿آل عمران 96﴾ مباركا اسم، إن أول بيت بُني لعبادة الله في الأرض لهو بيت الله الحرام الذي في “مكة”، وهذا البيت مبارك تضاعف فيه الحسنات، وتتنزل فيه الرحمات، وفي استقباله في الصلاة، وقصده لأداء الحج والعمرة، صلاح وهداية للناس أجمعين، و “وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ۖ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ” ﴿الأعراف 137﴾

بَارَكْنَا: بَارَكْ فعل، نَا ضمير، وأررثنا بني إسرائيل الذين كانوا يُستَذَلُّون للخدمة، مشارق الأرض ومغاربها ﴿وهي بلاد “الشام”﴾ التي باركنا فيها، بإخراج الزروع والثمار والأنهار، وتمت كلمة ربك أيها الرسول الحسنى على بني إسرائيل بالتمكين لهم في الأرض؛ بسبب صبرهم على أذى فرعون وقومه، ودمَّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه من العمارات والمزارع، وما كانوا يبنون من الأبنية والقصور وغير ذلك، و “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” ﴿الإسراء 1﴾

معنى الأقصى

الْأَقْصَى: الْ اداة تعريف، أَقْصَا صفة، بصير صفة، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ: السميع لأقوال عباده البصير بهم، يمجِّد الله نفسه ويعظم شأنه، لقدرته على ما لا يقدر عليه أحد سواه، لا إله غيره، ولا رب سواه، فهو الذي أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وآله وسلم زمنًا من الليل بجسده وروحه، يقظة لا منامًا، من المسجد الحرام بـمكة إلى المسجد الأقصى بـ بيت المقدس الذي بارك الله حوله في الزروع والثمار وغير ذلك، وجعله محلا لكثير من الأنبياء، ليشاهد عجائب قدرة الله وأدلة وحدانيته، إن الله سبحانه وتعالى هو السميع لجميع الأصوات، البصير بكل مُبْصَر، فيعطي كُلا ما يستحقه في الدنيا والآخرة.

و “وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ” ﴿الأنبياء 71﴾ بَارَكْنَا: بَارَكْ فعل، نَا ضمير، ونجينا إبراهيم ولوطًا الذي آمن به من العراق، وأخرجناهما إلى أرض الشام التي باركنا فيها بكثرة الخيرات، وفيها أكثر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، و “وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ” ﴿الأنبياء 81﴾ وسخَّرنا لسليمان الريح شديدة الهبوب تحمله ومَن معه، تجري بأمره إلى أرض (بيت المقدس) بـ (الشام) التي باركنا فيها بالخيرات الكثيرة.

وقد أحاط علمنا بجميع الأشياء، و “وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلًا مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ” ﴿المؤمنون 29﴾ مبارك: اسم مفعول من البركة التي هي كثرة الخير و تزايده، مباركا اسم، وقل: رب يسِّر لي النزول المبارك الآمن، وأنت خير المنزلين، وفي هذا تعليم من الله عز وجل لعباده إذا نزلوا أن يقولوا هذا، و “وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ ۖ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ” ﴿سبإ 18﴾ القُرَى الَّتِي بَارَكْنَا حَوْلَهَا: وهي قرى الشام، وجعلنا بين أهل (سبأ) وهم (باليمن) والقرى التي باركنا فيها وهي (الشام) مُدنًا متصلة يُرى بعضها من بعض، وجعلنا السير فيها سيرًا مقدَّرًا من منزل إلى منزل لا مشقة فيه.

وقلنا لهم: سيروا في تلك القرى في أيِّ وقت شئتم من ليل أو نهار، آمنين لا تخافون عدوًّا، ولا جوعًا ولا عطشًا، و “وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ” ﴿فصلت 10﴾ وَبَارَكَ: وَبَارَكَ: وَ حرف عطف، بَارَكَ فعل، وَ حرف عطف، بَارَكَ فعل، وجعل سبحانه في الأرض جبالا ثوابت من فوقها، وبارك فيها فجعلها دائمة الخير لأهلها، وقدَّر فيها أرزاق أهلها من الغذاء، وما يصلحهم من المعاش في تمام أربعة أيام: يومان خلق فيهما الأرض، ويومان جعل فيها رواسي وقدر فيها أقواتها، سواء للسائلين أي: لمن أراد السؤال عن ذلك؛ ليعلمه.

معاني كلمة مبارك في القرآن

وردت كلمة مبارك ومشتقاتها في القرآن الكريم: مُبَارَكًا، مُبَارَكٌ، تَبَارَكَ، بَرَكَاتٍ، بَارَكْنَا، وَبَرَكَاتٍ، وَبَرَكَاتُهُ، فَتَبَارَكَ، مُبَارَكَةٍ، بُورِكَ، الْمُبَارَكَةِ، وَبَارَكْنَا، وَبَارَكَ، وَتَبَارَكَ. جاء في معاني القرآن الكريم: برك أصل البرك صدر البعير وإن استعمل في غيره، ويقال له: بركة، وبرك البعير: ألقى بركه، واعتبر منه معنى اللزوم، فقيل: ابتركوا في الحرب، أي: ثبتوا ولا زموا موضع الحرب، وبراكاء الحرب وبروكاؤها للمكان الذي يلزمه الأبطال، وابتركت الدابة: وقفت وقوفا كالبروك، وسمي محبس الماء بركة، والبركة: ثبوت الخير الإلهي في الشيء.

جاء في سورة الانبياء قوله تعالى “وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81) وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82)” (الأنبياء 78-82). داوود وسليمان عليهما السلام نبيان من انبياء الله عز وجل حيث داوود اب سليمان.

دخلت ماشية ليلا الى مزرعة وحصلت منازعة بين صاحب المزرعة وراعي الماشية. رفع النزاع الى الملك داود عليه السلام حاكم بني اسرائيل الذي شاور ابنه سليمان عليه السلام حول هذا النزاع، وتم الحكم بين صاحب المزرعة والراعي اعتمادا على رأي سليمان. وان الله جل جلاله اعطى كل من النبيين داود وسليمان عليهما السلام الحكمة والعلم. وسخر الله تعالى الجبال والطير لداود عليه السلام بأمره سبحانه، وعلمه عز وجل صناعة الدروع الحديدية ليتحصنون بها، فالشكر لله على ذلك. وسخر الله جل جلاله الريح لسليمان عليه السلام لتجري الى الارض المباركة مأوى سليمان، وسخر له الشياطين يغوصون له لاستخراج اللؤلؤ ويعملون له اعمال اخرى.

الأماكان الذي كلّم الله فيه موسى

البقعة المباركة، أو الوادي المقدس طوى، أو الوادي الأيمن، هي المكان الذي تكلّم فيه البارئ تعالى مع موسى عليه السلام واختاره نبياً. البقعة المباركة هي منطقة وأرض مباركة، وأشار إليها القرآن في بعض آياته، حيث يعد أكثر المفسرين إنّ هذه البقعة أصبحت مباركة؛ لأنّ الله سبحانه تكلّم مع موسى عليه السلام فيها، وبما أنّ هذا المكان كان مقدساً أمر الله موسى أن يخلع نعليه فيه. البقعة المباركة هي أرض مباركة، ومصطلح قرآني ذكر مرة واحدة في القرآن وتحديداً في آية 30 من سورة القصص.

طور سيناء

قال تعالى: “فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ”، فعندما توجه النبي موسى عليه السلام من مدين إلى مصر ليلاً لفت انتباهه نار من جانب طور سيناء، فذهب نحوها. أشار القرآن الكريم في عدّة مواضع إلى تكلّم الله مع موسى عليه السلام، ففي سورتي طه والنازعات ذُكر أنّ موسى سمع النداء الإلهي من “الوادى المقدس طوى”، وبما أنه مكان مقدّس أمر الله نبيه موسى بخلع نعليه. عدّ المفسّرون البقعة المباركة والوادي المقدّس طوى هو الوادي الأيمن نفسه، حيث يقع هذا المكان في جنوب صحراء سينا، وتحديداً يقع على الجانب الأيمن من جبل طور عند التوجه إلى مصر عن طريق مدين.

لماذا سُمّيت مكة بأمّ القرى؟

أمّ القرى مكة سميت أمّ القرى لأنها أول بقعة خلقها اللّه من الأرض لقوله: “إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً” (ال عمران 96). قال الله تعالى “إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ” (ال عمران 96) هو اول بيت وضع في الارض بني من قبل الملائكة عند مفسرين في مكة قبل نزول آدم عليه السلام. وهذا البيت اذا دخله احد حتى ولو كان قاتلا يصبح آمنا “وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا” (البقرة 125). المسجد الحرام و البيت الحرام و مكة:المسجد الحرام هو المسجد الذي يحيط بالكعبة الشريفة التي هي البيت الحرام، و هو أول بيت وضع للناس: “إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ” (ال عمران 96) و “فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً” (ال عمران 97). فاسم البيت اسم مبارك.

قال الله سبحانه وتعالى “إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ” (ال عمران 96) جاء في تفاسير ان البيت الحرام خلق قبل الارض ثم دحيت الارض تحته. والدحو هو مكان تبسطه النعام لتبيض فيه بدون عِش. ان عدد من المفسرين قالوا ان الارض خلقت بعد خلق السماء والبعض الاخر قالوا العكس. ودحا تأتي بمعنى تدحرج وقيل ان الارض تدحرجت الى منى ثم الى عرفات ثم رجعت الى مكة المكرمة. يطلق القدر في القرآن الكريم على معاني مختلفة منها تحديد مقدار الزمان والمكان”وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ” (سبأ 18)

أوّل من صلّى وتعبّد في المسجد الأقصى

ويروى ان اول ما صلى وتعبد في المسجد الاقصى آدم عليه السلام “وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ” (الانبياء 71) أي أنها مباركة قبل ابراهيم ولوط عليهما السلام. والمسجد الحرام له علاقة بالمسجد الاقصى قال الله تبارك وتعالى “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الاسراء 1). سأل أبو ذر رضوان الله عليه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: يا رسول الله أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ: (الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ) قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: (الْمَسْجِدُ الأَقْصَى) قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: (أَرْبَعُونَ سَنَةً). ذكرت المصادر أن النبي صلى الله عليه واله وسلم قد أسري به من المسجد الحرام في الوقت الذي كان الإسراء فيه من دار أم هاني في داخل مكة.

جاء في الموسوعة الحرة ويكبيديا عن الأراضي المقدسة: أو الديار المقدسة هو مصطلح مستخدم في الديانتين المسيحية واليهودية للإشارة إلى الأماكن المقدسة في فلسطين وخاصًة القدس وبيت لحم والناصرة، ولكن أيضًا كثيرًا ما يستخدم تاريخيًا اسم كنعان للإشارة إلى الشام ككل. في الإسلام، مصطلح الأراضي المقدسة لا يشير بالضرورة إلى الشام، وإنما إلى الحجاز الذي يضم المدينتين المقدستين مكة والمدينة. المصطلح تقليديًا، هو مرادف لكل من أرض إسرائيل التوراتية وفلسطين التاريخية. ويشير المصطلح عادةً إلى إقليم مطابق تقريبًا لدولة إسرائيل الحديثة والأراضي الفلسطينية وغرب الأردن وأجزاء من جنوب لبنان وجنوب غرب سوريا. تعتبر هذه المناطق مقدسة لكل من اليهود والمسيحيين والمسلمين. جزء من أهمية الأرض ينبع من الأهمية الدينية للقدس، فهي أقدس مدينة في الديانة اليهودية، وهي المنطقة التاريخية لرسالة يسوع، وموقع الإسراء والمعراج في الدين الإسلامي. كانت قداسة الأرض بالنسبة لأتباع الديانة المسيحية جزءًا من دوافع الحملات الصليبية المعلنة، حيث سعى المسيحيون الأوروبيون إلى استعادة الأرض المقدسة من المسلمين، والذين كانوا قد احتلوها من الإمبراطورية البيزنطية المسيحية.

ولطالما كانت العديد من المواقع في الأراضي المقدسة وجهات حج لأتباع الديانات الإبراهيمية، بما في ذلك اليهود والمسيحيون والمسلمون والبهائيون. يزور الحجاج الأرض المقدسة للمس ورؤية المظاهر المادية لإيمانهم، وتأكيد معتقداتهم في السياق المقدس مع الإثارة الجماعية، والإتصال الشخصي بالأرض المقدسة. يذكر مصطلح الأرض المقدسة في القرآن في مقطع فيه يعلن موسى يعلن لبنو إسرائيل “يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ” (المائدة 21)، ويشير القرآن أيضاً إلى هذه الأرض بأنها (مُباركة).

الأهمية الدينية للقدس

القدس هي ثالث أقدس الأماكن عند المسلمين بعد مكة والمدينة المنورة، وكانت تمثّل قبلة الصلاة الإسلامية طيلة ما يُقارب من سنة، قبل أن تتحول القبلة إلى الكعبة في مكة. وقد أصبحت القدس مدينة ذات أهميّة دينية عند المسلمين بعد أن أسرى الملاك جبريل بالنبي محمد إليها، وفق المعتقد الإسلامي، قرابة سنة 620 حيث عرج من الصخرة المقدسة إلى السموات العلى حيث قابل جميع الأنبياء والرسل الذين سبقوه وتلقّى من الله تعاليم الصلاة وكيفية أدائها.

تنص سورة الإسراء أن محمدًا أُسري به من المسجد الحرام إلى “المسجد الأقصى”: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الاسراء 1) وقد أجمع المفسرون على أن المقصود بالمسجد الأقصى مدينة القدس ذاتها، وسُميت الأقصى لبعد المسافة بينها وبين المسجد الحرام، إذ لم يكن حين إذن فيها المسجد الأقصى الحالي. يقع اليوم معلمين إسلاميين في الموقع الذي عرج منه محمد إلى السماء، وهما قبة الصخرة التي تحوي الصخرة المقدسة، والمسجد الأقصى الذي بُني خلال العهد الأموي.

ومما يجعل من القدس مدينة مهمة في الإسلام أيضًا، أن عددًا كبيرًا من الأنبياء والصالحين الذين يتشارك المسلمون وأهل الكتاب عمومًا بالإيمان بهم، مع اختلاف النظرة إليهم، حيث يعتبر المسلمون واليهود أن عدد منهم أنبياء أو رسل بينما ينظر المسيحيون إليهم بصفتهم قديسين، قطنوا المدينة عبر التاريخ أو عبروها، ومنهم داود وسليمان وزكريا ويحيى والمسيح عيسى بن مريم، وكذلك لذكر المدينة في القرآن بأنها وما حولها أراض مباركة شكّلت قبلة للأنبياء ومهبطًا للملائكة والوحي وأن الناس يُحشرون فيها يوم القيامة.

ما خصائص بيت المقدس والأرض المقدسة؟

جاء في موقع الألوكة عن ورقات حول الأرض المقدسة: ما خصائص بيت المقدس والأرض المقدسة؟ للكاتب رضوان سعداوي: المسجد الأقصى هو أولَى القبلتين، ثاني مسجد وُضع للعبادة في الأرض، وثالث الحرمين الشريفين. فلسطين وبيت المقدس كلاهما معظَّم، مقدَّس، مبارك. الأرض المقدسة وبيت المقدس مُهاجَر الأنبياء ومقرهم. المسجد الأقصى مسجد مبارك، وكل ما حوله مبارك. الصلاة في المسجد الأقصى تعدل 500 صلاة فيما سواه غير الحرمين الشريفين. المسجد الأقصى المبارك مسرى النبي عليه الصلاة والسلام. المسجد الأقصى هو ثاني مسجد وُضع في الأرض. المسجد الأقصى من المساجد الثلاثة التي لا تُشَدُّ الرحال إلا إليها.

المسجد الأقصى هو أُولى القبلتين للمسلمين

أن موسى عليه السلام سأل ربه عند احتضاره أن يقربه من الأرض المقدسة. هلاك يأجوج ومأجوج ببيت المقدس. المسجد الأقصى هو أولى القبلتين للمسلمين، ثاني مسجد وُضع للعبادة في الأرض، وثالث الحرمين: قال تعالى حاكيًا عن هذا الأمر قبل تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام: “وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ” (البقرة 143-144).

المسجد الأقصى وفلسطين، كلاهما معظم من لدن الرب عز وجل، مقدس، مبارك: قال تعالى على لسان كليمه موسى عليه السلام: “يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ” (المائدة 21). قال سبحانه وتعالى: “وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ” (الانبياء 71). قال جل شأنه: “وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ” (الانبياء 81). قال عز وجل: “وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ” (سبأ 18).

مكوث بني إسرائيل في مصر

جاء في موقع الدكتور منصور العبادي: يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة: مكث بني إسرائيل في مصر ما يقرب من ثلاثمائة سنة وكانوا معززين مكرمين في زمن حكم يوسف عليه السلام ولكن بعد موته بدأ المصريون يضيقون بهم ذرعا ومن ثم بدأوا باستعبادهم وتعذيبهم وقتل أبنائهم واستحياء نسائهن كما جاء في قوله تعالى “وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ” (الأعراف 141).

لقد أنجى الله عز وجل بني إسرائيل من بطش فرعون مصر بقيادة موسى وهارون عليهما السلام وأهلك فرعون وجنوده في البحر والذي شقه الله عز وجل ليعبر منه بني إسرائيل سالمين كما جاء في قوله تعالى “وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ” (يونس 90). وبعد عبور بني إسرائيل بحر خليج السويس وربما خليج العقبة أمرهم موسى عليه السلام بالتوجه إلى فلسطين لقتال الجبابرة (الكنعانيون) الذين كانوا يعيشون فيها كما جاء في قوله تعالى “يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ” (المائدة 21).

ولكنهم رفضوا أمر موسى عليه عليه السلام وطلبوا منه أن يذهب هو وربه لقتال الجبابرة وأنهم سيدخلونها بعد أن يخرجوا منها كما جاء في قوله تعالى “قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ” (المائدة 22) وقوله تعالى “قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ” (المائدة 24). وبسبب هذا العناد فقد حرم الله عز وجل عليهم دخول الأرض المقدسة أربعين عاما وكتب عليهم التيه فانتقلوا من سيناء إلى شمال الجزيرة العربية وجنوب الأردن كما جاء في قوله تعالى “قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ” (المائدة 26) وكما جاء في سفر العدد الإصحاح 32 (فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ وَأَتَاهَهُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، حَتَّى فَنِيَ كُلُّ الْجِيلِ الَّذِي فَعَلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ).

انتهاء فترة التيه

وعند إنتهاء فترة التيه سار عليه السلام بجيل جديد نحو الأرض المقدسة وعند وصوله مدينة مادبا وقف على جبل نيبو الذي يقع في الشمال الغربي منها حيث يمكن مشاهدة أريحا والبحر الميت وبيت المقدس وما حوله بكل وضوح. ولقد كتب الله عز وجل الموت على موسى عليه السلام قبل أن يدخل الأرض المقدسة مع قومه فقد روى البخاري في صحيحه فقال: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: فسأل (موسى) الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر).

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر). وفي الحديث الذي رواه النسائي في السنن الكبرى قال: (عَنْ أَنَس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتيت ليلة أسري بي على موسى عِنْدَ الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره).

فيديو قال الأرض المباركة في القرآن الكريم

 

أضف تعليقك هنا